بقلم الشهيد أحمد ابراهيم احواس

إنّ أخطر مهمّة وأصعبها فِي الحيَاة هي قيادة البشر بفاعليّة ونجاح.. وإذا كانت جميع الأعمال العامّة صغيرها وكبيرها تتطلب جهداً مُنضماً لإنجازها، ولا يمكن تنظيم هَذا إلاّ بقيادة قادرة على إدراك الأهداف البعيدة والقريبّة ومُتطلبات ذلك الجهد، فإن الجزء الأكبر مِن النجاح يتوقف على قدرة القيادة وكفاءتها.

لا أريد أن أطيل المُقدِّمَة..

فكلنا يدرك مدى أهميّة وخطورة مَا نحن مقدمون عليه مِن عمل، ومَا تكتنف هَذا العمل مِن صعوبات، ومَا يتطلبه مِن تضحيّات، ومَا تحف به مِن مخاطر.. وإذا أردنا أن نجسد بكلّ جديّة مَا نطرحه مِن شعارات حول (الدّيمقراطيّةوالتي تعني فِي فهمنا الاختيار الحرَّ والمشاركة الشّعبيّة فِي تحمّل المسؤوليّات، فإنّه يتوجب علينا التأكيد على معاني الحريّة والشجاعة الأدبيّة واحترام الرّأي الآخر مع الفهم التّام لطبيعة المرحلة التي نمر بها وبمعطياتها الحقيقيّة.

كمَا أن المعرفة الواسعة بطبيعة النَّاس الّذِين نتحرَّك بينهم، وفهم مستوياتهم الثقافيّة والفكريّة، ومَا يحيط بهم مِن ظروف سياسيّة واجتماعيّة، أمر فِي غايّة الأهميّة والضرورة، ومِن المقومات الأساسيّة للنجاح.

وإذا نظرنا إِلى واقع إحدى ساحات العمل الوطنيّ التي نعمل فيها، نستطيع أن نؤكد أن المستوى الثقافي للّيبيّين عال فِي عمومه، ولكن مستوى الوعي السّياسي فِي واقع الأمر لا يتناسب معه.

وذلك راجع لأسباب لا نريد الخوض فيها الآن، إلاّ أنه يتحتم علينا أن نجد التوازن المطلوب فِي طريقة تعاملنا وتحركنا فِي هَذه السّاحة، حتَّى نعوّض النقص فِي الوعي السّياسي دون الوقوع فِي أحد المحاذير المحيطة بالقيادة، والتي منها الاستبداد بالرَّأي، أو الغرور، أو التقليل مِن أهميّة الآخرين ودورهم، أو أن يتفرق مِن حولنا النَّاس.

وإذا نظرنا مِن زاوية أخرى إِلى هذه الساحة نجد أن فيها الكثير مِن الأفراد الّذِين يرتبطون بشكل أو بآخر بفصائل المُعارضة المتعددة إلاّ أن الغالبية لا تنتمي لأيَّ مجموعة بل أنها مهتمة بالعملِ الوطنيّ مِن خلال متابعة الأخبار عَن بُعد.. ولذا فإنّ مسؤوليّة تحرَّيك الجميع، كبيرة وتتطلب جهداً خاصّاً، ويتوقف نجاحنا فِي ذلك على الأسلوب الّذِي نتبعه حيال هؤلاء جميعاً..

إنّ مِن (الغباءمُمارسة القيادة بحيث يعامل الجميع بتطابق كامل.. بمعنى أن الاختلافات الأساسيّة بين النَّاس فِي الفهم والإدراك والاهتمامات، وفِي الجوانب النفسيّة والمعنويّة، وفِي القدرات والاستعدادات، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التعامل مع البشر مِن موقع المسؤوليّة.. كبرت أم صغرت هذه المسؤوليّة، مع الحذر الشديد فِي ذلك حتَّى لا ننسى مقتضيات العدل والإنصاف فتخرج بذلك – لا قدر الله – عَن الطريق السوي، لا شكّ إنّ التوازن بين الأمرين صعب للغايّة، ولذلك فإنَّ القيادة بالمفهوم الصحيح مسؤوليّة عظيمة وأمانة كبرى نسأل الله تعالى أن يُعين مَنْ يُكلف بها، وأن يثبّته كي لا ينحرف إِلى أحد النقيضين:

التفريط أو الإفراطولكي تنجح في مسؤوليتك القياديّة عليك أن تستمع جيداً قبل أن تتحدث.. فالإستماع لمَنْ معك يزيدك معرفة بهم وبآرائهم، ويعينك على فهم مواقفهم ووجهات نظرهم فهماً دقيقاًكمَا عليك أن تكون قادراً على تكييف رأيك معهم إِلى أقصى حدٍ ممكن، وتأكد بأن حماسهم يكون أكثر لأيَّ صيغة يطرحونها مَا لم تكن قادراً على إقناعهم قناعة تامّة بسواها.

إن القائد الناجح هُو الّذِي يستطع اكتشاف طرق أكثر للتعامل مع مَنْ يقود، تكون كلها مقبولة ومحققة للغايّة التي يستهدفها الجميع. * راع الحالة النفسيّة لزملائك، وتودد إليهم، وأعطهم مِن حبك وتقديرك ووقتك أكثر مَا يمكن.. تجدهم معك بنفس القدر. * لا تقوّم زملائك بآراء الآخرين فيهم.. وأبحث عَن مواطن اللقاء بين زملائك لتنميتها، وابتعد عَن مواطن الخلاف معهم وبينهم.. وتجاوز عَن الهفوات تتوطد الثقة بينكم. * عالج القصور بحكمة وبطريقة لا تترتب عليها سلبيات.

هذه بعض الأمور التي رأيت معالجتها من خلال ملاحظّات واقعيّة مكتفياً بهذا القدر الّذِي لا يسمح المقام بأكثر منه.

______________

المصدرمجلة الإنقاذ

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *