حاورهما الاستاذ علي أبوزعكوك
إن مشاركة الأخوين سالم الحاسي وكمال الشامي في الأعمال البطولية التي قامت بها “مجموعة بدر” بقوات الإنقاذ/الجناح العسكري للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا في شهر شعبان 1404هـ ، الموافق لشهر مايو 1984م، تمثل دليلا حيا على قدرة الجبهة وعناصرها على انتزاع زمام المبادرة من القذافي في صراع شعبنا معه من أجل التخلص من نظام الفوضى والخيانة الذي يمثله.
لقد شارك الأخوان في التهيئة للعمل الفدائي في الخارج والداخل، وقد عاشا فترة التهيؤ من أجل الإنقضاض للإطاحة بالنظام الفاشي .. كما شاركا في صنع العديد من الأعمال البطولية في ذلك الشهر المجيد ..
وقد رعاهما الله سبحانه وتعالى ليعيشا داخل الوطن بعد الأحداث ليظهرا لشعبنا وللعالم أجمع ضعف أجهزة القذافي، ومدى الفوضى والإرتباك اللذين يسيطران على القذافي وأتباعه، واستطاع البطلان بعد خروجهما من ليبيا أن يكونا شاهدين على فترة الأحداث وما بعدها ..
وها هي “الإنقاذ” تلتقي بهذين البطلين في الذكرى الثانية لمعارك مايو المجيدة، لتقول للعالم أن هذه هي عيّنة حقيقية من فدائيي الإنقاذ من أبطال “مجموعة بدر“.
الجزء الأول
الإعداد والدخول لأرض الوطن
<>
نبتدئ اللقاء بتحية للأخوين الكريمين سالم الحاسي وكمال الشامي مرحبين بهما بإسم “الإنقاذ” وقرائها:
سالم : الحمد لله الذي أتاح لنا هذه الفرصة الطيبة، ونشكر أسرة تحرير مجلة الإنقاذ على إتاحة هذه الفرصة لعلنا نسجل فيها بعض المعاني القيمة التي أمتلأت بها أحداث مايو، والتي منها قد نستهدي الطريق إلى إنقاذ وخلاص وطننا الحبيب.
ونحن نحب أن نلفت نظر القارئ إلى أننا لسنا بصدد التأريخ لهذه الأحداث، إذ أننا نرى أننا ما زلنا في خضم معركتنا مع الظلم، و “أحداث مايو” ليست إلا حلقة فيه، وتأرخيها يجرنا إلى إبداء الكثير من المعلومات التي قد يؤثر الكشف عنها تأثيرا سلبيا على سير المعركة. وكذلك فإن التأريخ لهذه الأحداث، والذي هو حق طبيعي من حقوق شعبنا، سيكون في هذا الوقت سابقا لأوانه ولهذا فإننا سنعرج في هذا اللقاء على الكثير من العبر، ونرد على كثير من التساؤلات، وندحض الأقاويل المتداولة بين الطاعنين في أحداث مايو.
الإنقاذ: هل من الممكن تحديد الدوافع التي دفعتكما للمشاركة في برنامج العمل الفدائي للجبهة؟
سالم: الإجابة على هذا السؤال بالنسبة لنا تنشطر إلى شطرين، الشطر الأول هو الدافع وراء اختيار العمل الجهادي بصورة عامة. فإن الجهاد ضد الظالمين فرض فرضه علينا المولى عز وجل في قوله:”يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القتال وهو كره لكم“..
لقد دفعت هذه القناعة بعض إخوتنا من أبطال مايو للتفكير في الجهاد في أفغانستان لولا أنه توضح لهم أن الجهاد في أفغانستان فرض كفاية عليه في حين أنه في ليبيا فرض عين على كل منهم .. إذا فالدافع وراء التوجه نحو العمل الفدائي كان في الأساس أمرا عقيديا مضافا إليه الإلتزام الوطني نحو بلدنا الحبيب، والشعور بحاجته إلى نجدتنا له، ذودا عن عقيدتنا، وعرضنا، وحريتنا.
أما الشطر الثاني، هو الدافع وراء المشاركة في العمل الفدائي للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا على وجه الخصوص، فهذا يرجع إولا إلى كوننا اخترنا أن نكون أعضاء في الجبهة التي رأينا أن طرحها ينسجم مع أفكارنا ويمثل جزءً كبيرا من تطلعاتنا. كذلك فإن الجبهة هي الفصيل المعارض الوحيد الذي طرح فكرة العمل العسكري بصورة جادة.
الإنقاذ: ما هي درجة قناعتكما بإسقاط “نظام القذافي“؟
كمال: إن هذا يجرنا إلى الهدف المقصود من وراء العمل العسكري داخل الوطن والذي هو تجسيد كامل لهذه القناعة:
أولا: لم يكن الهدف هو اغتيال القذافي لتعلن الجبهة مسؤوليتها عن ذلك، بل كان الهدف هو إحداث عمل عسكري تفجّر به القوة الكامنة في الشعب الليبي الذي هو الوسيلة الفعالة لإسقاط نظام القذافي، وهذا من واجبنا وواجب الشعب الليبي، ولذا كانت أحداث مايو بداية هذا العمل، وهي حلقة من حلقات العمل الفدائي الذي يخدم هذا الهدف.
ثانيا: أن القذافي في الدورات التسييسية للجان الثورية كان يصرخ بفخر بأن معركته مع خصومه في الخارج دائما، ويستدل على ذلك بإغتياله لبعض الليبيين في الخارج حيث يتواجد خصومه. فكان أحد الأهداف التي حققتها أحداث مايو هو نقل المعركة مع القذافي إلى الداخل، وتحطيم هذا الإدعاء الخاطئ لدى القذافي، والذي حاول أن يوهم به الرأي العام العالمي لفترة ما قبل الأحداث.
ثالثا: أن ما تم في مايو ليس هو كل خطة العمل الفدائي، بل أن الخطة كانت تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن تُكتشف شخصية الشهيد أحمد احواس بعد المعركة التي قامت بينه وبين عناصر القذافي في زوارة، للتغير الخطة إثر ذلك تغييرا كاملا.
وفي هذا ليس أمامنا إلى الرضى بما قضاه الله سبحانه وتعالى، ونحن في رؤيتنا لما حدث نجده تجسيدا لقول المولى عز وجل: “ولو تواعدتم لأختلفتم في الميعاد“.
الإنقاذ: هل بالإمكان إعطاؤنا صورة عن مرحلة الإعداد والتهيؤ التي سبقت الشروع في تنفيذ برنامج العمل الفدائي؟
كمال: إن لمعرفة الجبهة أن معظم الفدائيين قد أجبروا أثناء وجودهم في ليبيا للإنخراط في معسكرات القذافي ضمن برنامج ما يسمى بالتجنيد الإجباري، جعل معظمهم لم يكونوا بحاجة لمدة طويلة من التدريب، وهذا في حد ذاته ردُّ على القذافي الذي توهم بأن هذا الجيل الذي نما وترعرع بعد إنقلابه وتدرّب في معسكرات التدريب عنده، هو جيل “الثورة“!؟ القابل بكل دجله وأباطيله، والذي كان يصف أفراده بأنهم حماة حكمه، ولكن فدائيي “مجموعة بدر” أثبتوا له خطأ توهمه هذا..
لقد كان التدريب بالدرجة الأولى مركزا على المهارات، وبالطبع فإن المدربين بالدرجة الفعلية هم من العناصر الوطنية، وكان على رأسهم الشهيد أحمد احواس، ولم يكن بينهم لا أمريكي، ولا بريطاني ولا ألماني.
سالم: وقد اعتمد الشهيد أحمد احواس في تدريبه على زرع خواص الإعتماد على النفس، وحسن التصرف لدى الفدائيين، وكانت الإستراتيجية العامة للعمل العسكري قد وضعت من قبل مفوضية العمل العسكري، أما الخطط التكتيكية فقد كانت من وضع الفدائيين معتمدين في وضعها على الإمكانيات المتاحة لهم من الداخل ..
وقد اتصفت فترة الإعداد والتدريب بالحماس الشديد لدى الفدائيين، والتشوّق إلى دخول الوطن والصدام مع (النظام) ويدعم كل ذلك تعلق رباني، وتطلع إلى نصر من عند الله، بالفوز بأحدى الحسنيين فكان فوزهم بنيل الشهادة في سبيله.
كمال: كان الفدائيون على علم تام بكل الإمكانيات، وعلى علم حتى بالسلبيات المتوقعة، وعلى معرفة بالبدائل لها، كما كانوا على دراية كاملة بأبعاد درجات الخطورة لما هم مقدمون عليه. ولذلك فقد كتب كل منهم وصيته لأهله قبل دخوله إلى أرض الوطن..
الإنقاذ: من الطبيعي أن برنامج العمل وخطة التنفيذ كانتا تستلزمان وضع برنامج لوجود الفدائيين داخل أرض الوطن، فهل من الممكن تحديد كيفية هذه الترتيبات داخل الوطن؟ وما هي التسهيلات التي أُتيحت لكم؟
سالم: نعتذر عن الإجابة عن هذا السؤال لأن معركتنا ضد قوى الظلم لا زالت مستمرة ولأن هناك الكثير من المعلومات التي قد تستفيد منها في نضالنا ضد الظلم، وهذه المعلومات تمثل جزءً من أسلحتنا ضد القذافي وأعوانه، ولكننا نودّ أن نشير إلى أننا لسنا بأغراب عن وطننا، وأننا من أبناء هذا الوطن. فبالإضافة إلى الترتيبات والتسهيلات التي أعدتها لنا عناصر الجبهة بالداخل قبل دخولنا، فإن جزءً من هذه الترتيبات ملقاة على عاتقنا نحن، وهذا يمثل جزءً من مهمتنا في نقل المعركة إلى الداخل.
الإنقاذ: بعد دخولكما إلى أرض الوطن كيف كانت حالة الداخل؟ وما هي انطباعاتكما على الفترة التي سبقت المعارك؟
كمال: أول انطباعاتنا عن الوطن: كانت الحالة التي وجدنا عليها بلادنا، بالرغم من أن معظمنا لم يكن قد ترك ليبيا لفترة طويلة، إلا أن ما وجدنا عليه البلاد كان أسوأ مما تركناها عليه من فوضى وفساد إقتصادي وإجتماعي. وأكثر من أثر في نفوسنا هو حالة الناس والإضطراب النفسي المخيم على نفوس بعض أبناء الشعب الليبي.
وقد وجدنا كذلك أن الأمور كانت على عكس الهالة التي صنعها النظام حول نفسه، وعكس التصور الذي كان لدينا إثناء إقامتنا في الخارج بأن القذافي متحكم في البلاد أشد التحكم .. وأن أجهزته الأمنية شديدة اليقظة، وأن العمل داخل الوطن على درجة كبيرة من الصعوبة. فقد كانت أجهزته الأمنية أجهزة تقليدية مهلهلة، وكانت تجهل الكثير من مجريات الأمور في البلاد، ووجدنا أن العمل داخل الوطن غاية في البساطة وأن تحركاتنا وتنقلاتنا كانت آمنة، وقد استطعنا في فترة وجيزة أن نكيّف لأنفسنا حياة طبيعية آمنة داخل الوطن.
الإنقاذ: من الضروري أنكم أحتجتم إلى حركة تنقل كبيرة داخل ليبيا، فكيف استطعتم القيام بها؟ وهل كانت هناك متغيرات ناتجة عن ظروف العمل بالداخل أدت إلى إحجاث تعديل في خطة التنفيذ؟
سالم: كما ذكرنا سلفا في وصفنا لما وجدنا عليه النظام من تخلخل وتهلهل في أجهزته الأمنية، فإننا استطعنا أن نتنقل في يسر داخل البلاد واستخدمنا في ذلك كافة وسائل النقل المتاحة، وقد تنقلنا في كافة أرجاء الوطن دون أن يحس بنا النظام وأجهزته القمعية، ولقد اجتزنا في ذلك العديد من البوابات العسكرية والأمنية..
أما عن التعديل في الخطة، فكما ذكرنا سلفا، فقد كانت لدينا استراتيجية ثابتة وضعت قبل دخولنا، ولكن الخطط التكتيكية كانت تحت تصرفنا نضعها ونكيّفها حسبما نجد عليه ظروفنا بالداخل، وحسب الإمكانيات المتوفرة لدينا..
وهذ ما حدث بالفعل .. ولكن استشهاد الحاج أحمد احواس، والإعلان عن شخصه أحدث متغيرا جديدا مما أدى إلى وقوع الأحداث بالصورة التي كانت عليها بعد استشهاده، وهذا بالتأكيد جعلنا نغير من بعض خططنا التي كنا قد وضعناها، ولكنه قضاء الله وقدر، وما شاء الله فعل.
***
في الجزء الثاني، نحاور الأخوين عن استشهاد أحمد احواس واعتقال رفيقيه في مدينة زوارة، وما ترتب على ذلك من أحداث
________________
المصدر: مجلة الإنقاذ ـ العددين 18-19 بتاريخ يونيو 1986
buying priligy online Alcaftadine A topical antihistamine for use in allergic conjunctivitis
Приобретение школьного аттестата с официальным упрощенным обучением в Москве