شكري السنكي
وُلِد الأستاذ حامد إبراهيم الشويهدي عام 1914م بمدينة بنغازي، حيث تلقّى تعليمه الأول في الكتاتيب ودور تحفيظ القرآن الكريم، فدرس اللغة العربية والقرآن الكريم وعلومه.
ثم التحق بمدارس المدينة حتى نال شهادة تعادل الشهادة الثانوية في وقتنا الحاضر، وتابع دراسته الجامعية في كلية الزراعة بجامعة روما في إيطاليا.
بدأ حياته العملية موظفاً في المحاكم الشرعية بمدينة بنغازي لعدة سنوات، ثم عُيّن عام 1935م مع نخبة من المتعلمين في ذلك الوقت معلّماً، للمساهمة في معركة التعليم التي لا تقوم النهضة من دونها.
ويُعدّ الأستاذ حامد الشويهدي من الشخصيات التي جمعت بين التربية والأدب، وأسهم في تخريج جيل من المعلمين والمربين الذين واصلوا مسيرة النهضة التعليمية في ليبيا.
ومنذ عام 1935م، ارتبط اسمه بمجال التعليم والإشراف التربوي، وظل مخلصاً لهذا الميدان حتى تاريخ إحالته إلى التقاعد عام 1970م.
عمل في معظم مدن وواحات ولاية برقة وقراها المختلفة، وأسهم في افتتاح عدد من المدارس الداخلية، من أبرزها مدرستا الأبيار والعويلية الشهيرتان. كما تنقّل بين عدد من المدن الليبية بحكم المناصب التي تقلّدها في قطاع التعليم على مستوى المملكة، ولا سيّما في طرابلس والبيضاء.
وفي مجال التعليم، شغل الأستاذ حامد الشويهدي مناصب متعددة؛ إذ عمل معلّماً ومديراً ومفتشاً تربوياً حتى وصل إلى درجة وكيل وزارة التعليم. وكان له دور بارز في تطوير المناهج الدراسية والهيكلة الإدارية للوزارة.
كما تولّى في مرحلة لاحقة إدارة نظارة الأشغال العامة، وتميّز بإدارته الرفيعة، ولباقته، وسعة ثقافته، وشبكة علاقاته الواسعة.
كان الأستاذ حامد الشويهدي يجيد عدة لغات، كما كان شاعراً ذا نزعة دينية ووطنية، اشتهرت قصائده في مدح الرسول ﷺ، وقد تجلّت فيها مشاعر الإيمان وصفاء اللغة.
كان محباً لوطنه، مخلصاً له، ذا مواقف وطنية ومبادرات مشهودة. وبعد انقلاب الأول من سبتمبر 1969م، تعرّض للاعتقال فترة من الزمن، ثم أُفرج عنه وأُحيل إلى التقاعد عام 1970م.
انتقل إلى رحمة الله في 27 أكتوبر 1981م بمدينة بنغازي، ودُفن في مقبرة سيدي اعبيد، بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي والوطني.
وفي عام 1984م، أقدم نظام معمر القذافي على إعدام ابنه الصادق الشويهدي شنقاً في مجمّع رياضي وسط حضور جماهيري أُرغم على التواجد، ونُقلت مشاهد الإعدام على الهواء مباشرة عبر التلفزيون الرسمي.
وُلد المهندس الطيّار الصادق حامد الشويهدي في مدينة بنغازي عام 1954م، ودرس في المدارس الليبية حتى نال الشهادة الثانوية، ثم ابتُعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث درس هندسة الطيران، وتخرّج مهندساً عام 1983م.
عاد إلى بنغازي مسقط رأسه في أواخر صيف العام نفسه، وعمل مهندساً في شركة الخطوط الجوية الليبية.
وفي صيف عام 1984م، تعرّض للاعتقال، ثم أُعدم شنقاً في الخامس من رمضان 1404هجري الموافق 4 يونيو 1984م في «مجمع سليمان الضراط الرياضي» بمدينة بنغازي، وذلك في أعقاب أحداث الثامن من مايو التي شهدت مواجهات بين قوات القذافي وفدائيي الإنقاذ من مجموعة بدر التابعة لـ«الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا».
ختاماً، يبقى الأستاذ حامد إبراهيم الشويهدي عَلَماً من أعلام المجال التربوي والتعليمي في ليبيا، ورمزاً للصدق والإخلاص في خدمة العلم والوطن.
لقد ترك بصمة لا تُمحى في مسيرة التعليم، وأسهم بعلمه وجهده في بناء أجيال مؤمنة بالمعرفة والعمل.
رحم الله الأستاذ الجليل رحمةً واسعة، وجزاه عن وطنه وأبنائه خير الجزاء.
***
شكري محمد السنكي ـ كاتب وباحث، نشر العديد من الأبحاث والمقالات في الصحافة الليبية والعربية ومواقع المعارضة الليبية في المنفى في زمن العقيد معمر القذافي. صدرت له أربعة كتب، هي: «منصور الكيخيا: سيرته ومواقفه وقصة اغتياله» و«فيض الذكريات» و «ملك ورجال» و «ضمير وطن.. سيرةُ رجالٍ واجهوا الاستبدادَ وقاوموه»
_____________
المصدر: صفحة الكاتب على الفيسبوك