علي عبداللطيف اللافي
في يوم الجمعة 11 أبريل 1980 وبعد فراغ الإذاعي الليبي محمد مصطفى رمضان من أداء صلاة الجمعة في مسجد لندن المركزي، وبينما هو يغادر ساحة المسجد ليلتحق بزوجته وابنته، اعترض طريقه شخصان أطلقا عليه الرصاص من مسافة قريبة في وضح النهار وأمام مرأى ومسمع المصلين والمارة..
كانت تلك الحادثة المروّعة واحدة في سلسلة من الجرائم التي خططت لها ونفذتها لجان التصفيات الجسدية التابعة للجان الثورية التي أسسها وقادها حاكم ليبيا السابق العقيد معمر القذافي.
بدأت علاقة “محمد مصطفى رمضان” بالقذافي عبر سلسلة من الرسائل المفتوحة وجهها إليه خلال الفترة ما بين 1972 و1977، وكان رمضان آنذاك يعمل مُذيعا في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية، اختار في رسائله تلك أسلوب النصيحة والنقد البناء والحوار السلمي، تجاوب القذافي مع تلك الرسائل المشحونة بالتحليل والنقد البناء أحيانا واللاذع أحيانا أخرى، بأن حاول إغراء المذيع بالرجوع إلى العمل الإعلامي في ليبيا، ثم العمل في مالطا أو في لندن، وكان ابن عم القذافي أحمد قذاف الدم هو حلقة الوصل بينهما إذ كان له مكتب خاص في لندن يتردد عليه.
وكان من بين مهامه استقطاب العناصر الليبية الذكية والمؤهلة للالتفاف حول قيادة القذافي وما يطرحه من أفكار و”نظريات”، ولكن سرعان ما بدأت عُيوب نظام القذافي تتعرّى، خاصة إثر خطاب زواره المشهور في 7 أبريل 1973 الذي أعلن فيه ما أسماه “الثورة الثقافية”، أودع على إثر ذلك الخطاب مئات من خريجي الجامعات والكتاب والمفكرين والإعلاميين والمثقفين السجن لمجرد مناهضتهم لأطروحات القذافي، وازدادت الأمور سوءا بعد تنفيذ حكم الإعدام عام 1975 على مجموعة من الضباط بتهمة الاشتراك فيما عرف بمحاولة “عمر المحيشي” (عضو مجلس قيادة الثورة سابقا).
كان “محمد مصطفى رمضان” في مقدمة الأصوات التي انبرت لكشف مثالب الحكم العسكري والتنديد بممارساته القمعية بعد أن اتّجه القذافي إلى أسلوب الحكم بالوسائل القمعية، فسارع بإنشاء “اللجان الثورية” التي كانت مهمتها منذ البداية “حماية الثورة” وتجنيد جميع العناصر التي تمثل أي رفض أو معارضة لخط العقيد القذافي أو تصفيتها، وكان للجان الثورية القدح المعلى في قمع الانتفاضات الطلابية في الجامعات الليبية في أفريل 1976 وأفريل 1977، فقد تولّت وأشرفت على انتهاك حرمات الجامعات وطرد الطلبة وسجنهم ونصب المشانق لهم، ثم انبرت إلى عمليات الزحف على البيوت والأملاك والأعمال التجارية والسفارات الليبية حيث شرعت في تنفيذ برامج التصفيات الجسدية (الاغتيالات) للمعارضين في الخارج.
كان محمد مصطفى رمضان – كما يتضح لقارئ رسائله الموجهة إلى القذافي– في مقدمة الأصوات التي انبرت منذ الأيام الأولى لانقلاب سبتمبر 1969 لكشف مثالب الحكم العسكري والتنديد بممارساته القمعية ومظاهر الفساد المالي والإداري التي صاحبته، والتعريض بما يُنشر من انحراف فكري، وتسفيه الفلسفات والنظريات الشاذة التي كان يُروج لها.
وصادقت اللجان الثورية في ملتقياتها على برنامج التصفيات الجسدية وانبث عملاؤها في مدن مختلفة في العالم العربي وأوروبا وأمريكا لملاحقة كل من له موقف معارض، وكانت التعليمات تقول: “إذا لم تستطيعوا قتل رؤوس المعارضة فاقتلوا كل من ينتقد النظام ولا يرغب في العودة…”
وهكذا أصبح محمد مصطفى رمضان والعشرات من الليبيين في الخارج أهدافا في قوائم الاغتيالات، وقد خطط لاغتياله وأشرف على التنفيذ موسى كوسا الذي قاد الزحف على السفارة في لندن في سبتمبر 1979 وكان بحكم الأمر الواقع هو سفير ليبيا لدى بريطانيا، وكان واضحا منذ البداية أن الهدف من تحويل السفارات إلى “مكاتب شعبية” هو زرع عناصر المخابرات واللجان الثورية المدربة على القتل والإرهاب في البعثات الدبلوماسية وتسهيل تهريب الأسلحة والمتفجرات.
بدأت حملة التصفيات الجسدية من داخل ليبيا مع أوائل عام 1980، ففي شهر فبراير قُتل المحامي المعروف والقيادي البعثي “عامر الدغيس” ورفيقه المحامي محمد الصغير، وفي مارس صُفي القانوني الشهير محمد حمي ثم المهندس محمود بانون في شهر أبريل، أما في الخارج فقد استهدفت الحملة سالم الرتيمي (رجل أعمال) في مارس وكلا من محمد مصطفى رمضان (إذاعي) وعبد الجليل العارف (رجل أعمال) وعبد اللطيف المنتصر (رجل أعمال) ومحمود نافع (محام) في أبريل، ثم توالت العمليات واحدة بعد الأخرى.
كان رمضان جادا وصادقا في رغبته في التحاور في البداية حيث لم يتردد عندما دُعي للالتقاء بموسى كوسا وأبدى استعداده للتعاون مع السفارة وتقديم المشورة فيما يتعلق بدعم النشاطات والمؤسسات والمراكز الإسلامية في بريطانيا ورغم تحذير بعض أصدقائه له من مغبة تلك الاتصالات حافظ محمد على صلته بكوسا الذي كان طوال الوقت يدبر مؤامرة قذرة للغدر به وهو ما تم فعلا يوم الجمعة 11 أبريل 1980 وأعلنت اللجان الثورية مسؤوليتها عن الجريمة بل ومنعت أهله من استقبال جثمانه فأعيد للدفن في لندن وتبجح كوسا في مقابلة مع صحيفة التايمز اللندنية بتاريخ 10 جوان 1980 بأن اللجان الثورية هي التي نفذت اغتيال محمد رمضان ومحمود نافع.
وفي مـحاكمة لم تستغرق أكثر من 44 دقيقة في لندن اعترف كل من “بلحسن محمد المصري” (28 سنة) و”نجيب مفتاح القاسمي” (26 سنة) – وكلاهما ليبي – بارتكاب تلك الجريمة النكراء، وصدر يومها حكم على كل منهما بالسجن مدى الحياة.
_____________
المصدر: صحيفة الرأي العام
Трудовые споры являются актуальной проблемой для многих работников и работодателей, так как они могут возникнуть в самых различных ситуациях, связанных с нарушением трудовых прав. Например, недовольство работника размером заработной платы, условиями труда или даже увольнением могут стать причиной конфликта, который сложно решить без профессиональной помощи. В таких случаях часто возникает потребность в адвокате по трудовому кодексу, который отлично знает особенности законодательства и сможет защитить интересы клиента в суде или в процессе переговоров. Правильное понимание своих прав и обязанностей, а также грамотное оформление необходимых документов играют ключевую роль в разрешении трудового спора. К сожалению, многие люди не осознают, что зачастую можно добиться компромисса без судебного разбирательства, и адвокат по трудовому кодексу может помочь разработать эффективную стратегию. Не стоит забывать, что правильная оценка ситуации и своевременное обращение за правовой помощью могут существенно улучшить шансы на успешное разрешение конфликта. Помните, чем раньше вы обратитесь к профессионалу, тем больше шансов сохранить трудовые отношения и избежать серьезных юридических последствий.
Если вам нужна помощь опытного юриста по трудовому праву мы всегда будем рады помочь вам.