زهرة سليمان أوشن

الحالة الدينية في ليبيا متورمة ومصابة بأمراض متعددة لعل أهم أسبابها:

حالة الهيمنة من طرف يدعي آنه على الجادة والصواب ويعتبر الباقين لا حظ لهم في دين ولا علم.

الإقصاء الذي مارسته هذه الفئة على عديد العلماء والمشايخ والمربين أصحاب المنهج الأصيل والتدين الوسطي والذين كانوا ركائز ومنارات للعلم والاشعاع المعرفي المتميز.

السيطرة على أغلب المساجد ومحاولة التمكين لمنهج متشدد مستورد وبعيد عن البيئة الليبية وإرثها وقضاياها.

محاولات مستمرة لتشويه أهل الفضل والإصلاح مع تلميع أنصاف المتعلمين بل وربما الجهلة وتسويق ما يقدمونه مع ضحالته وغرابته بل وخطورته في أحيان كثيرة.

التدليس على الناس بحجة الوقوف في وجه البدع والتمسك بالسنة، والحقيقة أنهم يسوقون لفهمهم الضيق للسنة، ويدافعون عن زاوية نظرهم تجاه القضايا الدينية والفكرية.

الإصرار على تضخيم قضايا مختلف فيها وشبعت بحثا،  وللعلماء في هذا البلد موقف تجاهها توارثته الأجيال، لكن هذه الفئة تصر على تضخيمها وإثارتها في كل مناسبة مثل ما يثيرونه حول زكاة الفطر والاحتفال بالمولد النبوي وعادات الناس في عاشوراء …الخ

خرق اجماع علماء هذا البلد الذين توافقوا على عديد القضايا وعملوا بها، وهي بالتأكيد منطلقة من فهم عميق لكتاب اللهً وسنة رسوله صلى اللهً عليه وسلم ووفقا لمدارس فقهية وفكرية عميقة تجسد فيها المذهب المالكي في أغلب البلد مع شقيقه المذهب الإباضي، إضافة إلى البعد الصوفي السني الذي كان له دوره التربوي والجهادي الذي لا يخفى على أحد.

وقد تعايش الليبيون وتناغموا  لقرون مع هذا المدخلات التي تمايزوا وتميزوا بها، حتى جاء هؤلاء فتلاعبوا بالمعايير وقلبوا الموازين، وجعلوا الأصيل دخيلا والدخيل أصيلا، وسنوا على كل هذه المدخلات المتناغمة سيف التبديع والتفسيق.

وقد نتج عن كل ما سبق فوضى كبيرة في الحالة الدينية لعلي أوجزها فيما يلي :

1- تضخيم قضايا فرعية على حساب قضايا كبرى، والخلل في ترتيب الأولويات واستحداث مشكلات كنا في غنى عنها.

2- تشويش الناس في دينهم وجعلهم يفقدون الثقة في علماء هذا البلد.

3- خلق علاقة متوترة بين الأجيال وترسيخ   التعالي على المشايخ والعلماء، بل وصل الأمر إلى تبديعهم وتفسيقهم للنخب العلمية في هذا البلد.

5- محاولات الطعن في كثير من المؤسسات العلمية والدعوية في هذا البلد في مقابل استحداث وتمويل مؤسسات على منهجهم الذي يعتبرونه الحق المبين.

6- خلل مرجعي خطير، سيؤدي إلى قطع هذا البلد عن تاريخه وإرثه الفقهي والفكري العميق.

7- شق الصف واثارة النعرات وتفتيت الجهود عن قضايا بلدنا وأمتنا.

ختامًا..

لا بد من وقفة جادة وتكاثف لجهود العلماء والمؤسسات العلمية والدعوية لخلق توعية عميقة بما تمر به الحالة الدينية في بلادنا.

ولتحديد مساقات عملية لمواجهة هذا التيار الذي نسف وقلب الموازين للحالة الدينية الرائعة التي كانت سائدة في بلادنا، وعلينا جميعًا أن نتعاون ونتكامل ونحن ننشد معزوفة التعارف والمعرفة والاعتراف ونسعى بكل قوة لتستأصل آفات التشدد والكراهية والعصبية.

_____________

طيوب

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *