تلخيص المحرر

هناك اختلافات عديدة في تعريف وتحديد مدلولات الحريات العامة، وهناك تقسيمات متنوعة لأنواع الحريات العامة، فهناك تقسيما من حيث المفهوم، وتقسيما من حيث الأساس وأيضا من حيث المصادر، وأخيرا من حيث تاريخها.

وهناك خلط أحيانا بين الحقوق والحريات العامة، وبالتالي هناك من يفرق بينهما وآخر يجمع بينهما. فما هي الفروق والمشتركات بينهما؟

نقاط الاختلاف بين حقوق الانسان والحريات العامة تكمن في:

ـ حقوق الإنسان طبيعية سواء اعتُرف بها أو لم يُعتَرف بها بينما الحرية هي ممارسة هذا الحق بعد الاعتراف به.

ـ الحرية تسبق الحق وتمهد له، وبالتالي لن تصبح الحرية حقا، إلا بممارستها ممارسة يتطلبها القانون.

ـ الحرية تضع جميع أفراد المجتمع على قدم المساواة ، أما الحق فيجعل الناس في درجات متفاوتة. فحرية التعاقد مكفولة للجميع، ولكن لا يتمتع بها كل الناس بنفس الحقوق عند ممارسة حرية التعاقد، لأن التعاقد يعني أن هناك حقوقا والتزامات تتفاوت بحسب كل عقد وبحسب موقع كل متعاقد.

ـ الحرية أوسع نطاقا من الحق، لأنها تثبت للجميع على قدم المساواة بوجهها الإيجابي والسلبي، بينما الحق له الوجه الإيجابي فقط.

ـ الناس لا يتمتعون بنفس الحقوق، والحريات تخضع في ممارستها لشروط أقل من الشروط التي يقررها القانون لثبوت كل حق على حدة.

ـ الحقوق مرتبطة بالواجبات ولا تنفصل عليها، فالحقوق تعني الواجبات أيضا، فمثلا عندما تكون الحريات العامة واجبات أو التزامات على عاتق الدولة تصبح في المقابل حقوق للأفراد.

نقاط الاتفاق بين الحق والحرية تكمن في:

ـ الإختلاف بين الحق والحرية اختلاف في اللفظ وليس في المعنى.

ـ هناك رأي يقول بأن الحق والحرية شيئان متلازمان، وأن الحق هو أسمى تعبير عن حرية الإنسان وكرامته. وبالتالي فإن الحريات العامة ما هي إلا حقوق ذاتية تتصل مباشرة بكيان الإنسان كفرد في المجتمع.

ـ الحقوق أحيانا تُعرّف على أنها حرية من الحريات العامة، أي أنها هي الحقوق المعترف بها، مما يجعل حمايتها حماية قانونية ضمان لعدم التعرض لها.

ـ حقوق الإنسان هي حريات تسمح لكل فرد أن يعيش حياته الخاصة بما يناسبه. فالحرية حق في الثبوت، والحق حرية في الممارسة.

:تصنيف الحريات العامة

أولا: على أساس المضمون

الحريات ذات المضمون المادي: وهي التي تتعلق بمصالح الأفراد المادية، ومنها: الحرية الشخصية بالمعنى الضيق، أي حقه في الأمن وعدم القبض عليه أو معاقبته إلا بمقتضى قانون، وحرية التنقل، وحرية الملكية، وحرية المسكن وحرمته، وحرية التجارة والعمل والصناعة.

الحريات ذات المضمون المعنوي: وهي حرية الفكر، وحرية الرأي والتعبير والإجتماع والنشر وتكوين الجمعيات، وحرية التعليم.

ثانيا: على أساس الضرورة والأهمية

حريات أساسية أو أصلية : وهي حق الأمن والسلامة والحرية الخاصة وحرية التنقل وحق الملكية.

حريات كمالية: وهي حرية التجمعات والحريات الاقتصادية والاجتماعية.

ثالثا: على أساس الدور المنوط بالدولة

الحريات السلبية: وهي التي تكون الدولة مطالبة بعد التدخل فيها، أي أنها قيود على سلطة الدولة.

الحريات الإيجابية: وهي الحريات التي تتطلب تدخل الدولة، أي تفرض على الدولة تقديم خدمات إيجابية للأفراد.

رابعا: على أساس الموضوع

الحريات الشخصية: وتشمل الحرية الفردية والحرية العائلية وحرية التعاقد وحرية العمل.

الحريات المعنوية: وتشمل حرية الرأي وحرية الاجتماع وحرية التعليم وحرية الصحافة

حريات المؤسسات: وتشمل الحريات الاجتماعية والاقتصادية والنقابية وحرية تكوين الجمعيات.

خامسا: على أساس نوع الممارسة

الحرية الشخصية: وهي الحريات التعلقة بكيان الشخص وحياته، كحق التنقل والعبادة والأمن.

الحريات السياسية: وهي الحريات التي تتيح للفرد المساهمة في إدارة شؤون الدولة، كحق الانتخاب والترشح والتعبير والصحافة والإجتماع.

الحريات الاقتصادية: وهي الحريات المتعلقة بسبل العيش، كحق العمل والأجر المناسب.

خصائص الحريات العامة:

قدم الحرية: فهي قديمة ودائمة وصالحة لكل زمان ومكان، بل تستغرق حياة الإنسان من الولادة إلى الوفاة.

أصالة الحرية: فهي أصل في كل مجالات الحياة الإنسانية، سواء المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والشخصي لأن الأصل في الإنسان أنه يولد حراً.

نسبية الحرية: فهي في مداها ومضمونها ليست مطلقة، فالحرية التي لا قيود لها غير موجودة في المجتمع المنظم والمقنن بأنها تصطدم بحرية الآخرين وبالمصلحة العامة.

الحرية كل لا يتجزأ: فهي كتلة واحدة، ولا يمكن تحقيق بعض الحريات دون غيرها، وهي مترابطة بعضها ببعض.

الحرية منظمة: فهي تقوم على مبدأ التوازن بين حريات الأفراد وبين المصلحة العامة.

الحرية سبب ونتيجة: حيث أن الديمقراطية تشكل شرطا لتحقيق الحريات العامة، من خلال قدرة المواطنين على اختيار حكامهم وإمكانية مراقبتهم ومحاسبتهم والتظلم ضدهم حتى لا يتجاوزا سلطاتهم.

_____________

المصدر: محاضرات في الحريات العامة للدكتور بن بلقاسم أحمد ـ كلية الحقوق والعلوم السياسية ـ جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2 ـ الجزائر

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *