بابكر فيصل
كتب القيادي بجماعة الإخوان المسلمين في السودان الدكتور غازي صلاح الدين العتباني مقالا مهما تحت عنوان الخبرة التركية في ابتعاث الفكرة الإسلاميةتناول فيه تجربة حزب العدالة والتنمية التركي في الحكم.
لا تنبع أهمية المقال من المعلومات الواردة فيه ولكنها تكمن في طبيعة التساؤلات التي أثارها الدكتور غازي. وعلى الرغم من أنه لم يُجب إجابات قاطعة تبين موقفه الشخصي من تلك التساؤلات، إلا أن القارئ من خلف السطور سيدرك أن الدكتور غازي قد انتقل إلى مربع مختلف عن ذلك الذي ما زال يقبع فيه أصحاب النظرة التقليدية من تيار الإسلام السياسي ونسخته الإخوانية المعروفة بالإسلام الحركي.
وأصبح الرجل، في ظن كاتب هذه السطور، بعد تجربة حكم الإخوان الفاشلة في السودان أقرب للنموذج التركي الذي لا يتشبث بقضايا الشريعة الجزئية التي طالما شكلت أولوية قصوى لدى تيار الإسلام السياسي مثل قضية تطبيق الحدود بل يستمسك بالمقاصد الكلية للشريعة وفي مقدمتها قضية الحرية الإنسانية.
يبدو أن الدكتور غازي أراد من مقاله هذا توجيه رسائل لفئات ثلاث:
أولامُخاطبة إخوان السودان الذين تفرقوا شذر مذر بعد تجربة حكم امتدت لثلاثين عاما لم يتمكنوا خلالها من إقامة دولة العدل الرشيدة التي كانوا يتطلعون إليها، بل أن التجربة أفرزت نقيض الغايات المنشودة في ما يلي قضايا الحرية والعدالة خلا الانحرافات الهائلة في القيم الفردية المرتبطة بالطهر والتجرد والزهد وحفظ الحق العام في المال والوظيفة وغير ذلك.
ثانيا: أراد غازي كذلك مخاطبة المُعسكر الآخر المسمى مجازا بمعسكر العلمانيين، قائلا لهم إن هناك مدرسة إسلامية (نموذجها هو حزب العدالة والتنمية التركي) تدعو لأرضية مشتركة للاتفاق وجمع الصف وهي أرضية تلبي مطلوبات هذا المعسكر فيما يخص قضية مدنية الدولة ودستورها وتضمن التداول السلمي للسلطة وإبعاد الجيش عن الممارسة السياسية.
ثالثا: لا يخلو المقال كذلك من رسالة لحركات الإسلام السياسي في مختلف أنحاء العالم، فحواها أن النموذج الإقصائي الذي أفرزته تجربة حكم الإخوان في السودان نموذج غير صالح للاتباع، وأن من الأجدى لتلك الحركات استلهام التجربة الإسلامية التركية في التعايش بين مختلف التيارات السياسية حتى تتجنب مآسي الانقسامات الحادة والتنافر الذي يؤدي لعدم الإستقرار ومن ثم تدخل الجيش للاستيلاء على السلطة.
بعد قيامه بإعطاء خلفية تاريخية عن الدولة التركية، قال الدكتور غازي: “أحب أن أرى وأتدبر تجربة حزب العدالة والتنمية التركي الذي يصفه الناس بأنه حزب إسلامي بينما ينكر أعضاؤه هذه الصفة أو إن شئت التهمةويقولون إنهم ليسوا سوى محافظين معتدلين“.
يضع الدكتور غازي نفسه ضمن الفريق الذي يرى أن حزب العدالة والتنمية حزب إسلامي، ويقول إن الشواهد التي تؤيد انتماء الحزب لشجرة النسب الإسلامية شواهد قوية للغاية، منها أن قياداته المشهورة على سبيل المثال لا الحصر إردوغان وعبد الله غل وداود أوغلو كل منهم يحمل سيرة ذاتية ممعنة في الإسلامية، وكلهم كان من أعوان الزعيم الإسلامي المشهور نجم الدين أربكان“.
من الواضح أن ربط الدكتور غازي لحزب العدالة والتنمية بشجرة النسب الإسلامية يعني على الأقل عدم اتفاقه مع الرأي الذي ينفي هذه الصفة عن الحزب، وهو بذلك يُمهد للقول إن إسلامية الحزب أمر مفروغ منه ولكنها ليست على طريقة إسلامية الأحزاب عندنا.
وفي ذلك يقول: “والمفارقة الأغرب هي أن تجربة الإسلاميين هنا، ربما بسبب اختلاف التطور التاريخي وفارق الثقافة، تحمل اختلافاتٍ جوهرية مع التجارب الإسلامية المرجعية السائدة في مناطق أخرى، خاصة العربية منها“.
الإشارة أعلاه لدور التاريخ والثقافة في قراءة التجربة الإسلامية إشارة في غاية الجرأة، لكونها تفتح الباب للوعي بدور التاريخ ليس فقط في توضيح الفروقات بين التجارب المختلفة، ولكن في قراءة النصوص الدينية نفسها، وهو الأمر الذي يتصادم مع الأفكار الأساسية لمدرسة الإسلام الحركي التي ينتمي إليها الدكتور غازي، فهي مدرسة ترفع شعار صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان بضبابية لا تكترث للإجابة على سؤال كيفية هذه الصلاحية، وهو السؤال الأهم، لأنه يمس في الصميم قضية الشريعة كما تفهمها تلك المدرسة، ولأنه كذلك محك الاختبار عند الوصول إلى السلطة.
ثم ينتقل الدكتور غازي إلى خلاف آخر بين التجربة التركية وتجارب الإسلام السياسي في المنطقة العربية فيقول: “الإسلاميون الأتراك لا ينكرون فقط الوصف بالإسلامية، بل هم يتعايشون بسلام باد مع مبدأ علمانية الدولة، ويحاولون ترويضها بحيث تتحول إلى علمانية مسالمة كما يقولون“. 
صراع الإسلاميين الأتراك ليس مع دعاة العلمانية، لأن العلمانية في فهمهم لا تعني دولة اللادين، والعلمانية الحديثة لا تتعارض مع الدين، بل يجب عليها أن تتعايش معه، بل هي تعني وجود دولة مدنية تقوم على احترام جميع الأديان والشرائح في المجتمع، كما يقول رجب طيب إردوغان.
الصراع الحقيقي هو بين معسكر الشمولية ومعسكر الحرية. وهذا، في ظني، ما أراد الدكتور غازي أن يلفت إليه أنظار الإخوان ودعاة الدولة المدنية في السودان، فالعبرة ليست في المسمى ولكنها في المحتوى.
هذه الفكرة الجوهرية الحاسمة تحدث بها أيضاً القيادي البارز في حركة النهضة التونسية سيد الفرجاني، حين سئل عن تطبيق الشريعة فأجاب بالقول: “إن هناك نقاشا جاريا حول الشريعة في الشارع التونسي. إن الحركة (النهضة) تريد، بحسب المفهوم الخلدوني، القطع مع نظام الاستبداد، وأن يكون نظامنا نظاما عقليا يؤدي الحقوق ويكون نظاما ديمقراطيا متميزا“.
ويمضى سيد الفرجاني في حديثه طارحاً فكرة صادمة للغاية بمعايير أفكار تيار الإسلام الحركي وهي أن الحريات والمعرفة هي شروطٌ للدين الإسلامي و للعبادة بمعنى أن الحريات قبل الشريعة“. ربما كانت هذه هي أيضا الرسالة التي أراد الدكتور غازي إبلاغها لجماعته.
التجربة التركية، يقول الدكتور غازي لم تحقق إنجازات إسلامية بالمعايير السائدة المشهورة. فتركيا لا تزال دولة علمانية، وهي لا تزال تحتفظ بعضوية حلف الناتو، وتعترف بإسرائيل، وترخص للولايات المتحدة الأميركية بقاعدة إنجرلكالجوية. وحزب العدالة والتنمية لا يُنادي بالشريعة ولا يتبنى خطابا إسلاميا إلا في مسألة هي في الأساس متعلقة بحقوق الإنسان، مثل حق ارتداء الحجاب“.
المعايير السائدة المشهورة التي يعنيها الدكتور غازي هي مجرد شعارات ظل يتشبث بها تيار الإسلام الحركي وهي شعارات مبهمة مثال الإسلام هو الحل“. 
أما الشريعة التي يعنيها فلا تتعدى إقرار الحدود في القانون الجنائي، إضافة لمظاهر شكلية أخرى مثل الإكثار من تشييد المساجد في مواقع متميزة من المدن وعلى المستوى الفردي أشياء مثل اللحية و زبيبة الصلاة. أما الإجتهادات الأخرى في مجال الاقتصاد على سبيل المثال، ومنها الزكاة وأسلمة صيغ التمويل البنكي، فقد أثبتت التجربة فشلها الذريع في الإتيان بشيء جديد، حيث تحولت الزكاة لضريبة إضافية، بينما غرقت صيغ التمويل في نسبة الفائدة التي استحدثت أساساً من أجل وقفها وتحريمها.
إن بيت القصيد في مقال الدكتور غازي يتمثل في تساؤلاته الآتية: “رغم ذلك يُصر معظم المراقبين على وصف التجربة بأنها التجربة الإسلامية الوحيدة الناجحة حتى الآن. ترى هل أصدر أولئك المراقبون حكمهم بناء على ماضي القيادات الحالية في تركيا وانتمائها للتيار الإسلامي؟ أم أنهم تجاهلوا النظر إلى المقاييس الإسلامية المعيارية في الخطاب الإسلامي وركزوا على ما تحقق من تنمية اقتصادية وعدالة اجتماعية؟ أم لعلهم رأوا في تجربة الإسلاميين الأتراك إسهاما صادقا في خدمة القضية الإسلامية من خلال إنشاء نظام سياسي شوري وفاعل وعادل؟
واقع الأمر هو أن الإجابة الصحيحة على كل هذه التساؤلات هي: نعم. وهي إجابة تعني الخروج من الإطار المفهومي الضيق الذي ظلت تطرحه مدرسة الإسلام السياسي للشريعة، بتبني إطار أشمل آخر يتوخى العمل بمقاصد الشريعة، ويستهدف تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والديموقراطية، وهو الإطار الذي حقق فيه حزب التنمية والعدالة إنجازه الذي جعل المراقبين يصرون على وصف تجربته بالإسلامية.
وهذا نص المقال المعني
الخبرة التركية في ابتعاث الفكرة الإسلامية
غازي صلاح الدين العتباني
إذا كنت من عشاق التاريخ فإنك عندما تصل إلى إسطنبول كما حدث لي منذ أيامتتوارد إلى ذهنك صور من كل حقب التاريخ الإنساني المهمة. لم يكن نابليون مخطئاً عندما قال لو وجدت مدينة واحدة تستحق أن تكون عاصمة العالم فهي إسطنبول“.
وفي الحقيقة إن إسطنبول ظلت عاصمة لإمبراطوريتين عظيمتين لأكثر من ١٥٠٠ سنة. ذلك أنها تأسست على يد الإمبراطور قسطنطين في عام ٣٣٠ م لتكون عاصمة للإمبراطورية الرومانية.
وقد ظلت عاصمة للإمبراطورية الرومانية ثم الإمبراطورية الرومانية الشرقية حتى دخلها محمد الفاتح واستولى عليها في عام ١٤٥٣ م. وبقيت بعد فتحها عاصمة للعثمانيين حتى زوال الخلافة رسميا في ١٩٢٣، وهذا يعنى أنها بقيت عاصمة لمدة متصلة تقارب ١٥٩٠ سنة، ولا أظن أن أية عاصمة أخرى تدانيها في هذا العمر الممتد.
لكن أحداث هذه المنطقة زحمت موكب التاريخ حتى قبل صراع المسيحية والإسلام على أرضها. فهي على سبيل المثال جزء مهم من مكونات الحضارة الهيلينية، ومدينة طروادة التي خلدها شاعر الإغريق هوميروس في ملحمته المشهورة الإلياذةتقع في جزء من تركيا الحالية غير بعيد من إسطنبول.
أما في الفترة المسيحية فقد شهدت هذه المنطقة نشاطا مسيحيا مكثفا واشتهرت من بين مدنها إفسوس، قرب إزمير الحالية، التي يقال إن أصحاب الكهف باتوا بياتهم الطويل فيها.
وهناك في بقايا المدينة القديمة سبعة قبور رأيتها بنفسييزعم أهل المدينة أنها لأهل الكهف، والله أعلم بالحق في هذا الأمر.
لكن لئن لم يكن خبر أهل الكهف في إفسوس ثابتا فإن الثابت أن هذه المدينة لعبت دورا مهماً في انتشار المسيحية لأن بولس الرسول أقام فيها مدة من الزمن، ومنها بعث رسائله للكورنثيين قبل أن يغادر إلى روما ليبدأ نشر المسيحية انطلاقا من عاصمة الإمبراطورية الرومانية.
على خلفية هذا الموزاييكالتاريخي أحب أن أرى وأتدبر تجربة حزب العدالة والتنمية التركي الذي يصفه الناس بأنه حزب إسلامي بينما ينكر أعضاؤه هذه الصفة أو إن شئت التهمةويقولون إنهم ليسوا سوى محافظين معتدلين.
لكن الشواهد التي تؤيد انتماء الحزب لشجرة النسب الإسلامية شواهد قوية للغاية، منها أن قياداته المشهورة (على سبيل المثال لا الحصر أردوغان، وعبد الله غل، داود أغلو) كل منهم يحمل سيرة ذاتية ممعنة في الإسلامية، وكلهم كان من أعوان الزعيم الإسلامي المشهور نجم الدين أربكان.
تاريخ المنطقة الذي استعرضناه بصورة موجزة أعلاه مهم لتوضيح العلاقة المعقدة بين تركيا وأوروبا بصفة خاصة، وبين تركيا والغرب بصفة عامة.
يبرز في تأسيس هذه العلاقة المركبة التكوين الجغرافي الذي يربط تركيا بأوروبا وآسيا برباط وثيق، ويمكن تركيا من السيطرة على منافذ البحر الأسود الواصلة ما بين أوروبا وروسيا وأوكرانيا ومناطق القوقاز ووسط آسيا.
كما يبرز في تأسيس هذه العلاقة المعقدة النسب التاريخي الذي يجمع ما بين تركيا والحضارة اليونانية، ثم ما بين تركيا وازدهار المسيحية وانتقالها عبر تركيا إلى أوروبا.
من ناحية فإن هذه الرابطة الجغرافية التاريخية القوية تجعل من تركيا بلدا مهما للغاية بالنسبة لأوروبا، لكن من ناحية أخرى ترى بعض الدول الأوروبية (بالذات فرنسا) أن الكتلة السكانية التركية بنسبها الطوراني وعقيدتها الإسلامية يستحيل عليها استيعاب الثقافة الغربية وقبول الاندماج فيها.
هذه النظرة هي أساس اعتراض بعض الدول الأوروبية على قبول عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي. ورغم ذلك الاعتراض على دخول النادي الأوروبي فإن أوروبا تسعى من على البعد لأن تفرض على تركيا نظام قيم أوروبية.
هنا تظهر مفارقة عجيبة. فالضغوط الأوروبية على تركيا من أجل تبني قيم غربية تؤدي إلى تحجيم دور الجيش وتمنع تدخله في السياسة، والمستفيد الأول من ذلك هم الإسلاميون الذين تنفسوا الصعداء لأول مرة وأمنوا من تدخلات الجيش التركي المتكررة لحلهم بحجة حماية العلمانية.
والمفارقة الأغرب هي أن تجربة الإسلاميين هنا، ربما بسبب اختلاف التطور التاريخي وفارق الثقافة، تحمل اختلافات جوهرية مع التجارب الإسلامية المرجعية السائدة في مناطق أخرى، خاصة العربية منها.
فالإسلاميون الأتراك لا ينكرون فقط الوصف بالإسلامية، بل هم يتعايشون بسلام باد مع مبدأ علمانية الدولة، ويحاولون ترويضها بحيث تتحول إلى علمانية مسالمة كما يقولون.
حقق حزب العدالة والتنمية اختراقا اقتصاديا معجزاً منذ وصوله إلى السلطة في عام ٢٠٠٢ إذ إنه قفز بالاقتصاد التركي ليصبح السادس عشر في العالم، موازيا للاقتصاد السادس في أوروبا. ويتوقع أن يتقدم هذا الموقع ليصبح موازيا للاقتصاد الخامس، أو حتى الرابع، في أوروبا في ظل انكماش الاقتصاد الأوروبي.
هذا الإنجاز الاقتصادي المذهل مكّن الإسلاميين الأتراك من توفير الوظائف للشباب وبعث أملا جديدا في تأسيس مجتمع قائم على العدالة وتكافؤ الفرص. ومن حيث المكاسب المعنوية فقد أحيت تجربة تركيا تطلع المسلمين عامة إلى الخروج من حالة الانحطاط التي يعيشها العالم الإسلامي.
ثم إن تدخل تركيا الإيجابي في بعض مناطق النزاع في العالم الإسلامي كالصومال قد أكسبها وزنا سياسياً يرشحها لأن تصبح أحد اللاعبين الدوليين. ولم تكن تلك الإنجازات لتتم لولا سياسة تصفير النزاعاتوصاحبها المفكر أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية الحالي. فقد أتاحت تلك النظرية السياسية لتركيا فرصة لإطلاق ثورة اقتصادية دون حاجة إلى ميزانيات عسكرية متضخمة تنفق في صراعات مع الجيران.
رغم ذلك، تبقى مهمة المحافظة على هذا النجاح مهمة عسيرة. فسياسة تصفير النزاعاتتتعرض لأكبر اختبار لها حتى الآن بسبب الموقف من سوريا وتبادل اللكمات بين الطرفين عبر دعم المعارضة السنية من هذا الجانب مقابل دعم المعارضة الكردية من الجانب الآخر.
كما أن شهور العسل بين تركيا والعراق قد آذنت بذهاب، أيضاً على خلفية النزاع حول المسائل الكردية. ولا شك أن تطورات النزاع السوري قد تركت بصمات سالبة على العلاقات مع روسيا وبدرجة أقل إيران.
من ناحية أخرى فإن المحافظة على السبق الاقتصادي التركي في ظل أزمة اقتصادية عالمية وانكماش تجاري مهمة شبه مستحيلة.
التجربة التركية لم تحقق إنجازات إسلامية بالمعايير السائدة المشهورة. فتركيا لا تزال دولة علمانية، وهي لا تزال تحتفظ بعضوية حلف الناتو، وتعترف بإسرائيل، وترخص للولايات المتحدة الأميركية بقاعدة إنجرلكالجوية.
وحزب العدالة والتنمية لا ينادي بالشريعة ولا يتبنى خطابا إسلاميا إلا في مسألة هي في الأساس متعلقة بحقوق الإنسان، مثل حق ارتداء الحجاب.
رغم ذلك يصر معظم المراقبين على وصف التجربة بأنها التجربة الإسلامية الوحيدة الناجحة حتى الآن.
ترى هل أصدر أولئك المراقبون حكمهم بناءً على ماضي القيادات الحالية في تركيا وانتمائها للتيار الإسلامي؟
أم إنهم تجاهلوا النظر إلى المقاييس الإسلامية المعيارية في الخطاب  الإسلامي وركزوا على ما تحقق من تنمية اقتصادية وعدالة اجتماعية؟
أم لعلهم رأوا في تجربة الإسلاميين الأتراك إسهاما صادقا في خدمة القضية الإسلامية من خلال إنشاء نظام سياسي شوري وفاعل وعادل؟
أيا كانت الإجابة، ستظل التجربة التركية على يد قائدها أردوغان مثيرة للإعجاب لدى البعض ومثيرة للدهشة، بل الحيرة، لدى آخرين.
***
غازي صلاح الدين العتباني ـ سياسي وكاتب سوداني
__________________

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *