عايدة الكبتي

عندما يتحدث البعض عن المملكة الليبية ويذكروا محاسن تلك الفترة، أجد بعض الألسن والأقلام ممن لم يعشها يقول إنه كان عهد القمل والصيبان والبق !

تخيلوا ذلك !!

أعتقد ان النظافة العامة شئ يخص الفرد ومسؤلية الأسرة وليس الدولة بالنسبة لي .

فقد عاصرتُ عهد الإستقلال فأنا ابنته لا أتذكر سواء من العائلة او الجيران او في المدارس التي درست بها بل كان الجميع في منتهي النظافة والنظام …. لدرجة انه يتم تفتيشنا يوميا ،، تفتيش رؤسنا وأظافرنا.

بل الكل يتسم بالنظافه ويشهد بذلك كبار الزوار والصحافة التي أشادت بنظافة ليبيا وشعبها ولم نكن نرمي القمامة الا في الأماكن المخصصة لذلك وليس خارجها مما يسبب قذارة الشوارع

لم أجد القمل والصيبان الا في نهاية الثمانينات عندما كنت مدرّسة اثناء الحصار. لذلك كنت أشتري الدواء الخاص بذلك علي حسابي الخاص وأدهن به كل تلاميذ الفصل منعا للأحراج ولدرجة أنه ركبني الوسواس وبدأت أدهن شعر أولادي وشعري خوفا من العدوي.

وعندما ناديت علي ولي أمر إحدي الطالبات ليهتم بها تحجّج بأنه لايتوفر لديه الشامبو فأخبرته أننا لم نعرف الشامبو الا مؤخرا وكنا نغسل رؤوسنا بالصابون الأخضر وبعد ذلك أتيح لنا الصابون الفائح او المعطر وكان بالنسبة لنا إختراع كبير ولم نكتف بذلك .

بل كنا نقوم بدهن شعرنا بمزيج من الزيت والجاز مما أكسب الشعر لمعانا وطراوة ولم نصب بذلك القمل والصيبان إذ كانت التغذية المدرسية تقدم لنا يوميا دون فرق بين غني وفقير ومن يريد الكذب فكلامه مردود عليه اذ ليس للفقر علاقه بذلك.

فهناك أغنياء من المشاهير من فنانين عالميين وعرب يسكنون الدور الفخمة ورائحتهم نتنه .

ايضا في كل مكان بالعالم مهما بلغ من تحضر ورقي هناك أناس لايعرفون النظافة ولم تمر عليهم.

أما بالنسبة للجهل فكانت الدراسة أيام المملكة في عزّها وكانت الدولة تشجع ذلك .. بل كانت تدفع رواتب شهرية لطلبة الجامعة وطلبة المعاهد المطلوبة كأنهم في وظيفة عمومية.

لكن الإمتحانات لم تعرف الغش ولا المحسوبية وتشجع العشرة الأوائل فقط في المرحلة الثانوية بأن تبعثهم للدراسة في الخارج ، ونظرا لرسوب الكثيرين لهذا السبب تركوا الدراسة.

بالنسبة للبنات تنتظر العريس الملائم ،،، والشباب يتعلموا حرفة ليكسبوا عيشهم وهو مانراه من خريجي الإبتدائية زمان أحسن مئة مرة من خريجي الجامعة الان وكانت الجامعات في الخارج تقبلهم بكل سهولة .

أما الآن تقوم بعض الجامعات سيئة السمعة ببيع الشهادات العليا لمن يدفع والأمثله علي ذلك كثيره.

بلادنا صغيره ونعرف بعضنا البعض.

أغلب الأجيال السابقة ربتهم إمرأة أمية لاتعرف القراءة ولا الكتابة ولكنها علّمتهم مالم تستطع مثقفات اليوم تعليمه لأبنائهن

***

عايدة الكبتي ـ هي من جيل المملكة الليبية كانت تشغل مذيعة الأخبار ومقدمة برامج تلفزة المملكة الليبية منذ الافتتاح 24 ديسمبر 1968 .

___________

المصدر: صفحة الكاتبة على الفيسبوك

مقالات