أحمد الفيتوري
أنا – كاتب هذه السطور – ولدت بعد تأسيس الجمعية بأكثر من عقد من الزمن وتمكنت من الحصول على أغلب الأعداد ومن أماكن عامة. كما قمت بتصوير بعض الوثائق من قبل أصحابها.
وقد قسم الكتاب إلى أربعة أقسام :
-
القسم الأول يحتوي على وثائق النشاط السياسي للجمعية حتى 1951 والتقرير السري البريطاني.
-
القسم الثاني يحتوي علي وثائق النشاط الرياضي والثقافي والكشفي وجمعية درنة والقانون الأساسي للجمعية.
-
القسم الثالث يحتوي على وثائق نشاط رجال الجمعية بعد حلها سنة 1951 وحتى سنة 1967.
-
القسم الرابع يحتوي على وثائق الجمعية ورجالها في قضايا الأمة العربية.
وذكر بأن الجمعية أصبحت حقيقة باعتماد قانونها الأساسي في 31 يناير 1943 بالقاهرة وفي الرابع من أبريل 1943 كانت جمعية عمر المختار الرياضية المركز العام في بنغازي حقيقة واقعة، بعد الحصول على الإذن من السلطات العسكرية البريطانية التي تدير شؤون البلاد.
واقر القانون الأساسي بعد إجراء تعديل في بعض مواده من قبل الجمعية المركزية في أبريل 1944. وقد قام بتأسيس الجمعية في بنغازي الأساتذة علي فلاق ومحمود مخلوف والسيد المهدي المطردي، ثم شكل مجلس الإدارة من أعيان مدينة بنغازي برئاسة الشيخ خليل الكوافي قاضي بنغازي وعين كسكرتير السيد سعد الجهاني.
عند عودة مصطفى بن عامر من مصر أصبح رئيسا للقسم الثقافي وتولى سكرتارية القسم محمد بشير المغيربي ونتيجة تطورات – لم يذكرها صاحب الكتاب – في الجمعية أصبح الأستاذ مصطفى بن عامر رئيسا لها والشيخ خليل الكوافي الوكيل والسيد عوض الشيباني السكرتير المؤقت.
يحتوي الكتاب كما تمت الإشارة على وثائق عديدة تجاوزت 120 وثيقة في خمسمائة صفحة من القطع المتوسط، ويقوم الأستاذ محمد بشير المغيربي بتقديم للوثيقة في مقدمة الصفحة وأحيانا يحتوي التقديم على معلومة إضافية على الوثيقة او رأى خاص به.
ويلاحظ أن اغلب الوثائق هي عبارة عن مقالات نشرت في صحيفة (الوطن) أو أخبار ثقافية وسياسية ورياضية من نشاط الجمعية نشرت في نفس الصحيفة او غيرها، وبالتالي فقد يكون الكتاب هو وثائق صحيفة الوطن لسان حال جمعية عمر المختار.
كما أن هذه الوثائق تضم مواقف الجمعية من محيطها ونشاطها في هذا المحيط، لكنها لا تبين ما حدث داخل هذه الجمعية ذاتها، ولا توضح دوافع تغير قيادتها بين الحين والآخر، وبالإضافة إلى ذلك يضم الكتاب تقرير المخابرات البريطانية عن نشاط الجمعية، وتقرير فرع الجمعية بدرنة.
يحتوي تقرير المخابرات البريطانية الذي حرر في أكثر من عشر صفحات في 27 أكتوبر 1952، على كل المعلومات الخاصة بالجمعية التي تهم المخابرات البريطانية، وحول تأسيس الجمعية يقول التقرير: “تكون في عام 1940 نادى عمر المختار اسم بطل المقاومة البرقاوية ضد الايطاليين” بمعسكر أسرى الحرب الليبيين بمصر على أساس انه جمع يقوم بتقديم العون المتبادل والترفيه بالتعاون مع موظفي المعسكر الانجليزي.
وفي عام 1941م تكونت قوة العرب الليبيين للمشاركة في الحملات العسكرية بالصحراء الغربية (شرق ليبيا) واستوعبت هذه القوة العديد من اللاجئين وأسرى الحرب السابقين بما في ذلك الأعضاء المؤسسين لنادي عمر المختار.
وفي عام 1942 لم يسمع شيء عن نادي عمر المختار خلال فترة النشاطات العسكرية للحلفاء في برقة.
وفي عام 1943، سُرّحت القوة العربية الليبية وحلت محلها قوة دفاع برقة، وان عددا كبيرا من المنتمين إلى نادي عمر المختار قد تم تسريحهم، واشتركوا ببرقة في إحياء نادي عمر المختار الذي قام بتدعيمه ستة من البرقاويين منم:
- محمد مخلوف ( عضو فعال )
- علي فلاق ( عضو فعال )
- المهدي المطردي ( عضو فعال سابق. وليس بعيدا كليا عن النشاطات الحاضرة )
- الجنود الليبيين الذين جندهم الايطاليون للحرب معهم ضد الانجليز.
هذا ما جاء في التقرير المخابراتي البريطاني حول تأسيس الجمعية. ويلاحظ أنه الرواية الثالثة حول التأسيس؛ والمختلفة مع روايتي الأستاذ محمد المغيربي، ورواية أحد المؤسسين مهدى المطردي التي ذكرناها أعلاه، ويبين كذلك مشاركة الليبيين في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء.
وفي هذا مفارقة هامة حيث ان الشعوب العربية جميعا كانت ضد الحلفاء لأنها جميعا مستعمرات انجليزية / فرنسية باستثناء ليبيا المحتلة من قبل (جيوش المحور – ايطاليا)؛ وتوجد مقبرة الشهداء الليبيين إلى جانب جنود الحلفاء على أرض (العلمين) التي احتُفل في مصر مؤخرا بمرور نصف قرن على هذه المعركة الهامة، ولم يذكر احد الشهداء الليبيين الجنود المجهولين – حقا – عند الجميع.
أما القسم الثاني من الكتاب فيحتوي على وثائق النشاط الرياضي، وأسماء المشاركين في هذا النشاط مثل مصطفى المكي وعبدالعالي العقيلي وحليم مفراكس وونيس الجبالي، ثم بعض الأخبار التي نشرتها الصحف آنذاك حول هذا النشاط مثل: كأس الشاعر المرحوم إبراهيم الأسطى عمر بدرنة الذي أقيم في مارس 1951، وكأس على بوقعيقيص.
ووثائق النشاط الثقافي والكشفي والمدارس الصيفية والمسائية والتي افتتحتها الجمعية إلى جانب ذكر المشاركين في هذا النشاط مثل: عبدالمولى لنقي ومنصور الكيخيا وبن عروس مهلهل ومحمد حمى والصادق باله والشريف الماقني ومحمد زغبية.
وأُسست لأجل ذلك مجموعة من النوادي مثل:
- نادي العمال بدكاكين حميد وسكرتيره الأستاذ محمد حمى
- ونادي العمال بسيدي حسين وسكرتيره الأستاذ علي الساحلي.
ويحتوي هذا القسم على تقرير عام عن مركز درنة خلال ثلاثة أعوام ابتداء من 18/5/1944 وتنتهي في 18/5/1947 من قبل السكرتير العام عبدالكريم لياس.
ويضم القانون الأساسي لجمعية عمر المختار الذي أقرته الجمعية في 31 يناير 1942 ووافقت عليه الجمعية المركزية في بنغازي في جلستها المنعقد أخرها في ابريل 1944. ومن مواد هذا القانون:
المادة 3 : أغراض الجمعية تنحصر في الثقافة والرياضة والإعمال الخيرية، ووظيفة قسم الثقافة إنشاء فصول دراسية للتعليم، وإصدار صحف ومجلات بقدر الإمكان والعمل لمحو الأمية. أما وظيفة قسم الرياضة فتنحصر فيما يلي:
-
بث الألعاب الرياضية في ليبيا
-
تأسيس نوادي وملاعب وحفلات
-
تكوين اتحادات ليبية لجميع الألعاب الرياضية.
-
تكوين اتحاد ليبي لحكام الألعاب الرياضية.
المادة 4 : تعمل الجمعية على توثيق روابط الشباب الليبي بتأسيس جولات وحفلات رياضية.
المادة 6 : كل فرد يود الاشتراك في الجمعية يجب ان يكون مستور الحال غير مشتهر بما يشين.
وتوضح هذه الوثائق أن الدور الرياضي للجمعية بقى بارزا إلى جانب العمل الاجتماعي، وأن العمل السياسي اتخذ من هذا النشاط وسيلة للاتصال وغطاء، وبالتالي فقد كان الرياضيون من المبرزين في الجمعية مثل مهدي المطردي.
يضم القسم الثالث وثائق الجمعية بعد حلها وهي المقالات التي نشرت بصحيفة (الدفاع) لصاحبها المرحوم صالح بويصير؛ وذلك بعد إغلاق صحف الجمعية وذلك عام 1951، وتنتهي الوثائق عام 1967.
والسؤال: لماذا عام 1967، هل هو التاريخ الذي انتهى فيه عمل الجمعية؟
ويضم هذا القسم موقف الجمعية من المواقف الأمريكية اتجاه القضية الليبية، وحول الوجود الفرنسي في ولاية فزان الذي انتهى عام 1956.
كما يضم القسم المقال الافتتاحي للعدد الأول من مجلة النور التي أصدرها عقيلة بالعون.
و جاء في كتاب الأستاذ محمد بشير المغيربي ان هذه المجلة تتبع الجمعية و صدر العدد الأول منها عام 1957. كما يضم مقالة موقف الشعوب من مشكلاتها.. بقلم محمد بازامه. ثم الوثيقة رقم 13 في هذا القسم وهي مشروع برنامج لتنظيم سياسي تحت اسم الاتحاد الشعبي.
القسم الرابع يضم وثائق العمل القومي لجمعية عمر المختار؛ حيث يحتوي على وثائق تبين علاقة الجمعية بالحبيب بورقيبة، وزعماء الثورة الجزائرية في الخمسينات السيد محمد خيضر وحسين أية أحمد وأحمد بن بلة وغيرهم.
وكذلك عمل الجمعية في تجنيد متطوعين ليبيين لفلسطين في حرب 1948 م. ومقال مصرع مرشد الإخوان المسلمين (حسن البنا) وثمة أكثر من إشارة للإخوان المسلمين بالكتاب تضع علامة استفهام حول علاقة الجمعية بالإخوان. إضافة إلى موقف الجمعية من فرنسا لموقفها من ملك مراكش وحزب الاستقلال.
ثم يختتم هذا القسم بنشر بعض الوثائق حول المواقف الشعبية، ومواقف بعض الشخصيات الوطنية من حرب 1967م.
أما خاتمة الكتاب فقد كتبت حسبما أشار الأستاذ محمد بشير المغيربي أثناء طباعة الكتاب وفي تاريخ صدوره أي في يناير 1993.
ضم الكتاب الوثائق حتى عام 1967، حيث جمع الأستاذ محمد بشير المغيربي الوثائق التي تتحدث عن الجمعية منذ تأسيسها إلى عام 1951 تاريخ حلها، وضم إلى ذلك وثائق لأعمال شعبية وشخصيات وطنية وأعمال المؤلف الفردية؛
والسؤال الذي لابد أن يطرح هل استمر عمل الجمعية كمنظمة سياسية بعد حلها؟
وهل نجاح مصطفى بن عامر ومحمد بشير المغيربي وغيرهما لمجلس النواب كانت ورائه الجمعية؟.
هل يريد الأستاذ المغيربي ان يؤكد: ان الجمعية تحولت من العمل العلني بعد حلها إلى العمل السري أي تحولت إلى تنظيم سري؟
وهل حاول هذا التنظيم العمل في العلن ومن ضمن هذه المحاولات طرح مشروع اقامت تنظيم الاتحاد الشعبي؟
وهل توقف عمل الجمعية عام 1967 حيث توقفت الوثائق؟ أي هل حلت نفسها في هذا التاريخ ؟
ان الكتاب لم يتكلم في هذا الخصوص مما جعل الوثائق المنشورة ضمنه تطرح هذه الأسئلة.
بينت الوثائق غياب البرنامج السياسي للجمعية، وبين قانونها الأساسي أهداف الجمعية في العمل الرياضي والثقافي والاجتماعي، غير أن قراءة الوثائق وضحت أن عمل الجمعية كان يتم تحت شعار الاستقلال واتحاد البلاد، وقد تحقق الاستقلال بإصدار الأمم المتحدة لقرارها بالخصوص ثم أقيمت المملكة الليبية المتحدة؛ أي تحقق هدفا الجمعية في الاستقلال والاتحاد مما يعطي الانطباع ان الجمعية حققت عملها وانتهت بالتالي، وان حلها من قبل الدولة كان تحصيل حاصل فلقد انتهى دورها.
فهل هذا التأويل صحيح أم ان غياب الكثير من الوثائق عن هذا الكتاب خلق الإرباك والتشويش، وبالتالي يدفع هذا الغياب مثل هذا التأويل إلى الذهن؟.
أخيرا الأستاذ محمد بشير المغيربي شارك بفاعلية في الحركة الوطنية في ليبيا لما قارب النصف قرن من الزمان وبفاعلية بينها كتابه (وثائق جمعية عمر المختار – صفحة من تاريخ ليبي)؛
إن هذا الكتاب هو جزء من عمله الوطني السياسي والثقافي لأنه جاء في وقته ليبين ان نضال عمر المختار لم ينته يوم إعدامه في 16 سبتمبر 1931؛ بل امتد في الكفاح المسلح على أيدي المجاهدين يوسف بورحيل وعبدالحميد العبار وغيرهما، ثم ليتواصل في مشاركة الشعب الليبي في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء ليتواصل كفاح عمر المختار السياسي بعد التحرير العسكري للبلاد في عام 1943.
وإذا أردنا أن نكتفي بما لدينا من وثائق، وأن نؤل خطها العام وعملية الجمع والتحقيق معتبرين أن المسكوت عنه هو الخلفية التي تجعل من الممكن تحليل عملية الجمع والتحقيق باعتبارها هي رأى المؤلف؛ إذا اعتبرنا ذلك كذلك فإن هنالك مجمل استنتاجات تجعل من هذا الكتاب الوثائقي هو نوع من السيرة الذاتية لصاحب الكتاب ويتبدى ذلك في أن الأستاذ المغيربي قد تقصى وثائقيا منشطه العام منذ بداياته الأولى.
الوثائق التي يحتويها الكتاب تقدم فكرة توثيقية محددة فيما شارك فيه معد هذه الوثائق كما أنها تمتد إلى بعد حل هذا الحزب ومنع العمل الحزبي المبكر والساري المفعول.
والأدبيات المرفقة تقدم صورة مفصلة للتطور الفكري لعمل الجامع فترة عمل الجمعية وبعد حلها بفترة أطول؛ مما يمكن الباحث بسهولة من استقصاء المفاهيم الفكرية والنظرة السياسية للأستاذ المغيربي وأن لم يشر لذلك مباشرة، وتمكنه الظلال التي تشتد حيث اشتد الضوء المتن من سبر غور البعد النفسي لهذا المناضل الذي تربي في بيئة تجنح إلى التستر وإخفاء جموح الذات للتوكيد.
هكذا يكون هذا الكتاب مرجعا هاما للدارسين العرب والباحثين الليبيين منهم على الخصوص، وأداة تحفز كل من لديه وثائق أن ينشرها، وأن يكتب من ليس لديه وثائق مذكراته حول المرحلة، وأن لا نكتفي بالأحاديث الشفهية التي تنقد عمل الآخرين دون أن تعمل.
***
أحمد الفيتوري ـ كاتب وصحفي ليبي ولد عام 1955 في مدينة بنغازي. بدأ مهنته كصحفي في سن صغيرة. شارك في تأسيس فرقة مسرحية وعمل كمحرر لمجلة من المنزل وتابع العمل ليصبح مراسلا ثقافيا في صحف مثل الفجر الجديد والملحق الثقافي. اعتقل من قبل السلطات الليبية مع مجموعة من الكتاب والصحفيين وحكم عليهم بالمؤبد بتهمة التأسيس والانضمام لحزب شيوعي يستهدف إسقاط نظام الحكم والاستيلاء على السلطة سنة 1978 وأطلق سراحه بعد عشر سنوات يوم 3 مارس 1988.
________________
المصدر: موقع جيل ـ يونيو 2006