ـ والد هذا المخلوق، كان يعمل في الشرطة السرية، في قرية الرحيبات في الجبل الغربي، عمل في شركة نفط وهو طالب منتسب إلى كلية الآداب في جامعة بنغازي، وتخرج من قسم التاريخ بها، وعمل كمدرس بمدرسة طرابلس الثانوية.
ـ ظهرت عليه ميوله القومية أو الناصرية مبكرا، وكان كثير الحديث عن سلبيات النظام الملكي، عينه القذافي محافظا لمدينة مصراتة (رغم أنه من سكان طرابلس)، وقد اشتهر بعد أن قام بضرب أحد المواطنين في مصراتة، وحكم عليه بالسجن، ولكن المؤتمر القومي العام ـ للاتحاد الاشتراكي العربي تدخل وأصدر قرارا بالافراج عنه.
ـ عينه القذافي وزيرا للأعلام والثقافة، وكان دوره هو تصدير توجهات القذافي وتعبئة العرب لتبنيها، وركز اهتماماته بالصحفيين العرب وبخاصة اللبنانيين، وقام بتمويل عدد من الصحف اليومية والاسبوعية لهذا الغرض، فموّل مجلة “بيروت المساء” لأمين الأعور، و”الكفاح العربي” لوليد الحسيني، و”السفير” لطلال سلمان.
ـ اقحمه القذافي مبكرا في القيام بالمهام السياسية الخاصة ذات الطابع الحساس، ولعل دوره في مهاجمة الامبراطور هيلا سلاسي، ونعته بالرجعية والعمالة والتخلف من أكثرها حساسية. وكان دوردة كثيرا ما يندفع بتعبيرات يعتقد بأنه يمثل مواقف القذافي.
ـ قبيل أصدار القذافي لكتيبه الأخضر، كان دورده قد أصبح محسوبا على تيار الدكتور عصمت سيف الدولة في مصر، مما أدخله في صراع مع الناصريين والقوميين، وقام القذافي بعد ذلك بتحجيم الناصريين بطرق مختلفة. وكان رمضان عبدالله مكلفا بالاشراف على مطبوعة تصدر من رابطة الناصريين، فطلب القذافي من دوردة أن يتولى الإشراف على المطبوعة بدلا منه. وكان ذلك اختبارا لبوزيد دوردةز
ـ نقل القذافي بوزيد دوردة من وزارة الإعلام إلى وكيل بوزارة الخارجية التي كان رئيسها عبدالمنعم الهوني، وكلف محمد بلقاسم الزوي بوزارة الاعلام. وعقابا لرمضان عبدالله أصدرالقذافي تعليماته إلى وزير الداخلية بإعادة رمضان عبدالله إلى البوليس برتبة عريف، حيث أنه كانت أجهزة الأمن قد زرعته بين صفوف الطلبة الناصريين في ليبيا ليصبح قائدا للجناح الناصري في ليبيا.
ـ وبعد اكتشاف محاولة عمر المحيشي في مايو 1975، وكان عبدالمنعم الهوني هو أحد المشاركين فيها ولذلك سافر إلى روما ولم لليبيا بعدها، وهكذا أصبح أبوزيد دوردة عمليا وزيرالخارجية، وإن استمر بصفة وكيل الوزارة. وبعدها ترك وزارة الخارجية تنقل بين وزارات الاقتصاد والبلديات والزراعة. وكلفه القذافي بالاشراف على التسهيلات اللوجستية إلى عيدي أمين دادة ضد المناهضين له بدعم من تنزانيا، وقد برر دوردة تدخل القذافي لدعم الدكتاتور عيدي أمين بكون الأخير زعيم مسلم ويتعرض إلى مؤامرة محكمة ضده تقودها الكنائس العالمية.
ـ كان دوردة دائما على رأس هؤلاء الثوريين ويتقدم بجرأة نحو تنفيذ تعليمات القذافي دون تردد ولا يأبه بتحفظات التكنوقراط وأهل التخصص في أي مجال من المجالات، وقد وصفه شلقم في كتابه بأنه “رئيس الأركان في معركة التحول إلى الاشتراكية التي كان قائدها الأعلى معمر القذافي”. وهكذا، فكلما أراد القذافي اقتحام مساحة جديدة من مساحات البرامج الثورية الجذرية، وضع أبو زيد في مقدمة كتائب التنفيذ، سواء في المجال الإداري عندما عينه وزيرا للبلديات، أو في الاقتصاد والزراعة.
ـ في عام 1990، وبعد مراحل التغيير المستمر للقيادات الجهوية والمركزية، والتنقل بين مفاهيم الإدارة الثورية، والإدارة الشعبية، والارتباك الاقتصادي، واستشرا الفساد، وضعف سيطرة الدولة على الهيئات والمؤسسات الإدارية والمالية، وظواهر السخط بدأت تتصاعد بين الليبيين، عندها دفع القذافي إلى وضع أبوزيد دوردة على رأس الهرم الإداري (أمين اللجنة الشعبية العامة)، رئيس الوزراء.
ـ كان أبوزيد دوردة يعلم تماما أنه يساهم، من مختلف المواقع، في تفكيك مفاصل الإدارة بل هدم الدولة. ورغم ذلك لم يسلم من إهانة القذافي له ومعاقبته، كما حدث له في قضية بيوت المركب السكني الذي خصص لأبوزيد دوردة ووزائه، وكانت الارض التي شيد فوقها المركب السكني تخص قبيلة “الهماملة”، فقام القذافي بالاتصال بعدد من رجال قبيلة الهماملة، وحرضهم على أن يزحفوا على بيوت الوزراء ومن بينهم بيت دوردة، ومن دون إنذار تدافعت عائلات من القبيلة وهاجمت بيوت الوزراء وألقوا بما فيها في الشارع وكان بيت دوردة أول الضحايا، فحمل أمتعته وتوجه إلى مدينة هون في المنطقة الجفرة وأقام بها ومارس عمله هناك.
ـ قام أبوزيد دوردة، عندما كان مندوب ليبيا في الأمم المتحدة بالاتصال بالعديد من الليبيين ومن بينهم “جماعة الاخوان المسلمين”، وأيضا خليفة حفتر وعمل على إقناعهم بالعودة إلى ليبيا والتصالح مع النظام، وكان حفتر على اتصال مع أحمد قذاف الدم أيضا، وبعد فترة اتفق الثلاثة على أن يقوم القذافي بشراء بيت لخليفة حفتر في القاهرة.
ـ كان أبوزيد دوردة على علاقة جيدة مع التهامي خالد وجهاز الأمن الداخلي، ولكنه على عداء مع موسى كوسا وأبوشعراية فركاش في جهاز الأمن الخارجي، وعندما أُعفى من منصبه في الأمم المتحدة، وأُعيد إلى طرابلس، هناك كلفه القذافي برئاسة جهاز السكة الحديدية بدلا من عزالدين الهنشيري، ولكنهما لم يحققا إي خطوات ملموسة في المشروع.
ـ في مارس 2009، قام القذافي بتكليف موسى كوسا وزيرا للخارجية، وبقى منصب رئيس جهاز الأمن الخارجي شاغرا، وطرحت أسماء كثيرة لشغله، ولم يكن من بينها أبوزيد دوردة، وفي شهر يونيو 2009، اختار القذافي أبوزيد دوردة لمنصب رئيس جهاز الأمن الخارجي، وكان ذلك مفاجأة للجميع، ولكن القذافي اختاره دون استشارة احد، وقد تاكد أنه أحسن الاختيار.
ـ الخلاصة أن القذافي اعتمد بشكل كبير على ابوزيد دوردة بتكليفه بمناصب قيادية كثيرة، بل انه لم يستبعد على مدى اربعين عاما من المناصب الرسمية في نظام القذافي وبالتالي يكون دوردة شريك أساسي في تقويض وهدم الدولة الليبية، والمناصب التي كلف بها هي:
- أمين لجنة إدارة جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق.
- مدير جهاز تنفيذ السكك الحديدية
- مندوب ليبيا في الأمم المتحدة
- أمين مساعد لمؤتمر الشعب العام
- أمين اللجنة الشعبية العامة
- أمين اللجنة الشعبية العامة للاقتصاد
- أمين اللجنة الشعبية لبلدية الجبل الغربي غريان
- أمينًـا للاستصلاح وتعمير الأراضي
- أمين اللجنة الشعبية العامة للبلديات
- وزير الاعلام والإرشاد القومي
- وزير الزراعة
- محافظ مصراتة
بعد انتفاضة 17 فبراير، شكلت لجنة أمنية لمواجهة الانتفاضة التي تحولت إلى ثورة شعبية ليبية مسلحة، فكان أبوزيد وسط تلك اللجنة التي ضمت كل من: التهامي خالد (أمن داخلي)، عبدالله السنوسي (الاستخبارات العسكرية)، الهادي امبيرش (غرفة العمليات العسكرية)، منصور ضو (الحرس الشعبي)، أبوزيد دوردة (الأمن الخارجي).
ـ جرى اعتقال أبوزيد دورده يوم 11 سبتمبر 2011 على خلفية موقفه من أحداث فبراير، وحاول الهرب من مكان توقيفه بالقفز من الطابق الأول محاولة، فأصيب بكسور وتم معالجته في مستشفى قاعدة امعيتيقة، وكان في ذلك الوقت في سجن تحت إدارة كتيبة ثوار طرابلس.
ـ تم الإفراج عنه في فبراير 2019 على أن يغادر البلاد ، فإختار الإقامة في مصر ، وخاطب الليبيين عبر وسائل الأعلام يدعوهم لمناصرة مجرم الحرب خليفة حفتر وميليشياته، على أنهم جيش ليبيا.
ـ أثبت أبوزيد أنه رجل القذافي في كل الاوقات ولكل الأحداث، وعندما قتل القذافي يوم 23 اكتوبر 2011ن كان لسان حاله : “ياريت يا أبوزيد ماغزيت”.
_____________
المصدر: : تم اقتباس هذه الفقرات (بتصرف من المحرر) من كتاب “أشخاص حول القذافي” للكاتب عبدالرحمن شلقم (دار الفرجاني ـ 2012)