ومن التغيير بالقوة إلى أسلوب العمل السلمي

علي رمضان ابوزعكوك

بالدعوة والسعي، من خلال الشعب الليبي بكافة فئاته، إلى إقامة نظام حكموطني ديمقراطي دستوري يستلهم عقيدة هذا الشعب وقيمه، وتاريخه، وتراثه الحضاري، يتحقق من خلاله ما يلي:

1. حماية كافة الحرمات والمقدسات، وكفالة كافة الحريات لجميع المواطنين مع التأكيد على تأصيل قيم الحق والعدل في المجتمع وترسيخ الممارسات والتقاليد الديمقراطية فيه.

2. توظيف كافة الإمكانيات البشرية والمادية المتاحة بالبلاد توظيفاً شاملاً وراشداً ومتطوراً، ويعود بالخير على كافة أبناء ليبيا وعلى جيرانها وعلى أشقائها وعلى البشرية جمعاء.

3. العمل على إزالة كل ما علق بوجه ليبيا في الخارج من تشويه خلال حكم القذافي، والحرص على إقامة علاقات متينة، وبناءة مع كافة الدول المجاورة لليبيا ومع بقية الدول الشقيقة والصديقة على أسس من الإحترام المتبادل.

إن هذه الجبهة هي لكل أبناء الشعب الليبي على اختلاف أجيالهم وفئاتهم (وتوجهاتهم).. وإننا على يقين بإذن الله بأنهم سوف يجدون في برامج عملها ونضالهاما يجسد أمانيهم، ويحفز همهم، ويستوعب طاقاتهم وإمكانياتهم في العطاء والبذل والتضحية من أجل قضية بلادهم الكبرى.

إن العمل الذي تقوم به هذه الجبهة هو إمتداد لكل الجهود والتضحيات التي قدمها شعبنا الليبي داخل ليبيا وخارجها من أجل التخلص من حكم القذافي منذ عرف حقيقته، وبالتالي فإن هذا العمل هو أكبر من أن يوصف بـالمعارضة“.. إنه حركة إنقاذ وتحريرلليبيا من حكم القذافي الهمجي الإجرامي“.. ومن مقتضيات هذا الفهم لطبيعة عمل هذه الجبهة أن يلتزم الذين يتقدمون للاضطلاع بأعباء هذا العمل بكل صفات الإلتزام الأخلاقي والوطني من وعي وصدق وتجرد ومصابرة ومثابرة وإصرار واستعداد للبذل والعطاء والتضحية

وفي الوقت الذي تؤمن فيه الجبهة بأن معركة الشعب الليبي مع حكم القذافي هي معركة تخص الليبيين بالدرجة الأساسية، وبأنهم قادرون بعون الله على الخروج منها ظافرين، لتتوقع من كل دول العالم وفي مقدمتها الدول الشقيقة

والجارة أن تقف الموقف الأخلاقي والسياسي المناسب في مواجهة حكم القذافي الذي باتت ممارساته في العلاقات الدولية تمثل أحط قاع يمكن أن تبلغه تلك العلاقات، كما أصبحت تلك الممارسات تهدد الأسرة الدولية بمزيد من أسباب الحروب والاضطرابات والفتن.

ولا يفوت الجبهة أن تسجل امتنانها وإكبارها لكل الدول الشقيقة والصديقة التي لم تتردد في مواجهة حكم الذقافي وممارساته الإجرامية وفي تقديم كل سبل الرعاية والحماية الممكنة للمواطنين والمناضلين من أبناء هذا الشعب.

كذلك فإن هذه الجبهة لتتوقع من الدول والهيئات وأجهزة الإعلام التي وقفت موقف المساندة والتواطؤمع حكم القذافي أن تكف عن هذا الموقف خدمة لمصالحها ذاتها.

وفي الختام فإن الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا لعلى يقين كامل بأن شعبنا الليبي الأصيل الذي لم يتردد في تقديم نصف أبنائه في معركته الظافرة مع الاستعمار الايطالي الغازي لن يتردد مرة أخرى في خوض غمار معركته الجديدة مع الاستبداد والطغيان القذافي بكل ما تتطلبه من تضحيات استكمالاً لإنتصاره في معركته الأولى.

ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

:المبادئ والمنطلقات الأساسية للجبهة

لابدّ لنا بدايةً من تمثُّل ظرف النشأة: فقد كانت الحقبة التي شهدت انطلاقة الجبهة من أشد الحقب حلكة في تاريخ ليبيا تحت حكم القذافي القمعي المستبد. وفي تلك المرحلة الزمنية كان القذافي قد أعلن بأن)التصفية الجسدية) هي المرحلة النهائية في صراعه مع أعدائه.

ففي هذه الظروف الحالكة السواد، والمليئة بالظلم والرعب والخوف، انطلقت أصوات المعارضة الليبية في خارج ليبيا، بعد أن سُدّت في وجهها سبُل التعبير المباشر في الداخل، وفي ظل هذه الظروف جاء الإعلان عن تأسيس الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، لتكون إضافة نوعية لحركة معارضة الليبيين لنظام القذافي.

كانت الاختيارات التي اختارتها الجبهة منذ تأسيسها، اختيارات صعبة، ولكنها مثلت اجتهادا جديدا، يتوافق مع متطلبات القضية الوطنية:

فقد تميزت الجبهة بطرح قيادات بأسماء معلنة ومعروفة، في وقت كانت أجهزة القذافي تظن أنها قد أخافت المعارضين في داخل ليبيا وخارجها، خصوصا بعد حملات الاغتيال التي نفذتها. وكانت تظن بأنها جعلت الليبيين يتجنبون الالتقاء ببعضهم. فأعاد هذا الاختيار الثقة إلى ساحة المعارضة، ودفع أعدادا هائلة من الليبيين للالتفاف والانضمام للجبهة.

كما حدّدت الجبهة أهدافها بكل وضوح، وصاغت هذه الأهداف لترتبط بأهداف الشعب الليبي:

الهدف الأول: كان ينص على حشد طاقات الشعب الليبي في الداخل والخارج، في برنامج عمل يهدف إلى الإطاحة بحكم العقيد معمر القذافي.

الهدف الثاني: كان مطلب النظام الدستوري الديمقراطي، والمرجعية في ذلك للشعب الليبي من خلال ممثليه المنتخبين في جمعية وطنية تأسيسية. والاستفتاء الشعبي.

وقد طرحت الجبهة مفاهيم ومنطلقاتأساسية:

أولها: أن يكون اللقاء في الجبهة على أساس وطني، لقاء يتجاوز الانتماءات الحزبية وغيرها من الانتماءات، حتى تتاح الفرصة للالتقاء في المجهود النضالي على أساس هوية المواطنة الليبية.

ثانيها: تكامل العمل الوطني. أي أن كل الجهود الوطنية التي بذلتها قوى الشعب الليبي، تشكِّل حلقات متعددة في سلسلة النضال الوطني. ومن هنا فإن الجبهة حرصت على أن تؤكد في أكثر من مناسبة أنها صيغة من صيغ العمل الوطني وليست الصيغة الوحيدة، وراية من الرايات وليست الراية الوحيدة، وفيلقاً من الفيالق وليس الفيلق الوحيد. هذا المفهوم يمكِّن من الاستفادة من التجارب، بما يؤدي إلى تراكم الخبرة وعدم تكرار الأخطاء.

ثالثها: شعبية العمل الوطني، فهو ليس عمل مقصور على الصفوة أو النخبة، ولكنه متاح لجميع الراغبين من الليبيين على اختلاف مشاربهم وقدراتهم، وإعمالاً لهذا المنطلق، اختارت الجبهة أسلوب التيار الشعبي العريض أساساً لتنظيمها، فهي جبهة أفراد وليست جبهة تنظيمات.

رابعها: طرحت الجبهة برامج نضالية، واختارت أن تكون هذه البرامج شاملة لجميع أوجه القضية الوطنية، فكانت البرامج تشمل المجال السياسي والإعلامي والعسكري والاجتماعي والتنظيمي. و تعتمد مجمل فعاليات هذا البرنامج على الكلمة والبندقية، والحُجَّة والحركة، والعرق والدم والجهد والمال.

ودعت أعضاءها إلى المشاركة في هذا البرنامج النضالي، كلٌُّ بما في جهده واستطاعته.
إن تفعيل ما سلف من أهداف أفرز عدة أمور متميّزة على صعيد مسيرة النضال الوطني:

الحضور الإعلامي المكثَّف، عبر البرامج الإذاعية الموجهة (صوت الشعب الليبي، صوت الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، ومجلة الإنقاذ، وبقية اصدارات ومطبوعات الجبهة المقروءة والمسموعة والمرئية.

الحضور السياسي المتواصل في شتى عواصم العالم ولدى المنظمات الدولية والإقليمية ولدى الهيئات المعنية بحقوق الإنسان، وفي وسائل الإعلام العربية والأجنبية.

العمل الفدائي الذي قام بعملية مايو سنة 1984م. بقيادة أحمد أحواس ومجموعة من عناصر الجبهة التي تدربت عسكريا، التي استهدفت القضاء على القذافي داخل ثكنته في معسكر باب العزيزية بطرابلس.

ثم استنفار سنة 1985م. الذي شارك فيه معظم أبناء الجبهة المقيمين بالخارج، والذي ارتبط بعمل فدائي كانت تخطط للقيام به عناصر داخل البلاد بالتعاون مع الجبهة.

وقد استطاعت الجبهة أن تصبح العمود الفقري لحركة المعارضة الليبية ضد نظام القذافي، وقد تميزت بانضمام آلاف الليبيين من الداخل والخارج إلى صفوفها أو من الداعمين لخطها.

وبالرغم من محاولات الحركات المعارضة الأخرى اليسارية والبعثية والقومية تجميع قواها لتكون منافسا لحركة الجبهة إلا أنها لم تستطع أن تنافس الجبهة وكوادرها سواء في انتخابات اتحاد الطلبة أو في الحركة النسائية الليبية أو في مجال المؤسسات المهنية.

يتبع

_____________

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *