نظّم مركز بروكنجز الدوحة في 30 يناير 2019، ندوة ناقشت أهمية مراكز الأبحاث في العالم العربي. تناولت الندوة الدور الذي يمكن أن تؤديه مراكز الأبحاث لمساعدة صنّاع السياسات في العالم العربي على صياغة سياسات فعالة ولتنفيذها من خلال تزويدهم بتحليلات وتوصيات مستندة إلى الأدلة. كما ناقشت الندوة القيود التي تعيق مراكز الأبحاث في المنطقة، بما في ذلك البيئات السياسية التي لا تترك مساحة كافية للتفكير المستقل؛ والنقص في المهارات التي يمكن أن تؤثّر في جودة أبحاثها، بالإضافة إلى القواعد السياسية التي تحدّ من تأثيرها في عملية صناعة السياسات.

وشارك في الندوة مجموعة من الباحثين المتميزين بمن فيهم: نادر القباني، مدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة؛ وعز الدين عبد المولى، مدير إدارة البحوث بمركز الجزيرة للدراسات؛ ومحجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج بجامعة قطر؛ وساري حنفي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في بيروت؛ بالإضافة إلى محمد المصري، المدير التنفيذي في المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية. أدار الجلسة عثمان آي فرح، المذيع بقناة الجزيرة، وحضرها لفيف من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.

استهل نادر القباني النقاش عارضاً مركز بروكنجز الدوحة كمثال عن مركز أبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقدّم تحليلاً مستقلاً حول العلاقات الدولية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والحوكمة. وأشار إلى أهمية مراكز الأبحاث لأنها تقدّم حلولاً لمسائل اقتصادية واجتماعية وسياسية حرجة وتؤدي دور الوسيط بين الباحثين وصنّاع السياسات. وأضاف القباني أنّ المنطقة تفتقر إلى إنتاج المعرفة والمؤسسات العامة، وإلى استخدام صنّاع السياسات هذه المعرفة التي تنتجها مراكز الأبحاث.

تابع عزالدين عبد المولى النقاش شارحاً تصنيفات مراكز الأبحاث ومعرّفاً الخصائص التي تميّز المراكز الفعّالة. وأشار إلى أنّ مراكز الأبحاث في المنطقة تقدّم أحياناً أبحاثاّ أفضل من تلك التي تقدمها مراكز في مناطق أخرى من العالم، بخاصّة حول المواضيع المتعلّقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إلّا أنّ مراكز الأبحاث الغربية تتفوّق على مراكز المنطقة بخبرتها الأوسع، نظراً لأنها تأسست قبلها. وقال عبد المولى إنّه لا بد من أن تُتاح الأبحاث التي تقدّمها هذه المراكز عبر منصات متنوعة، مشجّعاً مراكز الأبحاث على إشراك العامة من خلال إصدار مطبوعات دورية وتنظيم حلقات النقاش والفعاليات العامة.

أضاف محجوب الزويري أنه لا بدّ من أن تركّز مراكز الأبحاث على تسريع إنتاج الأفكار بدلاَ من التركيز على السياسات. وحثّ مراكز الأبحاث على إتاحة أبحاثها أمام الحكومات لتعزيز التقدمّ ولرفع مستوى الوعي العام بشأن المسائل ذات الصلة. وقال إنّ مراكز الأبحاث بحاجة إلى مناخ ثقافي وسياسي خصب لكي تزدهر بإنتاجها العلمي. وتواجه المجتمعات العربية تحدّياً في مجال صناعة الأفكار، حيث من الممكن تسييس صناعة الأفكار من قبل صنّاع القرار.

ومن جهته، شدّد محمد المصري على الفارق بين مراكز الأبحاث التي تحلّل السياسات ومراكز الأبحاث الأخرى، لأن الأولى تركّز على الشقّ التحليلي، في حين تركّز الثانية (التي غالباً ما تعمل مع الجامعات) على إنتاج المعرفة. وأشار إلى أنّ مراكز الأبحاث نشأت أولاً في الولايات المتحدة وانتشرت بعد الحرب العالمية الثانية. وأضاف المصري أنّ العديد من مراكز الأبحاث في المنطقة لا تتمتّع بالاستقلالية في التمويل، مما يؤثر في على الأبحاث التي تقدمها.

وأشار ساري حنفي إلى ضرورة أخذ مصادر التمويل بالاعتبار عند تقييم الأبحاث التي تعدّها مراكز الأبحاث، لأن التمويل يشير إلى الأجندات التي قد تطبقها هذه المؤسسات؛ وأضاف أن غياب الدمقراطية في المنطقة يعيق عمل بعض مراكز الأبحاث ويمنعها من تقديم أبحاث موضوعية. وتحدّث حنفي أيضاً عن الثقة المتدنية التي توليها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مراكز الأبحاث وعن أهمية هذه الأخيرة في عملية اتخاذ القرار؛ وعليه دعا إلى المزيد من الحوارات والمشاركة.

وختاماً، ركزت أسئلة الحضور على طبيعة مراكز الأبحاث وفعاليتها ومستقبلها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأشار المشاركون إلى أنه يتعين على مراكز الأبحاث في هذه المنطقة العمل على إجراء المزيد من الحوارات مع صنّاع القرار وفي ما بينها. وأكدوا أيضاً على أنه بإمكان صنّاع القرار في المنطقة الاستفادة من الأبحاث والتوصيات التي تقدمها مراكز الأبحاث هذه.

_____________

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *