عقب أشهر من الجدل حول القاعدة العسكرية التي يقال إن روسيا تطمح لإنشائها في ليبيا، رد السفير الروسي لدى ليبيا، حيدر أغانين، على هذه التقارير التي أسماها بالإعلامية الغربية، موضحًا أن دور موسكو في المشهد الليبي يهدف إلى إنهاء الأحادية القطبية.
وقال في تصريح لقناة آر تي الروسية، الخميس: “ليست لدينا نية لتأسيس أي قاعدة عسكرية دائمة في ليبيا، نحن نتعاون فقط مع الجيش الوطني الليبي”.
وأوضح الدبلوماسي أن الدور الروسي يهدف إلى تعزيز العلاقات مع كل الأطراف السياسية في ليبيا دون استثناء مع الارتقاء بعلاقات التعاون مع الجميع في مختلف المجالات لتحقيق الاستقرار المنشود.
ويأتي ذلك بعد تقاطع مخاوف مسؤولي العديد من العواصم الأوروبية مع نظرائهم الأمريكيين تجاه خطر التمدد الروسي في ليبيا.
حيث وقبل أيام، حذر قائد قيادة العمليات في الجيش الألماني، بيرند شوت، لوكالة الأنباء الألمانية، أخيراً من النفوذ العسكري الروسي المتزايد في عدة دول من القارة السمراء، من بينها ليبيا.
وقال القائد في الجيش الألماني إن موسكو تسعى إلى قلب الوضع في المنطقة لصالحها، مستغلة حالة الفراغ التي تعاني منها العديد من الدول الإفريقية، مؤكدًا تمكن روسيا من إزاحة النفوذ الذي كانت تتمتع به بعض الدول الأوروبية في إفريقيا.
في المقابل، تؤكد روسيا دعمها لسيادة ليبيا، والمساهمة في دفع عمليات التسوية نحو الأمام، حيث دعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في رسالة أخرى بمناسبة انعقاد القمة العربية إلى احترام سيادتها.
وجاء في بيان مشترك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني، شي جين بينغ، الخميس، أن روسيا والصين تدعمان سيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا وليبيا، وتساهمان في دفع عملية التسوية السياسية التي يقودها وينفذها مواطنو هاتين الدولتين بأنفسهم.
فيما أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال لقائه مع عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي، استعداد بلاده لمواصلة الوقوف إلى جانب الليبيين، في كل ما يحقق مصلحة الشعبين، والبلدين كاشفًا عن مساعي موسكو لافتتاح قنصلية لها في بنغازي، والعمل على تعزيز العلاقات الثنائية، حسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي.
إلا أن المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى ليبيا، جوناثان وينر، يقول إن الإدارة الأمريكية تأخذ هذا التهديد الروسي على محمل الجد، مشيراً إلى أن إبقاء روسيا خارج البحر المتوسط كان هدفاً استراتيجياً رئيسياً للولايات المتحدة، لكن في حال إذا حصلت روسيا على موانئ هناك، فإن ذلك يمنحها القدرة على التجسس على الاتحاد الأوروبي بأكمله.
وتقول جريدة لوموند الفرنسية إن موسكو تعمل على زيادة نقل القوات والمعدات إلى منطقة شمال إفريقيا بوتيرة متسارعة مفاجئة منذ بداية العام، مما يعزز نفوذها ويمكن أن يؤثر في تدفقات الهجرة نحو أوروبا، وهو ما لا يخفى على الدول الغربية المصابة بالعجز.
وأوضحت الجريدة الفرنسية أن الوجود الروسي المعروف في ليبيا منذ العام 2019 على شكل وحدات شبه عسكرية (مجموعة فاغنر سابقاً) تزايد بشكل لافت هذا العام، وقالت مذكرة نشرتها منظمة “كل العيون على فاغنر” إن روسيا تقوم بنقل جنود ومقاتلين روس إلى ليبيا منذ ثلاثة أشهر.
كما يحذر تقرير صادر في النسخة البريطانية لموقع إكسبريس دايلي، الأحد الماضي، من استمرار النفوذ العسكري الروسي في القارة الإفريقية، انطلاقاً من ليبيا، مشيراً إلى أن الوضع أضحى يتخذ مستويات خطيرة تستوجب تحرك الدول الغربية.
ويفيد التقرير بأن التحالف القائم حالياً بين موسكو وبعض الأنظمة المستبدة في إفريقيا يمنح روسيا فرصاً للتمدد في هذه القارة، فضلاً عن حصولها على عائدات مالية ضخمة تحتاج إليها آلتها الحربية.
وحسب موقع إكسبريس دايلي، فقد تمكنت روسيا من الحصول على خمسة مليارات جنيه إسترليني (ما يفوق 6.2 مليارات دولار أمريكي) من مبيعات النفط الليبية منذ العام 2022.
وقبل يوم واحد، قالت دار الإفتاء في طرابلس إنها تابعت وصول قوات وأسلحة روسية، تمهيداً لدخول ما سمي فيلق إفريقيا إلى ليبيا ودول أخرى مجاورة، معتبرة أن الجهاد ضد هذه القوات الغازية المعتدية واجب شرعاً على أهل ليبيا، خاصة كتائب فبراير.
جاء ذلك في بيان لمجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء، الأربعاء، بشأن وجود القوات الروسية على الأراضي الليبية، نشرته صفحة الدار على فيسبوك.
وتابع البيان أن الوجود الروسي المسلح على الأرض الليبية يعد احتلالاً وغزواً للبلاد، مشيراً إلى أن دماء أهل طرابلس ما زالت شاهدة على ما ارتكبوه من قتل آلاف الليبيين عام 2019.
وأضافت دار الإفتاء أن الجهاد ضد هذه القوات الغازية واجب شرعاً على أهل ليبيا، خاصة كتائب فبراير التي وقفت في وجههم في الماضي، داعية كل من يملك المال أو السلاح أو القرار إلى أن يعينهم على ذلك؛ لإخراج العدو المحتل.
ونبهت إلى أن وجوب الجهاد الدفاعي ضد القوات الروسية لا يعني الوقوع تحت سيطرة محتلٍّ آخر، سواء أكان أمريكياً أو من الاتحاد الأوروبي أو غيرهما من الدول، على حد وصف البيان.
واعتبرت الدار أن الاستعانة على المحتلين بالمسلمين أو بغيرهم مضبوطة بضوابط شرعية، وعلى رأسها أن تكون الكلمة النافذة والقرار لأصحاب الأرض المقاومين لهم، لا للواقعين تحت نفوذهم أو المتعاونين معهم على حد قولها.
____________