ينتسب الشيخ حسن البركولي إلى عائلة الحضيري المعروفة في الجنوب الليبي، وهي عائلة عرفت باهتماهها بالعلم الشرعي من علوم القرآن والتفسير والفقه واللغة العربية.

والد الدكتور حسن هو الشيخ عبدالرحمن محمد البركولي عالم الدين الجليل والمناضل الوطني، المولود في بداية القرن العشرين في سنة 1904م، والحاصل على إجازة العلوم الشرعية واللغوية من جامعة الزيتونة في تونس في سنة 1932م وهو مؤسس جمعية فزان السرية لمناهضة مشروع الإستعمار الفرنسي لإقتطاع فزن من ليبيا وضمها إلى مستعمراتهم جنوب الصحراء. وقد توفي الوالد سنة 1953م. والدة الدكتور حسن هي فاطمة بنت حامد بن أحمد وهو أحد وجهاء قرية الجديدومدينة سبها، والمشهور بالحكمة والسخاء.

ولد حسن البركولي في منطقة الجديد، بمدينة سبها سنة 1963م وحفظ القرآن الكريم في (كتّاب) مسجد القرية، وتعلم مبادئ العلوم الشرعية وأصول اللغة العربية في المسجد الكبير بمنطقة (الجديد) علي يده والده، ثم التحق بالمعهد الديني بمدينة البيضاء سنة 1954م ودرس به إلى نهاية المرحلة الثانوية، وكان يحضر مجالس أهل العلم في سن مبكرة من عمره.

تزوج الدكتور حسن من كريمة خالته، السيدة الفاضلة زهرة الطيب محمود وأنجب منها أربع بنات وأربعة أولاد.

التحق بكلية اللغة العربية بجامعة محمد بن على السنوسي في البيضاء سنة 1963م، ونال شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها سنة 1967، وعمل أثناء دراسته الجامعية مدرسا في المدارس الحكومة لمدة عامين.

عاد بعد تخرجه من الجامعة إلى مدينة سبها ودرس لمدة عام في المعهد الديني بالمدينة، وفي نفس الوقت عمل مدرسا بمدارس سبها إثناء دراسته بالمعهد. ثم التحق ببرنامج الدراسات العليا بمدينة الجغبوب، وبعد إتمام السنة التمهيدية، عين محافظا لمحافظة سبها فتوقف عن الدراسة، واستمر في عمله كمحافظ من 1970 إلى 1972، حيث طلب إعفاؤه من منصب المحافظ لاستكمال دراساته العليا.

التحق بالدراسات العليا بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة في 1972م، ونال درجة الماجستير في الأدب العربي سنة 1976م، ثم التحق بكلية الدراسات الشرقية في جامعة إكستر ببريطانيا سنة 1980م ، ونال درجة الدكتوراة سنة 1985م.

انظم الشيخ حسن إلى الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا منذ تأسيسها في اكتوبر 1981م. وكان من الرجال الذين انضموا إلى الجبهة عند تأسيسها، وكان من المساهمين في برامج إذاعة الإنقاذ حينما كانت تبث من الأراضي السودانية والتشادية.

كما شارك في البرامج التثقيفية والتربوية لشباب الجبهة من العمل العسكري والعمل الشعبي في الجزائر.

كان أحد أعضاء المكتب الدائم وشارك في عدة مجالس وطنية، وشارك في برنامج العمل الشعبي ضمن ما عرف بمشروع الجزائر، وعندما انتهى المشروع لم يتكمن الشيخ حسن من العودة إلى بريطانية نظرا لخروجه منها قبل استكمال أجراءات اللجوء السياسي فيها.

انتقلت أسرة الشيخ حسن إلى مصر واستقرت فيها منذ 1986م، وكان الشيخ حسن هو آخر ريئس لمكتب الجبهة في القاهرة، قبيل أن يقفل في أواخر 1989م. وقضى الشيخ حسن وأسرته في مصر عقدين ونيف من الزمن وكانت له مساهمات قيمة في نشاطات الجبهة في الخارج قبل وبعد انتقاله للإقامة في مصر.

وحينما اندلعت ثورة 17 فبراير، قام الشيخ حسن مع الجالية الليبية في القاهرة بالتظاهر أمام مقر جامعة الدول العربية حتى تم تجميد عضوية نظام القذافي بالجامعة في اجتماع طارئ في 22 فبراير 2011، وكان لنشاطه مع الجالية الأثر الكبير في الضغط على أعضاء المكتب الشعبي (السفارة) لنظام القذافي لدفعهم للإستقالة والإنشقاق عن النظام والإنضمام لصفوف المؤيدين لثورة 17 فبراير.

شارك الشيخ حسن في ملتقى الناشطون الليبيون الذي انعقد في القاهرة في 23 أبريل 2011، والندوة التي عقدت بنقابة الصحفيين في القاهرة في 26 مارس 2011.

رحلة العودة للوطن والوداع

كان الشيخ حسن ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يسمح فيه له الأطباء بإمكانية السفر جوا إلى وطنه، ولكن الأطباء نصحوه بعدم السفر بسبب ظروفه الصحية، ورغم ذلك قرر في ديسمبر 2011م السفر إلى ليبيا برغم المحاذير والتحذيرات الطبية، فقرر التوقف في تونس لإجراء بعض الفحوصات الطبية وقضاء فترة نقاهة قبل عودته إلى أرض الوطن، وفي يوم الجمعة 9 ديسمبر 2011، ركب طائرة الخطوط الجوية التونسية المتجهة من القاهرة إلى تونس، ولكن قبل أن تصل الطائرة إلى تونس، ساءت حالة الشيخ حسن فاضطر قائد الطائرة إلى النزول اضطراريا في جزيرة مالطا للنظر في حالته وقد كان مغميا عليه. وما أن وصل طاقم الإسعاف الطبي للطائرة كان الشيخ حسن قد فارق الحياة وأفضى إلى ربه، وكان برفقة زوجته وولديه عبدالرحمن وأسامة.

وصل جثمان الشيخ حسن إلى مطار طرابلس يوم 10 ديسمبر ونقل مباشرة إلى سبها، مسقط رأسه ومدينته التي عاد إليها بعد فراق، ودفن يوم الأحد 11 ديسمبر 2011 بمقبرة سيدى حامد الحضيري بحي الجديد بسبها، متوسط أخويه الشيخ محمد والحاج أحمد.

_____________

نقلا بتصرف عن كتاب “ ضمير وطن: سيرة رجال واجهوا الاستبداد وقاوموه” للمؤلف شكري محمد السنكي ـ مكتبة الكون بطرابلس ليبيا

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *