د. الكوني عبودة

يجد القاضى نفسه أحيانا أمام نزاع يجمع طرفين يطالب أحدهما بحق سبق الفصل فيه بحكم نهائى مقدم ضمن حافظة مستندات المدعى !

ويسهو المدعى عليه أو يجهلأو يتواطأ ممثلهالتمسك بسبق الفصل فى الدعوى بين الطرفين وفى ذات الموضوع ، وكما هو معلوم أن هكذا دفع يعد فى نظر المشرع من الدفوع التى تتعلق بالمصلحة الخاصة ولا يملك القاضى أن يثيره من تلقاء نفسه !

فماذا يفعل القاضى؟

بعض القوانين لم تكتف بمعالجة الفرضية المطروحة بشكل صحيح بمنح القاضى صلاحية الحكم بسبق الفصل بمبادرة منه متى علم بذلك من ظروف وملابسات القضية.

هكذا صلاحية ليست مقررة فى المسائل غير الجنائية فى ليبيا.

لهذا فإن القاضى قد يتصور أن المخرج الوحيد هو الحكم للمدعى بما طلب ، وليتحمل المدعى علية نتائج تقصيره أوجهله أو سؤ إختياره لوكيله ! إلا أن هذا لا يرضى العدالة ولا القانون ، والقاضى، بحكم يمينه عند تسلم ولايته، مطالب بإحترامهما!

بل إن دراسة الباب الخاص بإجراءات الآثبات فى قانون المرافعات تجعل الآستجابة لطلب المدعى فى المسألة المثارة وما على شاكلتها غير مبررة . فالقاضى يتمتع بدور إيجابى ملحوظ لعل من سماته أنه من يسهر على حسن سير الخصومة وأنه يملك إدخال من له علاقة بموضوعها أو مستنداتها من تلقاء نفسه ، كما يملك دعوة الخصم لإستجوابه الخ .

وعلى آفتراص أن من لم يتمسك بالدفع هنا هو المحامى أو عضو إدارة القضايا فإن القاضى يمكنه أن يستوضح من المدعى عليه الموكل أو الجهة العامة وبذلك يمكنه مناقشة الطلب غير المبرر بحسب الظاهر : المطالبة بحق سبق الفصل فيه !

وهذا النهج أقل صعوبة من حيث التسبيب وإلآقناع من نهج آخر تبنته محكمة التعقيب التونسية فى شأن طعن رفعه صاحب حق مؤكد ولكن بعد الميعاد فقبلته تأسيسا على قاعدة الاسلام دين الدولة والآية المشار اليها فى العنوان .

نعم هذا النهج يتعارض مع التفسير الذى أعطته محكمتنا العليا لقاعدة الشريعة مصدر رئيس للتشريعبحسبانها موجهة للمشرع ، ولكنه النهج الذى يمنع التحايل ويبطل الغش نحو القانون ويحمى القاضى من الوقوع فى الضلال وبه يتفادى القاضى أيضا عبادة التفسير الحرفى للقانون !

____________

المصدر: صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات