ـ شهادة صالح بن يوسف
ليس بمقدور أحد مهما أوتي من بيان أن يسبر غور هذا المحيط من الطهر والجراة والاقدام والثبات على الحق .
محمد مهذب حفاف مدرسة علم وأدب وورع ..إنه بحق أحد شباب الأمة الذين يجب أن تُفرد لهم الصفحات الناصعات البيض كاولئك الفاتحين العظام ..
عشت معه سنين فرايت العجب..
هو القيم والمثل عقيدة وسلوكا وعملا ..
في الحق لا يلين ولا يقبل أنصاف الحلول ولا يخشى لومة لائم ..
وفي الحقيقة كان جديرا بذلك العرس بساحة كلية الهندسة..
فلا نامت أعين الجبناء ..
***
ـ شهادة علي العكرمي
شهادة تليق بذلك الشهيد الفذ .
شهادة من شخص خبره عن قرب ، واقتسم معه تلك الزنازين الصلدة ، ذات الجدران المقرورة .
سيرة شهيد، كم نحن بحاجة لابرازها للأجيال القادمة .
فراسة لا تخطىء .. صلابة في المواقف المبدئية لا تقبل بأنصاف الحلول . صاحب رؤية ثاقبة ووعي متميز . في أيامه الأخيرة قبل استشهاده ، كان حريصا على قيام الليل ، وكأنه كان يستشعر دنو أجله .
لن أنسى لحظة وداعه في صباح السادس من أبريل سنة 1983 م، وقد كنت أقتسم معه نفس الزنزانة ، وهو يرتدي بدلته الأنيقة ذات اللون الأخضر ، وربطة عنقه . رجل شعره ، نظر في المرآة ، والتفت الينا بابتسامة عذبة تعلو محياه ، وكأنه يودعنا الوداع الخير . حاول بعض رفاقه طمأنته ، قالوا له ستعود إلينا . نظر اليهم نظرة الواثق بأنه سيلتحق قريبا بمحمد وصحبه . قال لقد أزفت الساعة . غدا الخميس سيكون الالتحاق بالرفيق الأعلى .
ودعنا على عجل هو ورفاقه الشهداء الثلاثة . ” حسن كردي ” عبدالله المسلاتي ” ” صالح النوال ” . نقلوا في نفس اليوم الى قسم المحقرة ، قسم الاعدام .
أقتيد الشهيد إلى كلية الهندسة يوم السابع من أبرل سنة 1983م . ، كليته التي كان قد تخرح منها منذ عشر سنوات . نصبت المشنقة ، أُجبر الطلبة والطالبات على الخروج من المدرجات لحضور وجبة الاعدام . كان النظام الفاشي حريصا على بث الرعب في صفوف الحضور لردع كل من يفكر في مواجهته أو التطاول عليه .
جيء بالشهيد مخفورا وسط هتافات الرعاع من سقط المتاع ” أطلع يا خفاش الليل ، جاك السابع من أبريل ” .
قرأ زميله في ” مدرسة غريان الثانوية ” وفي ” كلية الهندسة ، الهالك “ سعيد راشد خيشة ” عضو اللجان الثورية ، منطوق حكم المحكمة الثورية الدائمة برئاسة “ الطيب الصافي ” بالتصفية الجسدية رغم ان المعني صدر في حقه حكمان بالبراءة من غرفة الاتهام ، ومحكمة الجنايات ، قبل أن يصدر عليه حكم بالسجن المؤبد من طرف محكمة الشعب . غير أن ذلك الحكم لم يرق للطاغية فاستبدله بالسجن المؤبد .
قرأ ” سعيد راشد” الحكم ووصف عائلة الشهيد بأنها عائلة يهودية .
غادرت روح الشهيد المظلوم الى باريها ، ولم يكن يدري ” سعيد راشد ” ان دم ” محمد مهذب حفاف ” سيكون لعنة على صدور الظالمين ، وبأنه سيؤجج روح الثورة ، وبأنه سيدك عرش الطاغية ، وبأنه سيذوق من نفس الكأس أمام وكر سيده في ” معسكر باب العزيزية ” . ولكن شتان بين النهايتين .
هذه نبذة مختصرة عن شهيدنا ، شهيد الكلمة ، وهو نموذج لفيلق من شهدائنا الأبرار عبر سنوات الجمر الأربعين ، الذين واجهوا الاستبداد والمستبدين ، بعد أن اختاروا عن وعي وادراك طريقة ذات الشوكة ، في وقت عز فيه النصير وقل فيه الظهير .
رحم الله شهداءنا الأبرار ، الذين جادوا بأرواحهم الزكية في سبيل مناعة هذا الوطن المعطاء ؛ وستظل سيرهم الخالدة نبراسا يقتدي به الخيرون ، وستبقى أعمارهم أطول من أعمار شانقيهم .
***
من هو الشهيد “محمد مهذب حفاف“، وما هي الجرائم التي اقترفها ليستحق ما جرى له، ولماذا حدث له ما حدث، امام هذا الحشد، وبهذه الطريقة التي تأباها الضباع والافاعي والذئاب.
ولد الشهيد في قرية القواسم بغريان، عام 1947م، وانهى تعليمه الابتدائي والاعدادي، في نفس القرية. ثم تحصل على الشهادة الثانوية من مدرسة “غريان” الثانوية عام 1968م، فالتحق بكلية الهندسة، قسم الهندسة الميكانيكية، بالجامعة الليبية بطرابلس.
اعتقل الشهيد في ابريل 1973م، وهو في السنة النهائية (اي السنة الخامسة)، عقب الهذرمة التي عُرفت بـ“خطاب زوارة” والذي تمخض عنها موجة الاعتقالات التي طالت المثقفين والسياسيين والمتعلمين بصفة عامة، وتمخض عنها ايضا الانجاز الثقافي النادر، الذي سُمي بـ“الثورة الثقافية” التي تجسدت في منع واحراق ومصادرة الكتب والمكتبات، ومنع الفكر والتفكير والابداع، بالاضافة الى اعلان الاحكام العرفية ونشر الفوضى والفوضوية التي تعيشها ليبيا الى يومنا هذا.
كان الشهيد قد اصطدم مع الرائد “بشير هوادي” والرائد “عمر المحيشي” عضوي مجلس قيادة الثورة، في الندوة التي عُرفت بـ“ندوة الفكر الثوري” التي عُقدت في مايو 1970م، كما اصطدم ايضا بمعمر. وكانت وجهة نظره في تلك الحوارات اكثر عمقا وموضوعية مما طرحه معمر، ومما طرحه عضوي مجلس قيادة الثورة، بل كانت وجهة نظره تنم على ذكاء وبعد نظر وفهم دقيق للساحة السياسية في ليبيا والعالم الاسلامي. وربما بدأ الحقد والحسد يدبّان الى النفوس ضد الشهيد منذ تلك اللحظات.
اُعتقل الشهيد، كما ذكرنا، عقب ذلك الخطاب الكارثة، واودع السجن، وعُذّب هو وزملائه الذين اعتقلوا معه، عذابا شديدا، ثم حُوّلوا الى غرفة الاتهام التي أطلقت سراحهم لعدم وجود تهمة اصلا. لكن هذا الحكم لم يرق للقذافي، الذي شتم القضاء قائلا: “لابد ان تُرجعوهم“، فأُعيدوا الى السجن في نفس اليوم الذي أطلق فيه سراحهم، وحُوّلوا الى “محكمة الشعب” التي نظرت في القضية بعد عشرة أشهر، وحكمت على الشهيد بالسجن لمدة خمسة عشر عاما.
لكن هذا الحكم لم يرض ايضا غرور “الطاغية” الذي قال ما معناه: “ان من يدان لابد ان يقضي حياته في السجن الى أن يموت“، فتغير الحكم السابق (15 عاما) الى السجن المؤبد. ثم ولحكمة “لا يعلمها الا الثوريون” اُستبدل الحكم بالاعدام.
ومن المرجح ان الحكم تغير من “المؤبد” الى “الاعدام” اثر اصطدام الشهيد بمعمر في السجن، كما سيأتي فيما بعد. وفعلا اُعدم الشهيد شنقا، في ساحة كلية الهندسة، وفي حفل دموي عكس النفسية المريضة لكل من كان له ضلع في هذا الامر، بصورة مباشرة او غير مباشرة.
أعدم الشهيد، قاب قوسين أو ادنى من مكتبة الجامعة وفصولها ومعاملها، التي كان يدرس بها، بينما كان طلبة وطالبات الجامعة والمدارس الثانوية يراقبون هذا المشهد، وقد ارتسمت على وجوههم البريئة، نظرات الحيرة والذهول والغضب.
اُعدم شهيدنا بعد عشر سنوات من الترهيب والاعتقال والترغيب، من أجل ان يتخلى عن مبادئه، لكن ايمان وعزم وإرادة الشهيد فاقت طموحات الطغاة وتصوراتهم، فلم يثن العذاب، ولم تثن الاغراءات والتهديدات من عزم “محمد“، ولم تحيده هو وزملائه عن مبادئهم قيد انملة أو أقل، فضرب بذلك مثلاً رائعاً على الثبات على القيم والمبادىء التي آمن بها وعاش من أجلها، ودفع حياته ثمناً لها.
****
أستُشهد محمد مهذب حفاف في يوم مشئوم يوافق السابع من أبريل 1983م حيث أعدم شنقا في ساحة كلية الهندسة بطرابلس، ويشترك في جريمة إعدامه كل من راقبه في الكلية والقسم الداخلي وفي شوارع طرابلس خلال زياراته لأصدقائه ومن دلّ على مكانه يوم إلقاء القبض عليه ومن حقق معه ومن عذبه في السجن ومن حكم عليه بالإعدام ومن شارك في التنفيذ بالفعل أو القول أو التأييد.
دخلنا إلى منطقة الكلية في ذلك اليوم فرايت مشنقة منصوبة بالساحة حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا وكنت اركب مع زميل لي في الكلية فقلت له: إني ارى مشنقة. فرد علي: ربما سيستخدمون دمية. فقلت له: ضع السيارة خلف الكلية باتجاه طريق الهضبة فهؤلاء لايمثلون فهم لا يخافون احدا. ترجلنا ودخلنا الكلية من امام إدارة الكلية فشعرنا بتحركات غير عادية وأتت حافلة تحمل تلاميذ مدارس وكان معهم بعض المعروفين ثوريا ومنهم عبد الحميد بيزان من طرابلس وعدد من الشرطة العسكرية. فما كان منا إلا ان خرجنا باتجاه منطقة الهضبة الخضراء المجاورة، وفي البيت قبيل صلاة الظهر التحق بي أحد الزملاء ليبلغني باعدام زميلي العزيز محمد حفاف رحمه الله.
لقد عرفت الشهيد حفاف طيلة خمس سنوات بكلية الهندسة وكان صديقا مقربا واخا كريما احمل له أجمل الذكريات فهو من الناس الذين يذكرونني بالله دائما، كان صادقا في قوله وشجاعا في مواقفه ولا يخشى في الحق لومة لائم. كان يحافظ على الصلاة في وقتها وفي جماعة قدر المستطاع وكان كثير الدعاء عقب صلاته ويرفع ذراعيه للسماء وفي العادة كان يؤم المصلين من الطلبة في بيوت الطلبة.
كان محمد محاورا مقتدرا وكثيرا ما كان يحاور زوار الكلية من أمثال الصادق النيهوم وابراهيم الغويل وأبرز المتحدثين باسم الطاغية في الكلية ومنهم سعيد راشد ومفتاح اعزوزه. في سنة 1973 م شارك في ندوة عن القومية العربية والإسلام وقدم فيها محاضرة عن الاقتصاد الإسلامي.
كانت مشكلة حفاف مع مقولة ” من تحزب خان” وكثيرا ما كان يسال : هل هذه آية أم حديث شريف لكي تصبح قانونا يحكم الناس. لم تكن لحفاف مشكلة غير هذه مع القذافي، فهو في الثانوية كان ناصريا ويردد مقولات عبد الناصر ولكن بعد حرب 67 وهزيمة العرب وصدور كتاب “وتحطمت الطائرات عند الفجر” الذي اطلع عليه، قرر العودة إلى التيار الإسلامي وانضم إلى حزب التحرير بعد اطلاعه على كتاب نظام الحكم في الإسلام لتقي الدين النبهاني وبدا يدعو الناس لأفكاره وخاصة بين الطلاب.
دخل الشهيد حفاف السجن في ابريل 1973م بعد خطاب زوارة مع كوكبة من النشطاء سياسيا في ليبيا بتهمة الإنتماء إلى حزب سياسي وتعرض لصنوف من أنواع التعذيب من الضرب والصعق بالكهرباء والغمر في الماء وتمت محاكمته عدة مرات من اعضاء اللجان الثورية لاحقا وصدر بحقه حكم بالإعدام وبقى في السجن لمدة عشر سنوات. انتقل خلالها بين سجن باب بن غشير وسجن الجديدة عام 1977م وفي نفس الفترة دخل السجن اثنان من إخوته معه وكان أبوهم صابرا محتسبا رحمه الله.
ثم نقل داخل سجن باب بن غشير ضحى 6ابريل 1983 إلى حجرة أخرى فيها مجموعة من حزب التحرير حُكم عليها بالإعدام في ليلة 6 ابريل وهم سبعة عشر رجلا . حفاف كان رجلا مهذبا و على خلق كريم لم يحمل سلاحا ولم يؤذ احد في حياته ومشكلته الوحيدة أنه كان يطالب بالحرية السياسية ويحلم بقيام دولة إسلامية.
في يوم إعدامه جاؤوا به لمقابلة القذافي قبل السابعة صباحا في مكان معروف في مكتب الطاغية والتقى به وجها لوجه فقال له الطاغية: ألم تتب بعد؟ فرد عليه: من منا يخالف كتاب الله كي يتوب؟ فقال لهم : خذوه. اتوا به إلى مقر مثابة اللجنة الثورية بكلية الهندسة حيث اجتمع اعضاء اللجنة الثورية، وقرأ سعيد راشد الحكم، ثم طلب من علي فارس ان يتلو البيان في الساحة فاعتذر متحججا ببرد ألم به فتم تكليف البحباح ليتلو البيان قبل تنفيذ الحكم. خرجوا بعد ذلك بأخينا محمد حفاف إلى ساحة الكلية حيث تجمهر عدد كبير من طلاب المدارس وبعض طلاب واساتذة الكلية تحيط بهم الشرطة العسكرية التي كانت تمنع الناس من مغادرة المكان.
في الساحة وقف حفاف وحيدا ونظر يمنة ونظر يسرة لعله يرى شخص يعرفه فهو طالما جال في هذه الساحة فلم ير سوى وجوه الغربان وهم يصيحون ككلاب مسعورة، فبدا عليه التوتر ونزع نظارته من فوق عينيه ورماها على الارض فهو يعرف انه لن يحتاج لها بعد هذا اليوم، ثم نزع ساعته وألقى بها فهو يعرف ان الوقت لن يهمه بعد لحظات.
وقف في الساحة مسالما كعادته واقفا كالنخيل لا يهتز ولا ينحني وأنفه مرفوع في السماء. وقام احدهم بوضع حبل المشنقة في عنقه والجموع من حوله من كلاب الدم تهتف لسيدها: الفاتح، الفاتح، وهم يتقافزون بالساحة تماما مثل ما سيفعلون على نار جهنم بإذن الله. وعلينا أن نتذكر أن بعض الذين شاركوا في القبض على السياسيين في سنة 1973م والذين شاركوا واحتفلوا بعملية إعدام حفاف الآن أساتذة بالجامعات وقد يصل بعضهم للوزارات.
فارق حفاف الحياة وحيدا ولم يك معه لا نصير ولا رفيق ولا قريب غير ملائكة الرحمن التي جاءت لتزفه إلى الجنة بإذن الله. وهنا راق لبعض المرضى ومنهم المدعو المشاي لكمه في بطنه وهو معلق في حبل المشنقة حتى تمزق قميصه، إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد كان حفاف الفائز الوحيد في ذلك اليوم فنال الشهادة بينما يحمل كل من حضر وشاهد نصيبه في الجريمة إلى يوم القيامة، وكل من فرح وهلل في ذلك اليوم هو نادم اشد الندم حيا كان او ميتا والعياذ بالله. ولا أحد يعلم حتى الآن أين دفن أو أين وُضع جسده الطاهر.
ينتمي محمد حفاف لاسرة مجاهدة تمتد اصولها في التاريخ إلى مكة المكرمة فشجرة العائلة تنتهي بسيدنا عمر بن الخطاب، ولد محمد في غريان بالقواسم سنة 1949م وترعرع بين جبالها ودرس المرحلة الابتدائية في غريان ثم رحل إلى الزاوية حيث اكمل دراسته في القسم الداخلي بالزاوية وفيها تعرف على استاذ فلسطيني دعاه للانضمام لحزب التحرير.
كان محمد حفاف جديا ولا يضيع وقتا ولا جهدا، حريص على الوقت وقضيته الكبرى هي الدعوة إلى الله ولحزب التحرير والتبشير بقيام دولة الخلافة، واذكر اثناء فترة التدريب العسكري بعيد انقلاب سبتمبر المشئوم انه كان ياتي للتدريب مبكرا في صباح كل يوم وقال لي ذات يوم: انا ابحث عنها في السماء وأتتني إلى الأرض فهل اتركها. لقد كان يمني نفسه بالجهاد في سبيل الله واغلى ما يتمنى ان يدخله الله الجنة وهكذا يكون كل من يحمل هم رسالة.
خلال فترة دراسته بالكلية كان مُراقبا من الجهات الأمنية وقد بلغنا بواسطة أحد ضباط الأمن الداخلي أن مجموعة من الطلبة سوف يتم القبض عليهم وذلك قبل خطاب زوارة 1973م، واذكر أننا كنا في حلقة نقاش داخل حجرة حفاف بالقسم الداخلي بعيد العصر والحجرة مغلقة وإذا بأحدهم يحاول فتح الباب عنوة من الخارج وكاد أن يكسر الباب لولا مرور مجموعة من الطلبة ففر من أمامهم. سألت حفاف عن هذا الشخص فقال: أنه الفيتوري الشلفاح، لم اهتم بالأمر فأنا أعرفه طالبا معي في نفس السنة، ولكن عند ما أُلقي القبض على بعض المجموعة واجههم ضابط التحقيق بتقارير قال أنها من الملازم الفيتورى الشلفاح تفيد بتورطهم في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
وهكذا كما ترون أخواتي و إخوتي الكرام مات محمد حفاف شنقا بدون جريمة يرتكبها إلا أن يقول: كلنا بشر ونستحق أن نكون أحرارا نختار لحياتنا ما نشاء وننضم لمن نختار؛ ومثله مات الكثيرون سواء على أعواد المشانق أو في غرف مغلقة أو في دروب المهاجر وبعدة طرق، وتوزع دم كل واحد فيهم بين الواشي من الزملاء والجيران والمراقب من البوليس السري والدال على مكانه وشرطي القبض وشرطي التحقيق والسجان ورجال التعذيب وخدام المشانق والمتاجرين بها للحصول على بعثات ومزايا وبين المشاركين والعازفين والهتيفة من أعضاء اللجان الثورية كلهم له نصيب في الجريمة. فهل لأحد من هؤلاء الذين شاركوا في الجريمة توبة؟ ومن يقبل التوبة من رجل يداه ملطختان بدماء الأبرياء؟ ومهما انشق على الأرض أو حتى في السماء فهو يبقى قاتلا لبريء.
_______________
المصادر: صفحات التواصل الاجتماعي