ـ هذا المخلوق، تربى مع أم لم تلده، حيث انفصل والده عن أمه، وتزوج من إمرأة ثانية، وتزوجت أمه من رجل آخر، ولذلك لم يشعر طوال حياته بعاطفة نحو أمه التي ولدته، كما أنه لم يكن له أخ، مما جعله ذلك فردا وحيدا.

ـ بسبب ظروفه الأسرية، تحول من طالب في المرحلة الثانوية إلى مدرس، ثم واصل تعليمه منتسبا، والتحق بالجامعة في السبعينيات، وانخرط مباشرة في صفوف “الناصريين”، وانتظم في اتحاد الطلبة الحكومي التابع للقذافي.

ـ في بداية السبعينيات، فعل القذافي المعسكرات والملتقيات العقائدية المعدة خصيصا لتجنيد شباب الجامعات، فكان يقضي معهم الليالي، ويقترب منهم، ويتحدث معهم، وبالطبع يعبئهم ويحرضهم، من أجل ساعة الصدام مع شباب الحركة الطلابية الوطنية، حيث حرك أولئك الطلاب الذين تم تجنيدهم ليكونوا أداته مع مفارز من العسكر، لتنفيذ جريمة 7 أبريل وما بعدها.

ـ ارتفع إيقاع المواجهات منذ أول أبريل 1976، وبدأ الصدام والالتحام بين المعارضين والموالين، حيث توجه عبدالسلام جلود إلى جامعة طرابلس وأطلق الرصاص من مسدسه في ساحة الجامعة وهو يخطب في الطلاب المؤيدين للقذافي، ووصف الطلاب المناوئين بالحشرات والذباب.

ـ ترأس عبدالقادر البغدادي اتحاد الطلبة الحكومي، وكانت أول مهام ذلك الاتحاد “أمنية”، تتمثل في رصد حركة الطلبة المعارضين، وتصنيفهم، والقبض على الخطيرين منهم وبالتحديد القيادات، ثم التحقيق معهم وإصدار الأحكام عليهم بما فيها أحكام الإعدام وتنفيذها، ناهيك عن الحرمان من الدراسة في الجامعات.

ـ بعد اعلان القذافي أن الجامعة يديرها الطلبة الثوريين، تولى عبد القادر البغدادي، بصفته رئيس اتحاد الطلبة الحكومي، تعيين عمداء الكليات من بين الطلاب الثوريين الموالين للنظام، وأقحم العديد منهم في مواقع قيادية، وتكليفهم بمهام محددة، للاستفادة منهم في مراكز متقدمة.

ـ جعل عبدالقادر البغدادي من الاتحاد الحكومي معملا لتفريخ المئات من الاشخاص الذين أصبحوا فيما بعد العمود الفقري لحركة اللجان الثورية، وهم من تولى المداهمات والمحاكمات الثورية، وملاحقة المعارضة في الداخل والخارج.

ـ قامت علاقة وثيقة بين العناصر التي لعبت دورا في هدم الجامعة أكاديميا وإداريا، وكان البغدادي فاعلا محوريا في ذلك، فقد ارتبط بعلاقة شخصية وثيقة بكل من موسى كوسا، عقيل حسين، سعيد راشد، مفتاح عزوزة، موسى زلوم، فوزية شلابي، علي أبو جازية، عمار الطيف .. وغيرهم.

ـ بعد الاعلان عن قيام الجماهيرية، أعاد القذافي رسم كل الخرائط في ليبيا، خرائط الدولة، ومنظومات السيطرة، وشخوص التحكم، والعناصر المتحركة، وقرر القذافي بضرورة إقحام عناصر جديدة يدينون له بالفضل والوفاء، وكان عبدالقادر البغدادي أحد المنتجين لهذه العناصر الجديدة، عبر إشرافه على مصنع انتاج تلك العناصر في جامعة طرابلس ثم في خارجها.

ـ حدد القذافي المهام المطلوبة من اللجان الثورية، وهي إزالة كل بقايا ورموز المؤسسة الحكومية السابقة، وتأسيس النظام الجماهيري، حيث لا دستور، ولا مؤسسات بل منظومة محكمة، تقوم على “مراكز القوة” التي تنتهي كل خيوطها في يديه وحده، وتدين بالولاء الكامل له وحده، وتنفذ أوامره بلا نقاش، عبر قنوات قليلة، متمثلة في أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين.

ـ مراكز القوة هذه، منها ما هو ثابت، وما هو متحرك، وكان عبدالقادر البغدادي من المراكز المتحركة والثابتة. وكان عبدالسلام جلود، هو رئيس أركان غرفة عمليات اللجان الثورية، والمتابع يوميا لنشاطاتها، ومنذ البداية أخذ عبدالقادر البغدادي، كرسيه في الصف الأمامي معه.

ـ عين عبدالقادر البغدادي مديرا لوكالة الأنباء الليبية، بهدف رسم سياسة جديدة للتحرير وصياغة الأخبار، كما تولى مهمة الإشراف على الجانب المالي والإداري، في حين ترك لرئيس التحرير كل ما يتعلق بالأخبار.

ـ نُقل بعد ذلك، إلى المكتب الشعبي في لندن (أمينا) وكانت العلاقات الليبية البريطانية في أسوأ حالاتها، وترأس عبدالقادر البغدادي فرق من الثوريين الأكثر تهورا وتطرفا، وقامت المجموعة مع رجال الأمن في الداخل، بتشكيل غرفة عمليات لإدارة وتوجيه نشاط المكاتب الشعبية الحساسة في الخارج، وكان ذلك تحت الرقابة الدقيقة لأجهزة الأمن البريطانية. ـ ضم ذلك الفريق الإرهابي بالإظافة الى عبدالقادر البغدادي، كل من: معتوق محمد معتوق، صالح ابراهيم، عمر السوداني.

ـ صباح يوم 10 أبريل 1984، تظاهر شباب المعارضة اللييبة أمام المكتب الشعبي (السفارة الليبية) وفجأة قام زمرة اللجان الثورية بإطلاق الرصاص على المتظاهرين فسقط عدد من جرحى وقتلت شرطية بريطانية أمام المتظاهرين. وكان عبدالقادر البغدادي أحد المتهمين بالمشاركة في قتل الشرطية، بالإظافة إلى زمرة الارهابيين الذين بعثهم القذافي لقتل المتظاهرين الليبين.

ـ بعد أن زادت الأصوات المطالبة ببعض التغييرات منها بعض القضايا التي كانت ممنوع التفكير فيها، ومن بين تلك الأصوات كان عبدالسلام جلود، الذي قدم حزمة من المبادرات لتحريك الحياة السياسية، وأصر على إعطاء هامش لحرية الصحافة، وضرورة ممارسة النقد والتقييم لكامل التجربة، أوعز القذافي إلى عدد من الكتاب والصحفيين بتأسيس صحف مثل صحيفة “الشمس” و صحيفة “لا”، وتم اختيار عبدالقادر البغدادي لإدارة “الشمس”.

ـ دخل عبدالقادر البغدادي في عدة صدامات، وظهر تحالف قبلي بين “القذاذفة” و “ورفلة”، وفتحوا الملفات القديمة عن علاقة عبدالقادر البغدادي بالرائد عبدالسلام جلود. وكان من نتيجة ذلك أن انزوى جلود في منزله غاضبا، واختفى البغدادي عن الشمس.

ـ استمر البغدادي يعمل في مهام الظل، في دهاليز اللجان الثورية، إلى أن عُيّن أمينا لجهاز الرقابة الإدارية، ومهمته لرئيسية مراقبة أجراءات الإدارة، ومراجعة المشروعات والعطاءات.

ـ عندما كان عبدالقادر البغدادي أمين شؤون اللجان الشعبية بأمانة مؤتمر الشعب العام، شكل مع أحمد ابراهيم القذافي، توماً ثوريا، حتى غدت المؤسسة فرعا من مكتب الاتصال باللجان الثورية.

ـ في قمة انتفاضة شباب ليبيا في 17 فبراير، يوم دخول الثوار إلى مدينة طرابلس، اعتقل عبدالقادر البغدادي، الذي ساهم من موقعه كمنسق للجان الثورية، في قمع الثورة الشبابية، وشارك في التعبئة العسكرية والاعلامية ضد الثوار، وفي أثناء نقله من طرابلس إلى مصراتة بأيدي الثوار، حاول فصيل من كتائب القذافي تحريره من قبضة الثوار، فقتل في المواجهة.

ـ تم تكليف البغدادي منسقا لمكتب الاتصال بحركة اللجان الثورية، وكان قد اعتذر عن تكليفه رئيسا لجامعة قاريونس، تحسبا للمخاطر التي سيواجهها في المدينة.

***

المصدر: تم اقتباس هذه الفقرات (بتصرف من المحرر) من كتاب “أشخاص حول القذافي” للكاتب عبدالرحمن شلقم (دار الفرجاني ـ 2012)

______________

المحرر: أضافات

وبعد سقوط طرابلس في يد ثوار ثورة 17 فبراير أعلن نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة طرابلس أسامة العابد، مقتل رئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية عبد القادر البغدادي بطرابلس، وأضاف، في مؤتمر صحفي عقده في طرابلس، إن عبد القادر البغدادي وجدا مقتولا في إحدى أحياء المدينة، ولم يعطي تفاصيل حول كيفية مقتله. وأكد العابد، أن البغدادي يعتبر من القيادات البارزة في حركة اللجان الثورية وتولى العديد من المناصب في نظام القذافي. من جهتها، ذكرت صحيفة التلغراف البريطانية أن عبد القادر البغدادي (قاتل الشرطية الانجليزية إيفون فليتشر) وجد مقتولا في طرابلس، وكان عبد القادر البغدادي من ضمن قائمة الأشخاص الذين أقر مجلس الأمن الدولي عقوبات ضدهم بعد قيام الثورة في شهر فبراير 2011 ومواجهة القذافي لها بالعنف والاعتداء على المدنيين.

ـ عبد القادر محمد البغدادي، رئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية. يعتبر من الحلقة الضيقة القريبة من العقيد معمر القذافي وهو مقيم في طرابلس ويتقلد منذ عام 2009 منصب منسق مكتب الاتصال بحركة اللجان الثورية التي توصف بأنها ذراع القذافي الطولية في الداخل والخارج وتتضمن تشكيلات مسلحة. وشغل في السابق منصب أمين اللجنة العامة للتعليم (وزير التعليم)، ويعتبر من قادة جريمة 7 ابريل التي تم فيها شنق الطلبة والمفكرين في ليبيا علنا في شهر رمضان المبارك..
______________

مقالات

3 Commentsاترك تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *