عاشت ليبيا حضارة عريقة وعظيمة عبر تاريخها المجيد وتقوم مصلحة الآثار في ليبيا الآن ، بمحاولات متعددة للكشف عن حضارة ليبيا وأعماقها التاريخية وقد سجلت جامعة روما أهمية هذه الاكتشافات الحديثة وقال رئيس البعثة الفرنسية بمدينة سوسة { أندريه لاروند } تعليقاً على دراسة الكهوف المعلقة في هذه المنطقة هذا البحث يستحق الإعجاب واهنئ قسم الآثار الذي يخدم التراث والثقافة بصفة عامة في ليبيا .

وكدليل على حضارة ليبيا فإنها استقبلت المهاجرين من بلاد اليونان المتاخمة لها واعتمدت الزراعة اقتصاداً لما تمتعت به من أفكار حتى صارت مخزناً للخبز والغلال لبلدان العالم وحلاً لضائقات المجاعات التي تعرضت لها البلاد المجاورة، وعلى أرض ليبيا قامت زراعة السلفيوم وهو نبات طبي بري ، وفيها تأسست مدرسة سيرين الفلسفية وتعد ليبيا أولى البلدان في أفريقيا التي طبقت النظام الجمهوري وأقامت اكبر أسطول بحري، كما قام على أرضها أول تحالف بين الخمس مدن الغربية

بعض المحطات الحضارية في تاريخ ليبيا

ليبيا تستقبل مهاجرين

كتب المؤرخ اليوناني هيرودوت ان جزيرة تيرا قد تعرضت لموجة من الجفاف لمدة سبعة أعوام عجاف في أوائل القرن السابع قبل الميلاد كما كانت تمتلئ مزدحمة بالسكان وأوصى لهم كهنة معبد دلفى الشهير بالهجرة إلى الساحل الليبي . ووقع اختيارهم على منطقة برقة الحالية وهي منطقة ذات جاذبية اقتصادية وصالحة للزراعة وكثيرة المطر ذات مناخ معتدل، وقد وصل أهل تيرا إلى جزيرة بلاطيا ثم تحركوا إلى الداخل على هضبة الجبل الأخضر. وكانوا يقولون عن هذه المنطقة ان بها ثقباً في السماء كناية عن وفرة أمطارها، وكان زعيم جماعة المهاجرين إسمه ارسطو.

وقد دعى سياسياً ( باطوس ) وهي كلمة ليبية تعني ملك وأسس باطو أول مستوطنة يونانية حول سيرين أو القيروان عام 631 ق. م وتزايد عدد السكان فيها وتوالت الهجرات من الجزر اليونانية المجاورة، وعندما تكاثر السكان تأسست مدينة أخرى هي ( هسبيريدس) في موقع مدينة بنغازي حالياً، ثم توشيرا أو توكرا، وقد نشأت علاقات اجتماعية بين اليونان وليبيا وكانت المصاهرة والاشتراك في عادات اجتماعية وتقاليد في العبادة، وعندما حدثت الاختلافات ارسل اليونان المشرع المشهور (ديموناكس) لكي يضع تشريعات تساعد على استقرار المنطقة. وقد وجد إسمه منقوشاً على إحدى عملات سيرين .

الذهب الأخضر

وصف شاعر يوناني أراضي ليبيا بأنها سهول تحلق حولها سحب سوداء، وقد اشتهرت بزراعة السيلفيوم وسمى بالذهب الأخضر لأن عصيره المجفف كان يباع بوزنه فضة، ويقول خشيم في كتابه نصوص ليبية ان الأقباط عرفوا هذاالنبات الطبي واستخدموه كدواء لعلاج امراض البرد والمعدة. ولأهميته الاقتصادية الكبيرة نجده منقوشاً على نقود الأغريق في ليبيا، وقد ظل يصدر إلى الخارج بثمن غال خلال العصر البطلمي ولكنه اصبح نادراً في العصر الروماني وقد ساعد على رخاء المنطقة خمسمائة عام متواصلة .

مدرسة سيرين الفلسفية

اشتهرت ليبيا وعلى الاخص الخمس مدن الغربية بمدارس الموسيقى، وقد ظهر فيها شعراء مثل كليماخوس الذي اختير أميناً عاماً لمكتبة الاسكندرية، ومثل اراتوستين الذي رأس مكتبة الاسكندرية ووضع تقويماً فلكياً قديماً وحدد بدقة محيط الكرة الأرضية، كما تأسست مدرسة سيرين الفلسفية التي إمتد تأثيرها إلى عدة قرون وكان لها أثرها في العصر المسيحي وقد اسسها ارستيبوس تلميذ ابيقور رائد الفلسفة الابيقورية التي ترى ان اللذة هي الخير الأعظم وقداغلق بطليموس الأول هذه المدرسة ثم فتحت من جديد .

جمهورية ليبيا 

عندما سقطت الأسرة الباطسية التي كانت تحكم المستونات اليونانية في ليبيا حدث تحول إلى نوع من النظام الجمهوري حيث اختصت كل مدينة بشؤونها السياسية والاقتصادية كما في بلاد اليونان .

دبلوماسية الشعب

في خريف 332ق. م توجه الاسكندر المقدوني من وادي النيل إلى واحة آمون سيوة كي يستشير كهنة معبدها الشهير. وبالقرب من ميدنة مرسي مطروح تقابل مع سفراء سيرين وكانوا دبلوماسيين شعبيين حكماء اعلنوا له الولاء وقدموا هداياهم فعين لهم حاكماً من قبله وتمكنوا بهذا من تجنيب بلادهم ويلات الفتح والفاتح . 

كانت الخمس مدن الغربية في ليبيا مخزن غلال لليونان فلقد انقذت اليونان من مجاعة عظمى في عهد الاسكندر المقدوني وارسلت نحو مليون أردب من الحبوب وهذا يعني زارعة الانتاج الزراعي الذي يكفي ويفيض. 

الأسطول البحري

كان لدى ليبيا اسطول بحري قوي، تاجر مع مصر وبلاد اخرى ووصل إلى الجزر البريطانية حاملاً الحبوب، وقد عثر على عملات ذهبية ونحاسية في جزر الأزور بالمحيط الأطلسي وهي موجودة حالياً بمتحف السويد دليلاً على وصول السفن الليبية إلى المحيط الأطلنطي وقد جاء هذا في يوميات العالم السويدي ( هادال) مع مركب البردي رقم، في ارام 31/7/ 1970م .

الاتحاد الفيدرالي

قام اتحاد فيدرالي بين الخمس مدن الغربية نتيجة للإصلاحات الدستورية التي اقترحها مشرعان يونانيان هما اكديموس، وديموفانوس نحو 250 ق. م عندما تم فصل سيرين عن ابولونيا. وقد عثر على عملة نقدية من القرن الثالث قبل الميلاد مدون عليها كلمة الاتحاد ، وقد شيد الامبراطور هوريان مدينة باسمه .

بلاد الذهب 

قال الشاعر اليوناني بندار ان مدينة فوريني اقيمت على عرش من ذهب وسميت منطقة شرق بنغازي (جنة الدنيا) وحددت الأساطير اليونانية القديمة مغارة ليثي بأنها موضع النعيم والجحيم والتي سماها العرب الشق الكبير وهو فالق في مغارة طويلة وعميقة يخرج منه ماء ساخن ولهذا اعتبره استرابون نهراً من الجحيم وقال بطليموس: ان ارواح الموتى تشرب منه فتنسى افراحها السابقة على الأرض .بة لإقامة المشروعات السياحية و مناطق جذب مهمة للسواح من مختلف جهات العالم .

_____________

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *