يوسف عبد الهادي
لم يكن استقلال ليبيا وليد ساعته؛ ولكنه خرج من رحم ملحمة نضالية انطلقت منذ اكتوبر سنة 1911 ؛ يوم أن وطئت أقدام الغزاة الطليان أرض ليبيا.
انخرط السنوسي “عمر المختار” على غرار نظرائه من مشائخ الزوايا في تلك الملحمة, والتحق بالسيد أحمد الشريف, ثم بأميره السيّد إدريس الذي لم يفارقه ولم يخرج عن طوع أمره لا خلال سنوات الهدنة ولا أيام قعقعة السلاح حتى استشهاده على عود المشنقة.
كان عُمر المختار يرى نفسه ممثِّلًا لحكومة ذات سيادة والتي يسميها بـ: (..حكومته السنوسية)، وعليه كان يُصدر كل ترقياته لضباطه وجنوده باسمها, كما تبرزه بوضوح هذه الوثائق المُرفقة التي جاء فيها:
(… بناءً على ما نأملوه فيكم من الصداقة والشجاعة في حكومتنا السنوسية ….), كما كان المختار يصدر تعليماته ويُنفّذ أحكامه نيابةً عنها؛ وهو ما توضحه إحدى هذه الوثائق التي وجهها للطرش وأولاد الشيخ ويُحذّر فيها من التعدي على أوقاف تابعة للـ(الحضرة السنوسيّة الشريفة) (هكذا), والتي بيد سيدي بوشناف وابنه عبدربه, ويهدد بأن المعتدي (ستعاقبه الحكومة) –ويقصد الحكومة السنوسية طبعًا-.
أما الدستور الذي كان يُطالب به شيخ الشهداء فقد أوضحه صراحة في بيانه الذي أعلنه في 18 اكتوبر 1928 وتحدَّث فيه باسم الأمَّة الطرابلسيَّة البرقاويَّة الممثِّلة في أميرها (السيِّد إدريس السنوسيِّ)، ولخَّص المختار في هذا الإعلان الذي نشره باسمه في الصحف المصريَّة والشاميَّة –وأحدث صدًى واسعًا في العالم العربيِّ والإسلاميِّ– جملة ما دار بينه وبين الإيطاليِّين خلال هدنة استمرَّت قرابة سبعة أشهر, وأقرّ فيه بوضوح أنه لا طاعة إلّا لأميره الشرعي “إدريس السنوسي” , فهو من اتَّفقت عليه الأمَّة وأودعته ثقتها.
وأنه طلب من الحاكم الإيطالي بادوليو أن يراسل الأمير للوصول إلى اتفاق سيلتزم به, واستغرب تجنَّب الحكومة الإيطاليَّة مراسلة الأمير مع علمها تمامًا أنَّ الحلَّ والعقد (بيده).
فلو كانت تركن إلى الصلح حقيقة لما تردَّدت لحظة واحدة في (مراسلته), وخلُص عمر المختار في هذا البيان إلى أهم مطالب الأمَّة الطرابلسيَّة البرقاويَّة المنحصرة في ميثاقها القوميِّ، وهي:
1. تأليف حكومة وطنيَّة ذات سيادة لطرابلس برقة، يرأسها زعيم مسلم تختاره الأمَّة. وهو طبعًا السيد إدريس.
2. دعوة جمعيَّة تأسيسيَّة لسنِّ دستور للبلاد.
3. انتخاب الأمَّة مجلسًا نيابيًّا حائزًا على الصلاحيَّة التي يخوِّله إيَّاها الدستور.
إذن وفي الختام يمكننا القول أن المختار فاز بالشهادة قبل أن يرى آماله هذه تتحقق, ولكن قدّر الله لرفاقه في تلك الملحمة أن يروا ويشاركوا في تجسيد هذه الآمال يوم 24 ديسمبر المجيد.
مرفقات:
– ترقية عسكرية للمجاهد علي اليمني.
– ترقية عسكرية للمجاهد احمد امتوبل الدرسي.
– ترقية عسكرية للمجاهد محمد الصغيّر العقيلي.
– ترقية عسكرية للمجاهد عبدالقادر المسماري.
– أمر تحذيري من عمر المختار بشأن اوقاف سيدي بوزيد السنوسية.
– صورة من بيان عمر المختار المذكور في صحيفة ألف باء السوريّة.
_____________
المصدر: صفحة الكاتب على الفيسبوك