عمر الككلي 

مظاهرات احتجاجية على حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في ميدان الشهداء بطرابلس، ثم شارع السكة مقر الحكومة، مطالبة باستقالة الحكومة.. هذا جميل جدا.

سبع استقالات، دفعة واحدة، من قِبل وزراء ووكلاء وزراء في هذه الحكومة.. هذا أيضا جميل جدا، فهذه هي المرة الأولى في ليبيا التي يستقيل فيها مسؤولون طوعا، على الأقل بهذا العدد.

لكن، ما هي تبعات هذه الأحداث على الوضع الليبي الهش المضطرب؟

ومدى انعكاساته على مستقبل البلاد واستقرارها؟

كيف سيُملأ الفراغ الذي ستحدثه استقالة هذه الحكومة؟

ما هو البديل؟

هل ثمة بديل جاهز أم أنه سيرتجل ارتجالا؟

وفي الأخير ما الذي يضمن لنا أن هذا البديل المُرتجل لن يكون مماثلا، أو أسوأ، من الوضع الأول؟

إن المطالبة برحيل الحكومة قبل التفكير في وضع بديل ناجع يلبي المطالب الشعبية يمثل قفزة أخرى نحو مزيد من الفوضى والاضطراب، الذي قد يكون كارثيا.

وهل وجود بديل مرغوب شعبيا أمر ممكن في غابة وجود التشكيلات المسلحة المستقلة بذاتها عمليا وذات المصالح المتناقضة، وليست أجهزة من صميم بنية الدولة ومؤسساتها وتخضع لدستورها وقوانينها؟

ما هو الحل؟

لست خبيرا استراتيجيا يمكنه أن يضع، أو يقترح، حلولا، ولا سيما أن المأزق على هذا القدر من التشابك والتعقيد، وتتدخل فيه، بشكل سلبي وتخريبي، قوى خارجية من مصلحتها استدامة هذه الحالة.

أعتقد أن الحكمة هنا تغيب عن الجميع، فالحكومة ضعيفة ومشلولة الإرادة، ومرتهنة لسطوة الميليشيات، والجماهير المحتجة مندفعة في ردة فعل لحظية دون تفكير متريث، وإعداد لخطة إنقاذ واقعية وواضحة وقابلة للتطبيق.

مثل هذه الاندفاعات الحماسية المتسرعة قلما تنتج عنها تغيرات إيجابية مطمئنة، لأنها تفتقد إلى قيادة مركزية موحدة حكيمة تمتلك خبرة في مجال إدارة النزاعات، والرؤية الواضحة بشأن ما بعد التغيير، فالمرء الحكيم هو الذي يشتري بيتا بديلا قبل أن يبيع بيته الحالي، مثلما يعبر المقتبس الذي اتخذناه عتبة لهذا المقال.

____________

مقالات