ـ هذا المخلوق كان من الليبيين العائدين من تونس، مما جعل عنده عقدة التطرف والتشدد والرغبة في الانتقام من الليبيين، وذلك يوضح الميل الى العنف والمزايدة قولا وفعلا في ممارسة العنف بكل صوره في سنوات المداهمات والمحاكمات والتعذيب والاعدامات.
ـ مصطفى الزايدي هو التوأم لاحمد ابراهيم منصور القذافي، في قيادة العنف الذي سمي بالثوري في ليبيا. إبتداء من حملة التطهير العنيفة في جامعة بنغازي ومرورا بقيادة المظاهرات والمسيرات المؤيدة للقذافي، والمتوعدة لمن أطق عليهم رموز البرجوازية والرجعية وأعداء الثورة.
ـ أنظم الزايدي في المرحلة الثانوية إلى حركة الطلبة الناصريين، وعندما قام القذافي بزرع كثير من عناصر الأمن في تلك الحركة وأقام المعسكرات التأسيسية والعقائدية، كان الزايدي في مقدمة الذين ابدوا تطرفا وتعصبا في معسكر الذين تبنوا أفكار القذافي وبذلك أصبح الزايدي من حواريي القذافي.
ـ درس الزايدي في كلية الآداب بجامعة بنغازي، وشارك الزايدي مع أحمد ابراهيم، ومحمد المجذوب، وعمر السوداني، والطيب الصافي، ومحمد شرف الدين، والصادق دهان وغيرهم، في ما سمي بحملة تطهير الجامعة من الطلاب المعارضين للقذافي، وشارك الزايدي في تصفية قادة أتحاد الطلاب في 7 أبريل.
ـ الزايدي لم يكن مكثرتا بالتحصيل العلمي، بل كان منشغلا بشكل كامل بالاجتماعات والتخطيط للتخلص من العناصر الوطنية في الحركة الطلابية، وكان ذلك بالتنسيق وبدعم من عناصر الأمن والمباحث والمخابرات. وكان معروفا على الزايدي أن كان يصر على أن يكون أكثر تشددا وتطرفا في ممارسة العنف ضد الطلاب في الجامعة.
ـ بعد تأسيس حركة اللجان الثورية، شكل مع أحمد ابراهيم، وسعيد راشد، وهدى بن عامر، وجميلة درمان، وعبدالقادر البغدادي، وعمار الطيّف، ويونس معافة، والطيب الصافي، وابراهيم البشاري، ما عرف بـ “الداوئر القضائية الثورية” التي قامت بالمداهمات ومحاكمة ما تم تسميتهم “المستغلين” من رجال الأعمال والمسؤولين في الحكومة، ومثل الزايدي مع عصابة اللجان الثورية، “الادعاء والدفاع والقضاة” وحكوموا بالسجن والطرد من الوظيفة ومصادرة الأموال وقاموا بتعذيب العديد من المعتقلين.
ـ في عام 1977، فتحت ما سمي بـ “المثابات الثورية” التي كانت عبارة عن معتقلات مورس فيها التعذيب والتنكيل بالعناصر الوطنية، بل أصبحت بعض المثابات كهوفا للرعب من مثابة “حيّ الاندلس” التي ترأسها “أحمد الشريف السويني”، ومثابة “26 يوليو” التي ترأسها محمد علي زيدان. كما عرف الليبيون أسماء مثل ميلاد الفقهي، وعبدالسلام الزادمة، وقرين صالح قرين، وأحمد مصباح الورفلي، الذين مارسوا التصفية الجسدية وكل أنواع العنف والتعذيب والتنكيل بالابرياء. وكان مصطفى الزايدي من العناصر التي توجه هذه المثابات والمعتقلات وتدعم كل الأعمال التي تقوم بها وبمعرفة تامة من القذافي شخصيا وقد كان الزايدي من العناصر تستلم تعليماتها من القذافي مباشرة.
ـ لم يغب مصطفى الزايدي عن أي حفلة دم، أو وجبهة تعذيب، بل كان يفتخر دائما بمواقفه المتشددة، وكان من أبرز المنظرين للعنف الثوري، وتصفية العناصر المضادة للثورة، واحتفظ بصدارة التيار التشدد مع توأمه أحمد ابراهيم القذافي. ولم يقتصر دوره على حلقات العنف في الداخل، بل كان عضوا في غرفة العمليات التي أدرات ملاحقة المعارضين في الخارج وتصفيتهم، وكان يلتقي يوميا بكل من عبدالله السنوسي، وأبراهيم البشاري، وسعيد راشد خيشة، وعزالدين الهنشيري، الذين تولوا مهام ملاحقة وتصفية المعارضين في الخارج.
ـ في مارس 1982، تم القبض عليه في ألمانيا بتهمة احتجاز طالبين ليبيين يدرسان في ألمانيا (الهادي الغرياني وأحمد شلادي)، وكان الزايدي قد استدرج الطالبين إلى منزل السفير الليبي، ثم قام مع مجموعة الأمن واللجان الثورية، باعتقال الطالبين وتعذيبهم، وفي أبريل، بدأت محاكمته، وقبل النطق بالحكم، قامت اللجان الثورية بتوجيه من القذافي، باعتقال 8 مواطنين ألمان في ليبيا، فقامت الحكومة الألمانية بتسفيره إلى ليبيا، فاستقبله القذافي ولجانه الارهابية استقبال الأبطال.
ـ كان الزايدي من الشخصيات الأساسية في مكتب الاتصال باللجان الثورية، والساعد الأيمن للعقيد محمد المجذوب القذافي، آمر المكتب، وكان قد عين أخاه الصغير “الزايدي” مديرا للشؤون المالية في المكتب، وهكذا اختلط المال بالدم في محفل الثورة وبطعم عائلي.
ـ سافر الزايدي إلى النمسا لدراسة علم التجميل، وكان العقيد محمد المجذوب القذافي، آمر مكتب الاتصال باللجان الثورية، هو من أمر مصطفي الزايدي بأن يتخصص في هذا المجال، من منطلق أن المهام الثورية العسكرية تتطلب اجراء عمليات تغيير ملامح العناصر الثورية المكلفة بعمليات تصفيات لعناصر المعارضة في الخارج.
ـ الكثير من الذين عملوا مع الزايدي ذكروا أنه لا علاقة له بمهنة الطب، ومن العمليات السادية التي شارك فيها الزايدي مع محمد المجذوب، كانت جريمة وضع جرحى في ثلاجة الموتى وهم أحياء، وقد فارقوا الحياة تحت درجة التجمد.
ـ كلف مكتب الاتصال باللجان الثورية عددا من عناصره للمشاركة في القنوات الفضائية العربية التي تم دعمها من قبل القذافي، وعادة ما يتم الاتصال بتلك القنوات الفضائية عند مناقشة القضايا التي تتناول أخبار ليبيا، وقد أصبح مصطفى الزايدي وصالح ابراهيم الورفلي ضيفين ثقيلين على الكثير من البرامج الإخبارية على تلك الفضائيات، وكان المهمة أن يتحول أي الموضوع محل النقاش سواء يتعلق بالاقتصاد أو الصحة أو السياسة، إلى عرض أفكار القذافي وكتابه الأخضر.
ـ عندما بدأت الانتفاضات في الدول العربية في يناير وفبراير 2011، أصيب النظام وعناصره الثورية صدمة قوية، ومنهم الزايدي، واشتعلت حمّى الاجتماعات على كل المستويات في ليبيا، لدراسة تداعيات الأحداث في تونس ومصر واليمن، بهدف وضع الخطط الأمنية ومواجهة أي تحركات ضد القذافي، وكان الزايدي هو الساعد الايمن لعبدالقادر البغدادي، منسق مكتب الاتصال باللجان الثورية، الذي تحول لخلية نحل، وأعلن حالة الطوارئ القصوى، وأرسلت التوجيهات إلى كل اللجان الثورية في ليبيا، وأدى الزايدي دورا اساسيا في ذلك، وكان يقود جناح التشدد الذي يرفض أي معالجة إدارية سلمية للمظاهرات، ويدعوا لاستعمال كل أنواع العنف وضرورة إقحام اللجان الثورية للتصدي للمظاهرات الشعبية التي عمت البلاد.
ـ انتقد الزايدي بشدة أداء موسى كوسا وزير الخارجية، وحمله مسؤولية انشقاق العديد من السفراء والدبلوماسيين الليبيين في الخارج، واعتراف بعض الدول بالمجلس الوطني الانتقالي، كما انتقد أجهزة الأمن التي اتهمها بأنها لم تقم بما يجب عليها من ملاحقة المنشقين في الخارج وتصفيتهم.
ـ بعد انشقاق موسى كوسا، تم تكليف عبدالعاطي العبيدي بوزارة الخارجية، وتم تعيين الزايدي نائبا له، فركز الأخير على تطهير الوزارة من العناصر التي وصفها بالخيانة، والتي اعتبرها موالية للثوار، فأرسل العشرات إلى المعتقلات، حيث استشهد بعضهم فيها، وقام بفصل عناصر أخرى، واقترح إعادة تشكيل الخارجية من العناصر الثورية الموثوق بها. وتعاون مع البغدادي المحمودي ورؤساء الأجهزة الأمنية على إرسال عناصر إلى الخارج للقيام بمهام إرهابية.
ـ منذ البداية، كانت الرابطة التي تشده بمعمر القذافي هي، الهوس الثوري، وتبنى العنف قولا وفعلا إلى حد القتل بدم بارد لكل من يراه معاديا للنظام، بل أنه عندما عين وزيرا للصحة، اعتبر الزايدي أن مهمته الأولى هي تطهير قطاع الصحة ممن رآهم معادين للثورة، وتنصيب أعضاء في حركة اللجان الثورية من الأطباء على رأس المؤسسات الطبية، وأن تكون الافضلية لهم في الدراسات العليا والامتيازات المالية.
ـ إن المنطق يقول: إن علاج المرضى والدواء والمرض، لا علاقة له بالأيديوجيا أو الثورة، وليس هناك وصفة طبية ثورية وأخر رجعية، إذ ليس هناك مرض رجعي وآخر ثوري، لكن الدكتور الثوري (الوزير)، أصر أن يكون “الطبيب الثائر” على رأس كل المؤسسات الطبية.
ـ امتلأ الزايدي بمعمر القذافي، وتلبّسه وتماهي فيه، خلق لغة خاصة به، ومنطلقا فصّله على مقاس افكاره وسلوكه، اعتنق الوانا اخترعها، لم يكن قادرا على رؤية غيرها. صنع أوعية وضع فيها جميع الناس، ومن لا يستطيع الدخول فيها، فهو رعديد زنيم، لا يستحق الحياة، حاول أن يلبس قناع الظرف، لكن ما جنته يداه كان ثقلا يحمله في داخله وسأخذه معه إلى قبره وربما إلى جهنم.
____________
المصدر: تم اقتباس هذه الفقرات (بتصرف من المحرر) من كتاب “أشخاص حول القذافي” للكاتب عبدالرحمن شلقم (دار الفرجاني ـ 2012)