خلال احتفال عسكري في مدينة بنغازي في العاشر من الشهر الجاري بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش الليبي، أعلن اللواء «المتقاعد» خليفة حفتر (82 عاما) الحاكم الفعلي لشرق البلاد وجزء من جنوبها، قرارا بتعيين نجله صدّام (34 عاما) «نائبا للقائد العام» للقوات المسلحة، وقبل أيام عاد حفتر ليعلن تعيين نجله الثاني خالد رئيسا للأركان العامة لجيشه.
يجري ذلك على خلفية انقسام عميق بين شرق البلاد وغربها، وصراع حاد ينعكس على المؤسسات والقوانين الرئيسية في البلاد، والتي يمثّلها وجود حكومة في العاصمة طرابلس، يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتعترف بها الأمم المتحدة، ومجلس رئاسيّ يرأسه محمد المنفي، تقابلهما حكومة تابعة لحفتر في بنغازي، يرأسها أسامة حماد، ومجلس النواب، الذي كان نتيجة انتخابات جرت في عام 2014، وهو أيضا يخضع لنفوذ حفتر.
يمثّل القراران الأخيران جزءا من خطة يتبعها حفتر لتمكين أبنائه من السيطرة المباشرة على مقدّرات المناطق التي يحكمها، وفي حين تعطي هذه الخطة نجله صدّام دورا رئيسيا بهيمنته على الجيش، وتؤمن لنجله خالد السيطرة على المؤسسة الأمنية، فقد عهد حفتر لابنه بلقاسم بإدارة الجانب الاقتصادي لمملكته، من خلال ما يسمى «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا».
حسب تقارير إعلامية فإن صدّام لم يحصل على شهادة الثانوية العامة، وإنه عندما انطلقت ثورة شباط/ فبراير 2011 لإسقاط نظام القذافي، شارك بمحاولة الاستيلاء على خزائن إحدى البنوك في طرابلس، وهو ما كان بداية تشكّل سمعة سيئة تعززت لاحقا مع تحوّل لواء عسكري عيّنه والده لقيادته عام 2016 (من دون الانخراط في سلك الدراسات العسكرية والأمنية) إلى وحدة كبيرة داخل الجيش دمجت الميليشيات التي شاركت في معركة طرابلس (2019-2020) وامتدت الى جميع المناطق.
وكان اللواء مسؤول عن انتهاكات دفعت منظمة العفو الدولية لإصدار تقرير عام 2022 تقول فيها إن اللواء «قام بإرهاب السكان (…) وارتكب قائمة طويلة من الأعمال المروعة: عمليات قتل، وتعذيب، واختفاء قسري، واغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، فضلا عن التهجير القسري، من دون أي خوف من العواقب»
كما وصفته مجلة «جون أفريك» بأنه «مهرّب دولي» وقالت إن رجاله متورطون في أعمال تهريب الكبتاغون والقنب الهندي والوقود والذهب والخردة المعدنية المسروقة والاتجار بالبشر.
كما مارس عناصره عمليات ابتزاز وخطف ومطالبات بفدية مع رجال أعمال، واستولت قواته على خزائن البنك المركزي في بنغازي.
يستخدم حفتر تمكين أبنائه المتعدد الأوجه، في مشروع سياسيّ داخلي برز مع ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2021، حيث لعب ابنه بلقاسم دورا رئيسيا فيه قبل تسليمه الملف الاقتصادي، كما استخدم هذا التمكين في تأهيل خليفته دبلوماسيا بابتعاثه في زيارات إلى عواصم إقليمية ودولية مثل واشنطن وباريس وروما وأنقرة والقاهرة.
إحدى أشكال «التأهيل» اللافتة كانت زيارة قام بها صدام إلى إسرائيل في تشرين ثاني/ نوفمبر 2021 بعد زيارة إلى الإمارات، وذكر حينها أنه نقل رسالة إلى المسؤولين الإسرائيليين لطلب مساعدة سياسية وعسكرية مقابل تطبيع مستقبلي مع الدولة العبرية.
تجري هذه التحرّكات ضمن مشاريع حفتر للسيطرة على ليبيا عبر الإمساك بالملفات العسكرية والأمنية والاقتصادية، ومن التموضع ضمن المعادلات الإقليمية عبر التأثير فيها، كما هو حاصل من تحالف مع قوات «الدعم السريع» أو عبر تقديم عروض التطبيع، والاندراج في مشاريع إقليمية ودولية أكبر.
_______________