إعداد: فريق #ليبيا_تريبيون – يونيو 2025

***

في تقرير تحليلي جديد صادر عن منصة ”ريدل“ الدولية، أُميط اللثام عن ملامح صراع خفي داخل بيت القيادة العامة في شرق ليبيا.

عنوان الصراع الرئيسي: التوريث السياسي والعسكري في عهدة أبناء خليفة حفتر.

التقرير الذي يتزامن مع تصاعد التوترات الأمنية في العاصمة طرابلس، يسلّط الضوء على ما أسماه بـ”الاختبار الصعب” لمستقبل التحالفات الدولية والداخلية في ليبيا، وفي مقدمتها الرهان الروسي على بقاء المعادلة مستقرة في شرق البلاد.

 طرابلس تشتعل… والشرق يترقب اللحظة

بحسب التقرير، مثّلت وفاة عبد الغني الككلي (غنيوة) نقطة تحول دراماتيكية في العاصمة، حيث اندلعت اشتباكات دامية بين جهاز دعم الاستقرار واللواء 444، في مشهد يُعيد إلى الأذهان طبيعة التوازن الهش داخل طرابلس، ويُبرز هشاشة هيمنة حكومة الدبيبة.

لكن بينما تنشغل الفصائل الغربية في صراعاتها، رصدت منصة ”ريدل“ تحركات ميدانية مدروسة لقوات حفتر من الشرق نحو سرت، في ما اعتُبر استعدادًا لاستثمار الفوضى غربًا والتقدم العسكري حال انكسار أي من القوى المسلحة في العاصمة.

 أبناء حفتر: توزيع النفوذ أم قنبلة موقوتة؟

النقطة الأخطر في التقرير لم تكن في تحركات الشرق نحو الغرب، بل في الداخل “الهادئ ظاهريًا” داخل بنغازي. حيث كشف التقرير أن صدام حفتر يُشرف على قوات “لواء طارق بن زياد” المتهم بارتكاب انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، فيما يدير شقيقه خالد حفتر لواء “106إلى جانب ملفات لوجستية ذات صلة بالتعاون الروسي.

وبينما تسوّق القيادة العامة صورة “التكامل بين الإخوة”، يرى مراقبون أن هذا التوزيع يُخفي صراعًا مستقبليًا على وراثة السلطة والنفوذ، قد ينفجر فور غياب الأب، البالغ من العمر 81 عامًا، والذي لا يزال حتى الآن يحتفظ بزمام التوازن بين أبنائه ودوائر القوة القبلية والعسكرية المحيطة به.

 موسكو تراقب … ولكن بحذر

زيارة حفتر الأب إلى موسكو ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين ووزير الدفاع الروسي الجديد أندريه بيلوسوف، تم تفسيرها في سياق سعي روسي لإعادة تشكيل الشراكة الاستراتيجية مع الشرق الليبي، خصوصًا بعد إحلال “الفيلق الأفريقي” التابع لوزارة الدفاع الروسية مكان مجموعة فاغنر المنحلة.

إلا أن موسكو – وفق تقرير ”ريدل“ – تتردد في الانخراط الكامل مع القيادة الحالية بسبب غياب رؤية واضحة لما بعد حفتر.

فالقنصلية الروسية لم تُفتح بعد في بنغازي، رغم التواجد العسكري المتزايد، كما أن السفارة لا تزال محصورة في طرابلس، في دلالة على حذر روسي من إعلان انحياز كامل في مشهد لا يزال ضبابيًا.

 اقتصاد التهريب: النفط الحقيقي للصراع

وفي زاوية لا تقل أهمية، ربط التقرير بين تصاعد الاقتصاد الموازي في شرق ليبيا، القائم على التهريب وغسل الأموال، وبين أدوات السلطة والنفوذ التي يتقاسمها الورثة المحتملون لحفتر.

فشبكات المصالح تمتد من المعابر إلى شركات الاستيراد، وتمتد أذرعها إلى كيانات أمنية واقتصادية توفر الغطاء لتوسيع سيطرة صدام وخالد.

وبينما يبدو أن هذه الأنشطة تُدار بتواطؤ إقليمي وصمت دولي، يرى محللو ”ريدل“ أن غياب المعالجة الجذرية لهذا النموذج الاقتصادي سيُحوّل الشرق الليبي إلى نسخة جديدة من أمراء الحرب، تحت غطاء المؤسسة العسكرية.

 خلاصة: فخ التوريث الروسي

تُحذّر المنصة من مغبة مراهنة موسكو على استقرار شكلي في شرق ليبيا، خصوصًا إذا تم غضّ الطرف عن المؤشرات الداخلية المتفجرة.

فالتجربة السورية – بحسب التقرير – أثبتت أن التمكين لأجنحة عائلية منقسمة دون مؤسسات رادعة، يؤدي إلى تفكك تدريجي، تستثمر فيه أطراف إقليمية أخرى بسرعة.

إذاً، فالرهان الروسي – كما يقول التقرير – سيتوقف على قدرة الورثة على تجاوز الصراع الشخصي والقبلي، وبناء مشروع قيادة جماعي يضمن السيطرة الفعلية لا الشكلية.

وإلا، فإن الانفجار لن يُبقي في بنغازي حجرًا على حجر، وقد تجد موسكو نفسها في مواجهة نسخة جديدة من “درعا” أو “طرابلس الغربية”، لكن هذه المرة في عقر دارها الليبي.

_______________

مقالات