هو الزعيم/ السنوس . ابن الشيخ القاضى الفقيه محمد سعيد الزيدانى.

كثير منا فى ذلك الزمان يعتقد أن الزعيم السنوسى الفزانى من فزان ولكنه من مواليد فزان عام 1917 م والده الشيخ محمد سعيد الزيدانى وهو من قبيلة عربية شريفة النسب تنتمى إلى جدهم الشيخ زيدان بن زيد ويعودون ينسبهم الى سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، ورضى الله عنه .

انطلق جدهم من اوجله وانتشر نسله فى اجدابيا بالبريقة والجفرة وودان وتميز أبناء هذه القبيلة بالتدين والطيبة وكثيرا ما يكون لهم دور فعال فى الإصلاح بين الخصماء وحل المشاكل بين القبائل بالنظر لمكانتهم بين القبائل بسبب أصلهم الشريف.

والشيخ الفقيه/ محمد سعيد الزيدانى عينته الحركة السنوسية قاضيا لفزان وراعيا لنشاط الحركة السنوسية بها ، ووسط هذا الزخم الدينى وفى بيت الفقيه القاضى ولد السنوسى ولعل اختيار والده لهذا الاسم يعكس حب وولاء الشيخ محمد سعيد للسنوسية وطرقها واتباعها . وبالطبع تلقى تعليمه الأول دينا قويما ولغة عربية فصحى.

ارسل بعدها الى مصر برعاية سنوسية وتربى ببيت الملك حتى أعتقد الناس أن الملك قد تبناه وتلقى تعليما عسكريا بالكلية العسكرية المصرية بالقاهرة ثم عهد به الملك إلى دورة متقدمة تحت إشراف الضباط البريطانيين استحق بعد ذلك بجدارة رتبة ملازم أول بالجيش السنوسى .

وكانت لديه إضافة إلى سماته القيادية صفات لاتناقضها ولاتتعارض معها فقد عرف بين جنوده باهتمامه ورعايته لكل من يهم الجندى ويشغل باله من شؤونه الخاصة والشخصية وحياته المعيشية، فكان يقوم بدور الأب العطوف دون أن تنقص من هيبته وصرامته وشدته وقوة شخصيته شيئا وكان يمنع الإهانة والسخرية واستعمال الألقاب المسيئة لأى جندى أو مستجد ، وكان يرسخ فى  الاحترام المتبادل بين الضباط والجنود وكان هو مثالا للأخلاق الحميدة والأدب الجم  والابتعاد عن الألفاظ السوقية المبتذلة ، فاجتمعت قلوب جنوده على حبه حتى تغنوا به .

ونجحت إدارته فى كل ماتكلف به من مهام. ( وطاعة الجندى محبة تفوق طاعته خوفا اوطمعا ) هذا تفسيرى لعلاقة الزعيم السنوسى الفزانى مع جنوده. وحين عاد مع الملك إلى ليبيا اكتسب السنوسى محبة أهل بنغازى واعجابهم وكان شديد التواضع جم الادب قوى الحجة فاندمج فى المجتماعات الشعبية و الشبابية وعرف أنه أقوى رجال الجيش وأكثرهم  تواضعا.

نال رتبة زعيم فى الجيش وهذه الرتبة الرفيعة تعتبر وسام شرف الى جانب ترتيبها فى صفوف الجيش وهى تعادل رتبة عميد فى الوقت الحالى.

وقد رأى الملك حماية للدولة الناشئة وحفاظا على تماسك الجيش الليبى وحمايته من تغلغل المد الإقليمي أو القومى أن تشكل قوة سريعة التحرك والالتفاف والتقدم بآليات مدرعة صغيرة واسلحة حديثة تكون جاهزة للتصدى لكل تحرك مضاد لاستقرار الدولة . ولما كان الملك يعرف قدرات الزعيم السنوسى الفزانى على التنظيم والادارة فقد امره بتشكيل قوة عسكرية مستقلة تماما عن الجيش الليبى تحت اسم ( القوة المتحركة). 

وبكل جدارة استطاع الزعيم السنوسى الفزانى أن بينى هذه القوة عسكريا ( رجال وسلاح وعدد وعدة ) وأن يبنيها اداريا ومهنيا من حيث ( تراتيبها وعقيدتها وقواعد اشتباكها ومعسكراتها ) فنصبه الملك قائدا لها وهو الخبير بمهامها وواجباتها. وكما هو متوقع فقد اجتمعت قلوب الجند على محبته واحترامه وطاعته .

وفى عام 1960م بعد أن قام الأستاذ حسين مأزق رحمه الله بتشيبد ضريح الشيخ الشهداء ليكون رمزا لكل الأجيال يذكرهم بحب الوطن والموت دونه ، وليكون مزارا لضيوف ليبيا لكشف جرائم الاستعمار الايطالى ، ظهرت شكوك حول قبر شيخ الشهداء بمقبرة سيدى اعبيد تدور حول إمكانية قيام الإيطاليين بدفن شخص آخر مكانه ودفن عمر المختار فى مكان مجهول فطلب الزعيم السنوسى فتح القبر قائلا : انا اعرفه معرفة جيدة وسوف اتأكد منه وفعلا فتح له القبر وأعلن بما لا يدع مجالا للشك ان الجثمان فعلا لعمر المختار وأنه تعرف عليه. وبذلك تمت مراسم نقل الجثمان.

فى عام 1964م قام الطلبة بتظاهرة ضد الملك والمملكة واستعملت القوات العسكرية التى حضرت لتفريق المظاهرة الرصاص الحي مما أسفر عن استشهاد ثلاثة من الطلبة ووجهت التهمة الى الزعيم السنوسى الفزانى وتم التحقيق معه ومحاكمته بعدة جلسات  فثبت للقضاء أنه ليس له يد فى الحادث بل كان خارج البلاد ولم يصدر أى تعليمات بفض المظاهرة فبرأته المحكمة واخليت ساحته وعاد لسابق عمله .

شارك الزعيم السنوسى الفزانى بدور هام وفعال فى دعم ثورة الجزائر وكان يؤمن تهريب السلاح للمجاهدين الجزائريين عبر ليبيا حتى الحدود الجزائرية .

.وفى منتصف شهر أغسطس 1969م صدر أمر غير متوقع ومفاجئ لم يظهر له تفسيرا حتى الآن وهو اعفاء الزعيم السنوسى من مهامه ونقله إلى وظيفة شبه مدنية لا يعلم الكثير عن أهميتها حتى الآن وهى بعيدة عن الاعين وبعيد عن الاضواء ، وبعيدة عن المجتمع ، وبعيدة عن أجهزة الدولة ، واروقة السياسة .وهى وظيفة ( حكمدار المطافئ ) وهى تدل على الرغبة فى ابعاد هذا الرجل من قيادة القوة المتحركة وتدل من جانب آخر على الرغبة فى النيل من كرامته واهانته .

وبعد اسبوعين تغير الحكم فى ليبيا وأصبحت جمهورية وكان الزعيم السنوسى الفزانى أول من يعتقل ويلقى به فى السجن وينقل إلى سجن الحصان الاسود بطرابلس ووجهت له عدة تهم واعيدت محاكمته عن احداث سنة 1964 م. وبعد ثلاث سنوات برأ القضاء  ساحته للمرة الثانية من سلطتين مختلفتين واخدين مختلفين وأسقطت عنه كل التهم التى وجهت إليه القديمة منها والحديثة .وكلف بدفع غرامة مالية لإخلاء سبيله  ، فعجز عن دفعها وكان الزعيم السنوسى الفزانى رجلا يعيش على راتبه ليس له إلا بيتا صغيرا متواضعا، فلا قصور ولا عمارات ولا مزارع ،ولا استراحات،  ولا سيارات ، ولا ذهب ، ولا مجوهرات . فتنادى اهل بنغازى  . ودفعوا عنه الغرامة وعاش وسط احترام أهل بنغازى واحترامهم وتوقيرهم ولم ينسى صنيع أهل بنغازى فى الوقوف معه فى محنته  الى ان وافته المنية عام 1978م وقد تأثر الملك لفقده فأرسل إلى أهله معزيا ومواسيا لهم. اللهم أغفر له وارحمه واكرم نزله ووسع مدخله واجعل الجنة مأواه ومستقر

____________________

المصدر: صفحات التواصل الاجتماعي 

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *