محضر الجلسة الثامنة عشرة يوم السبت 24 مارس 1951
عقدت الجمعية الوطنية التأسيسية الليبية جلستها الثامنة عشر بمقرها بقصر الحاكم العام سابقاً صباح يوم السبت 16 جمادى الثانية 1370 هـ الموافق 24 مارس 1951. وقد ترأس الجلسة سماحة المفتي الشيخ محمد أبو الإسعاد العالم رئيس الجمعية الدائم وتعيب عن الحضور كل من الأعضاء المحترمين: أبو بكر أبو نعامة. أحمد الطبولي. سعد بن ميدون. العكرمي بن هبى. الفيتوري بن محمد. محمود المنتصر. منصور بن محمد.
وعند الساعة العاشرة والدقيقة الأربعين صباحاً افتتح سماحة الرئيس الجلسة ثم قرأ السكرتير سليمان الجربي جدول الأعمال المؤقت وكان كالآتي:
(1) الموافقة على جدول الأعمال.
(2) تكوين الحكومة المؤقتة لمملكة ليبيا المتحدة.
فوافق عليه الأعضاء المحترمين بالإجماع.
ثم بين سماحة الرئيس أنه بما أن الحق في تكوين الحكومة الليبية هو للجمعية التأسيسية وبما أن الجمعية قررت في 2 ديسمبر 1950 المناداة بسمو الأمير المعظم ملكاً على ليبيا ونظراً إلى أن التقاليد المتبعة هو أن الملوك هم الذين يعينون الوزراء وحيث إن جلالة الملك لم يمارس سلطاته الدستورية بعد فللجمعية حقها في تعيين أعضاء الحكومة ولجلالة الملك قيمته الاعتبارية التي قررتها الجمعية، ولذلك أرى أنه من المستحسن أن تقوم الجمعية بتعيين الحكومة بعد التشاور مع جلالة الملك. وأن كل ذلك يتطلب تشكيل وفد من الجمعية للاتصال بجلالة الملك. ثم أعرب سماحته عن رأيه بأن تمثل الأقاليم الثلاثة في الوفد بالتساوي وبعد أن أيد الأعضاء رأي سماحته طلب إليهم تحديد عدد أعضاء الوفد. فاقترح العضو المحترم محمد الهنقاري أن يتألف الوفد من ثلاثة أعضاء عن كل من الأقاليم الثلاثة وأن يكون على رأسهم سماحة رئيس الجمعية. فوافق الأعضاء على ذلك.
وهنا قام العضو المحترم عمر شنيب رئيس وفد برقة بالجمعية واقترح عن برقة كلاً من الأعضاء المحترمين خليل القلال. حميده المحجوب. سليمان الجربي. وتلاه العضو المحترم أبو بكر أحمد رئيس وفد فزان في الجمعية فاقترح عن فزان كلاً من الأعضاء المحترمين الشريف علي. علي بديري. أبو بكر أحمد نفسه، ثم اقترح سماحة الرئيس بصفته رئيس الوفد الطرابلسي في الجمعية كلاً من الأعضاء المحترمين محمود المنتصر. المنير برشان. مختار المنتصر، عن طرابلس.
واقترح العضو المحترم عمر شنيب بأن يكلف أحد الأعضاء بالاتصال بمكتب هيئة الأمم المتحدة في طرابلس للحصول على التسهيلات الخاصة بسفر الوفد جواً إلى بنغازي. فاقترح العضو المحترم مختار المنتصر أن يكلف بذلك العضو المحترم خليل القلال. ووافق على اقتراحه سائر الأعضاء.
ثم وجه سماحة الرئيس سؤالاً إلى الأعضاء المحترمين عما إذا كانوا قد وافقوا بالإجماع على المقترحات السابقة وأوضح لهم أنه في حالة ما إذا لم يرفع أحد منهم يده طالباً الكلام تعتبر الموافقة بالإجماع. فساد الصمت فترة من الزمن وبذلك اعتبرت الموافقة جماعية على ما تم اتخاذه من قرارات.
وقام العضو المحترم سالم الأطرش فلاحظ أنه يجب تحديد أعمال الوفد الذي سيذهب إلى بنغازي وأن يزود الوفد بمذكرة حول مهمته. وشرح فكرته قائلاً بأن الطريقة المتبعة في مثل هذه الأحوال هي أن يزود الوفد الذي تشكله أي هيئة بتعليمات حول المهمة التي عليه أن يعمل في نطاقها. فاستفسر منه سماحة الرئيس عما يجب أن تحتويه المذكرة المقترحة. فأجاب العضو المحترم قائلاً فلتهيئ إدارة الجمعية المذكرة ثم تعرض على الهيئة بكاملها. فعاد الرئيس وطلب إليه أن يبين عناصر المذكرة فرد العضو المحترم قائلاً أنه ليس من مهمة الوفد أن يقترح أية أسماء لأعضاء الحكومة ولكن تترك مهمة اختيار أعضاء الحكومة لجلالة الملك بمطلق الحرية. فرد عليه الرئيس أن مهمة الوفد هي التشاور مع جلالة الملك ولا يمكن إرسال الوفد مجرداً من الرأي. ومتى اتفق الوفد على أمر ما مع جلالة الملك فإن هذا يعرض على الجمعية للموافقة.
ونهض العضو المحترم سالم المريض فبين أن رأيه يخالف إرسال وفد إلى جلالة الملك. وقال إنه تمشياً مع قرار هيئة الأمم المتحدة فإنه على الجمعية الوطنية أن تتخذ قراراً بتشكيل حكومة ليبيا المتحدة. وأعلن العضو المحترم المبروك الجيباني أنه يعارض في رأي زميله سالم المريض وأنه يرى من الضروري إرسال وفد إلى بنغازي. وبنى معارضته هذه على نقطتين أولهما أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ينص على أن تشكل الجمعية الوطنية حكومة ليبيا المتحدة والثانية هي أن الجمعية الوطنية اعترفت بجلالة الملك وعليه يجب أن يذهب الوفد للإسراع بتشكيل الحكومة الليبية قبل أول أبريل القادم. وهنا لاحظ السكرتير سليمان الجربي إن التصويت قد تم على الموضوع فقد طلب سماحة الرئيس أن من يخالف الآراء المقترحة عليه أن يرفع يده ولم يفعل أحد ذلك. فأيد سماحة الرئيس ذلك.
ثم أعلن انتهاء الجلسة عند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الخامسة والخمسين مبيناً أن الجلسة القادمة ستعقد بعد عودة الوفد حيث سيدعى الأعضاء إليها.
***
محضر الجلسة التاسعة عشرة يوم الخميس 29 مارس 1951
عقدت الجمعية الوطنية التأسيسية الليبية جلستها التاسعة عشر بمقرها بقصر الحاكم العام سابقاً صباح يوم الخميس 20 جمادى الثانية 1370 هـ الموافق 29 مارس 1951. وقد ترأس الجلسة سماحة المفتي الشيخ محمد أبو الإسعاد العالم رئيس الجمعية الدائم وتغيب عن الحضور كل من الأعضاء المحترمين: علي الكالوش. العكرمي بن هبى. محمود المنتصر.
افتتح سماحة الرئيس الجلسة باسم الله وباسم جلالة الملك عند الساعة العاشرة والدقيقة العشرين صباحاً ثم قرأ السكرتير سليمان الجربي جدول الأعمال المؤقت وكان كالآتي:
(1) الموافقة على جدول الأعمال.
(2) تعيين عضوين طرابلسيين في الجمعية.
(3) تشكيل الحكومة المركزية لمملكة ليبيا المتحدة.
فقام العضو المحترم خليل القلال واقترح إضافة مادة أخرى إلى جدول الأعمال حول نتيجة اتصال وفد الجمعية بجلالة الملك أخيراً. كما اقترح أن تدرج هذه المادة قبل المادة الخاصة بتشكيل الحكومة المركزية فوافق على ذلك سائر الأعضاء وبذلك أصبح جدول الأعمال نهائياً كما يلي:
(1) الموافقة على جدول الأعمال.
(2) تعيين عضوين طرابلسيين في الجمعية الوطنية بدلاً من العضوين المستقيلين.
(3) الإطلاع على نتيجة الاتصالات التي قام بها الوفد ببنغازي.
(4) تشكيل الحكومة المركزية لمملكة ليبيا المتحدة.
وعند الشروع في بحث المادة الثانية من جدول الأعمال أوضح سماحة الرئيس قائلاً بما أن العضوين المستقيلين طرابلسيان فإنه على الأعضاء الطرابلسيين أن يقترعوا من يحل محلهما ولكن بما أننا لم نكون بعد رأياً في الموضوع فأرجوا السماح بإيقاف الجلسة ريثما ينسحب الأعضاء الطرابلسيون للنظر في الموضوع.
وبعد قليل عاد سماحة الرئيس والأعضاء الطرابلسيون إلى قاعة الجلسات واستؤنفت الجلسة فبين سماحته أن الأعضاء الطرابلسيين كانوا قد تعودوا أن يفوضوه في مثل هذه الأمور وقد فوضته الأكثرية منهم في هذه المرة لا بالإجماع كما جرى في المرات السابقة وبعد أن شكرهم سماحته على هذه الثقة أعلن أنه اختار كلاً من الشيخ محمود المسلاتي والسيد مفتاح عريقيب فكانت الموافقة على تعيينهما بالإجماع. وهنا اقترح سماحة الرئيس إيقاف الجلسة ريثما يحضر العضوان الجديدان فوافقه على ذلك سائر الأعضاء. وعند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الخامسة والعشرين حضر العضوان المحترمان محمود المسلاتي ومفتاح عريقيب واستؤنفت الجلسة مرة أخرى.
ثم انتقل إلى بحث المادة الثانية من جدول الأعمال فبين سماحة الرئيس للأعضاء أنه تنفيذاً لقرار الجمعية سافر الوفد إلى برقة للاتصال بجلالة الملك. وقد تشرف بمقابلة جلالته حيث رفع إليه أمر تشكيل الحكومة الليبية فقال جلالته إنه بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فإن تأليف الحكومة الليبية من اختصاص الجمعية التأسيسية وبعد التحدث مع جلالته اطلع جلالته على أسماء الأشخاص الذين وقع عليهم الاختيار وما سيسند إليهم من مهمات في الحكومة الجديدة فنالوا ثقة جلالة الملك. وهنا دعا سماحة الرئيس كلاً من العضوين المحترمين إبراهيم بن شعبان وعمر شنيب إلى مغادرة القاعة. واستأنف بعد ذلك مبيناً أسماء الذين اتفق الوفد على أن تسند إليهم مختلف المناصب في حكومة ليبيا وكانوا كالآتي:
محمود المنتصر رئيساً للوزارة ووزيراً للعدل والمعارف. علي أسعد بك الجربي وزيراً للخارجية والصحة. عمر بك شنيب وزيراً للدفاع. منصور بك قداره وزيراً للمالية. إبراهيم بك بن شعبان وزيراً للمواصلات. محمد بن عثمان وزير دولة. وبعد أن أكد سماحة الرئيس مرة أخرى موافقة جلالة الملك على الأسماء المعروضة بين للأعضاء أن هناك مشروع قرار بالخصوص سيتلى عليهم.
فقام العضو المحترم المنير برشان ووجه إلى سماحة الرئيس سؤالاً عما إذا كان الوزراء الذين اقترح تعيينهم في الحكومة الليبية والذين يشغلون في الوقت الحاضر مناصب في الحكومة المحلية سيحتفظون بمناصبهم الأخيرة فرد عليه سماحة الرئيس أنهم سيحتفظون بمراكزهم الجديدة والقديمة وأن مهمة الجمعية هي تعيين وزراء الدولة الليبية أما اختصاصاتهم السابقة فليست مما يتعلق بمهمة الجمعية وسيمارس أولئك الأشخاص أعمالهم تبعاً للصلاحيات التي سيقررها لهم الدستور. فعاد العضو المحترم المنير برشان وتساءل عمن ستكون هذه الحكومة مسئولة أمامه فرد عليه الرئيس أنها مسئولة الآن أمام الجمعية ووجه العضو المحترم سؤالاً آخر حول ما إذا كانت الجمعية لها حق إقالة الحكومة الليبية مثلما لها حق تشكيلها فرد سماحة الرئيس أن ذلك يعود إلى لجنة الدستور التابعة إلى الجمعية والوطنية وما تقرره من حق في هذا الخصوص. ولاحظ العضو المحترم محمد الهنقاري أن هذه الجمعية مادامت قائمة وهي التي لها حق التعيين فسيكون لها حق الإقالة أيضاً. ورأى العضو المحترم سليمان الجربي أنه يجب استشارة خبير قانوني في الموضوع، وعقب العضو المحترم خليل القلال على ما تقدم بأنه كانت جرت سابقاً في الجمعية الوطنية مناقشة حول من له الحق في تأليف الحكومة فرأى البعض أن هذا الحق للملك فقط ولكن بما أن جلالته أرجأ إعلان ممارسة سلطاته رسمياً وحيث إن جلالته وافق على أن الجمعية هي التي تؤلف الحكومة وزود وفد الجمعية بإرشاداته فيما يختص بالترشيح لمناصب هذه الحكومة فإن الأشخاص المرشحين لهم مكانتهم البارزة ولا أظن أن أحداً يعترض على الترشيح أو على أن يعينوا من قبل الجمعية. وأما فيما يختص بحق إقالة الوزراء فإن هذا يعود إلى ما ينص عليه القانون في مثل هذه الأحوال ولكن يتبادر إلى الذهن أن الشخص أو الهيئة التي لها حق التعيين لها أيضاً حق الإقالة. وأما فيما يختص بشغلهم مناصب بالحكومة المحلية فإن القرار الذي اتخذته الجمعية خاص بتعيينهم في الحكومة المركزية ولم يسبق للجمعية أن اتخذت قراراً بالتعيين في الحكومة المحلية لأن هذا ليس من اختصاصها. وحيث إن القرار يجب أن يكون محكماً ويجب أن يحتوي على حيثيات صحيحة فإن السكرتيرية رأت أن تضعه في صيغة ملائمة ليناقش في الجمعية، فعاد العضو المحترم المنير برشان وسأل عما إذا كانت صلاحيات الحكومة قد حددت أم لا. فرجا منه سماحة الرئيس أن يستمع إلى قراءة مشروع القرار.
وقرأ السكرتير سليمان الجربي مشروع القرار الخاص بتشكيل الحكومة الليبية وكان كالآتي:
بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949 الذي ينص على أن تصبح ليبيا التي تشتمل على طرابلس وبرقة وفزان دولة مستقلة وذات سيادة في أقرب وقت ممكن وفي موعد لا يتجاوز اليوم الأول من شهر يناير 1952 وعلى أن يقرر دستور ليبيا بما فيه شكل الحكم بواسطة ممثلين عن السكان من طرابلس وبرقة وفزان مجتمعين للتشاور في شكل جمعية وطنية.
وحيث إن القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 17 نوفمبر 1950 يؤيد ويدعو إلى تنفيذ القرار الأول وينص على:
( أ ) أن تجتمع جمعية وطنية ليبية تمثل سكان ليبيا تمثيلاً صحيحاً في أقرب وقت ممكن وعلى كل حال في مدة لا تتجاوز أول يناير 1951.
(ب) أن تؤلف هذه الجمعية الوطنية حكومة ليبيا مؤقتة في أقرب وقت ممكن على أن تضع نصب أعينها أول أبريل 1951 هدفاً لذلك.
(ج) أن تنقل الدولتان القائمتان بأعمال الإدارة في ليبيا السلطات تدريجياً إلى الحكومة الليبية المؤقتة بطريقة تضمن إنجاز نقل جميع السلطات من أيدي الإدارتين الحاليتين إلى حكومة ليبية شرعية قبل أول يناير 1952.
( د ) أن يقوم مندوب الأمم المتحدة حالاً مستعيناً ومرشداً بمشورة مجلس الأمم المتحدة لليبيا بإعداد برنامج بالتعاون مع الدولتين القائمتين بأعمال الإدارة في ليبيا لنقل السلطة إلى الحكومة الليبية طبقاً لما ذكر في الفقرة (ج).
وحيث إنه طبقاً لقراري الجمعية العامة للأمم المتحدة المذكورين تشكلت الجمعية الوطنية واجتمعت في طرابلس الغرب في 25 نوفمبر 1950 وقررت في جلستها المنعقدة في يوم 2 ديسمبر 1950 بأن تصبح دولة اتحادية ديموقراطية مستقلة وذات سيادة وتتألف من أقاليمها الثلاث طرابلس وبرقة وفزان بحدودها الطبيعية ونادت بسمو الأمير السيد محمد إدريس المهدي السنوسي أمير برقة المعظم وبايعته ملكاً دستورياً للملكة الليبية المتحدة.
وحيث إن جلالة الملك المعظم قد تفضل بتاريخ 17 ديسمبر 1950 باستلام البيعة وقبول الدعوى لتولي عرش ليبيا وأرجأ من طرفه إعلانها رسمياً للوقت المناسب.
وحيث إن الجمعية الوطنية قررت بتاريخ 21 فبراير 1951 رفع التماسها لجلالة الملك المعظم لقيام الحكومات المحلية في الأقاليم الثلاث توطئة لقيام الحكومة المركزية الاتحادية وقد تفضل جلالته واستجاب إلى ذلك.
وبناء على رغبة الجمعية الوطنية وحرصها على أن تقوم الحكومة الليبية المؤقتة ضمن الميعاد المحدد ووفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 17 نوفمبر 1950.
وحيث إن الجمعية الوطنية تنفيذاً لهذه الغاية قررت بتاريخ 24 مارس 1951 إيفاد وفد من عشرة أشخاص من أعضائها للسفر إلى بنغازي والتشاور مع جلالة الملك المعظم حول تشكيل الحكومة الليبية المؤقتة وقد عاد هذا الوفد مزوداً بإرشادات جلالته وموافقته حول هذا الموضوع لذلك تقرر الجمعية الوطنية ما هو آت:
1 ـ تأليف الحكومة الاتحادية المؤقتة اعتباراً من هذا اليوم 21 جمادى الثانية 1370 هـ الموافق 29 مارس 1951 على أن يكون من صلاحياتها الأولى:
( أ ) الاتصال بمندوب الأمم المتحدة بشأن إعداد البرامج المنصوص عليها في قرار الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 17 نوفمبر 1950 بخصوص نقل السلطات إليها من الدولتين القائمتين بأعمال الإدارة في ليبيا.
(ب) تسلم السلطات من الدولتين القائمتين بأعمال الإدارة في ليبيا تدريجياً بطريقة تضمن نقل جميع السلطات من أيدي الإدارتين الحاليتين قبل أول يناير سنة 1952 طبقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 17 نوفمبر 1950 على أن تكون ممارسة تلك السلطات من قبلها وفقاً لنصوص الدستور وبصورة خاصة فيما يتعلق بتوزيع السلطات بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية عند تقرير ذلك من قبل الجمعية الوطنية.
تعيين السادة المدرجة أسماؤهم أدناه بعد أن أخذت موافقتهم في مناصب الدولة على الصورة الآتية:
السيد محمود المنتصر رئيساً للوزارة ووزيراً للمعارف والعدل
السيد علي الجربي وزيراً للخارجية والصحة
السيد عمر شنيب وزيراً للدفاع
السيد منصور بن قداره وزيراً للمالية
السيد إبراهيم بن شعبان وزيراً للمواصلات
السيد محمد بن عثمان وزير الدولة
على سماحة الرئيس للجمعية الوطنية تبليغ هذا القرار للجهات المختصة. صدر في مقر الجمعية الوطنية بطرابلس الغرب يوم الخميس 21 جمادى الثانية 1370 الموافق 29 مارس 1950.
فاقترح العضو المحترم المنير برشان طبع القرار وتوزيعه على الأعضاء مع تأجيل المناقشة وذلك كي يتسنى للأعضاء دراسته بدقة. فعارضه في ذلك العضو المحترم خليل القلال قائلاً بأن الجمعية تجتمع الآن لأجل المذاكرة والبحث والتقرير، فالقرار المقترح يحتوي على مقدمة مؤلفة من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والجمعية الوطنية ومن نتيجة تلك القرارات وهو تأليف الحكومة. وإن مثل هذا الموضوع لا يحتاج إلى طبع وتأجيل فنحن نعيد قراءته ومناقشته ثم نتخذ قراراً. هذا وإن هذا الأمر قد سبق أن نوقش مراراً في الماضي وتقرر إرسال وفد للاتصال بجلالة الملك ولم يبق شيء غير اتخاذ القرار بعد المناقشة. فلاحظ العضو المحترم برشان أنه طلب التأجيل لمدة ساعة فقط. ورد عليه العضو المحترم خليل القلال أن الطبع يستغرق وقتاً طويلاً لا ساعات وقام العضو المحترم أبو بكر نعامة مؤيداً الموافقة على مشروع القرار المقترح وطلب العضو المحترم محمد الهنقاري إعادة قراءته للفهم جيداً ثم اتخاذ قرار بالخصوص وأيده في رأيه العضو المحترم علي تامر، وهنا استطلع سماحة الرئيس رأي الأعضاء في دعوة كل من العضوين المحترمين إبراهيم بن شعبان وعمر شنيب إلى العودة إلى قاعة الجلسات فوافقوه على ذلك ثم عاد السكرتير سليمان الجربي يقرأ مشروع القرار.
ولاحظ العضو المحترم المنير برشان أن من واجبات مندوب الأمم المتحدة إعداد برنامج لنقل السلطات ولكن المندوب لا يعلم نوع السلطات المخولة للحكومات المحلية وعليه يجب إعداد بياناً بهذا الخصوص وإرساله إليه. فرد عليه العضو المحترم خليل القلال بأن مهمات الحكومة الاتحادية الاتصال بالمندوب لا إعداد البرنامج الذي بموجبه يجب تسليم السلطات وعاد العضو المحترم المنير برشان إلى الكلام متسائلاً؟ ولكن كيف يمكن ذلك إذا لم تعرف السلطات الخاصة بالحكومة المركزية والسلطات الخاصة بالحكومات المحلية، فعلينا إذاً أن نتخذ قراراً بخصوص مثل هذه الصلاحيات ونبعث به إلى المندوب، ورد عليه مرة أخرى العضو المحترم خليل القلال بأنه يؤيد زميله في فكرته ثم بين كيف أن لجنة الدستور الصغرى انتهت من عملها وسوف تعرض في القريب ما أنجزته على لجنة الدستور التي بعد أن تقر مثل تلك الصلاحيات تعرضها على الجمعية للموافقة عليها ثم تبلغ على الجهات المختصة.
ثم استأنف السكرتير سليمان الجربي تلاوة المشروع وتساءل العضو المحترم عبد الجواد الفريطيس عما إذا كان الأفضل أن تقال تصبح ليبيا دولة اتحاديةالخـ كما ورد في المشروع ـ أم أن تستبدل لفظة تصبح في لفظة أصبحتوعاد فيما بعد مبدياً اقتناعه أن الصيغة الأولى هي الأوفق وتساءل العضو المحترم المنير برشان عما إذا كانت من صلاحية هذه الحكومة الليبية الإشراف على الانتخابات المقبلة فرد عليه سماحة الرئيس بأنه لا يمكن معرفة ذلك قبل أن تقرره لجنة الدستور.
وقام بعد ذلك العضو المحترم سالم الأطرش واقترح بمناسبة اللحظة السعيدة التي تعلن فيها الحكومة الليبية الوقوف خمس دقائق لذكرى أرواح الشهداء الأبرار فقام في التو الجميع.
وعند الفراغ من تلاوة مشروع القرار طلب سماحة الرئيس آراء الأعضاء المحترمين فأبدوا موافقتهم عليه بالإجماع وبذلك أصبح قراراً.
وعند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الأربعين من صباح اليوم نفسه رفعت الجلسة.
***
محضر الجلسة العشرين يوم الخميس 5 أبريل 1951
عقدت الجمعية الوطنية التأسيسية الليبية جلستها العشرين يوم الخميس 29 جمادى الثانية 1370 هـ و 5 أبريل 1951 بمقرها بقصر الحاكم العام سابقاً. وكانت الجلسة برئاسة سماحة المفتي الشيخ محمد أبو الإسعاد العالم رئيس الجمعية الدائم. وتولى أعمال السكرتيرية العضو المحترم سليمان الجربي سكرتير الجمعية المنتخب. وقد تغيب عنها كل من الأعضاء المحترمين: أبو بكر بالذان. أحمد الطبولي. خليل القلال. سالم المريض. سعد بن ميدون. الشريف علي بن محمد. عبد الله بن معتوق. علي تامر. عمر شنيب. محمد المنصوري. محمود المنتصر.
وافتتح سماحة الرئيس الجلسة عند الساعة العاشرة والدقيقة الثلاثين صباحاً. فتلا السكرتير المراسلات وكانت تحتوي على مرسوم من سعادة أحمد بك سيف النصر بتشكيل حكومة فزان المحلية. وبرقية رد تهنئة من دولة محمود بك المنتصر وأخرى مماثلة من معالي علي بك أسعد الجربي. ثم رسائل التهاني بإقامة الحكومة الليبية من كل من جلالة الملك المعظم ودولة رئيس وزراء برقة والأمين العام للأمم المتحدة وسعادة نصر الله انتظام رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ومندوب الأمم المتحدة في ليبيا مع الرد على كل منها. ثم رسالة حول الموضوع نفسه من سعادة المعتمد البريطاني بطرابلس ورسالة تهنئة من قنصل الولايات المتحدة العام وأخرى من القنصلية الفرنسية بطرابلس وبرقية تهنئة من وزير خارجية الولايات المتحدة وأخرى من السيد مصطفى السلاك ببنغازي مع الرد على كل منها.
ثم قرأ السكرتير جدول الأعمال المؤقت وكان كالآتي:
(1) الموافقة على جدول الأعمال.
(2) الإطلاع على خطاب من مندوب الأمم المتحدة خاص بأعمال لجنة الدستور.
فوافق عليه كافة حضرات الأعضاء المحترمين.
وقام بعد ذلك العضو المحترم محمود المسلاتي والقى كلمة شكر قال فيها: ما كان ليفوتني واجب إظهار شعوري بما أوليت من ثقة منذ أن تشرفت بدخولي في هذه الجمعية كعضو ولكن والحق يقال ما كدت آخذ مكاني بين زملائي المحترمين حتى مرت بخاطري ذكريات اثنتين وثلاثين سنة. وفي أقل من لمح البصر قارنت بين ليبيا في تلك الحقبة من الزمن وبين ليبيا اليوم وقد أثرت تلك الذكريات في نفسي أيما تأثير وخلفت تلك المقارنة في نفسي أطيب الأثر. لذا لم أملك القول في تلك اللحظة. وهأنذا أرجو سماحة الرئيس أن يأذن لي بكلمة موجزة لأني لا أستطيع أن أعطيكم صورة كاملة عما يختلج في نفسي من شعور وإحساس. ثم قال العضو المحترم أود في هذه اللحظة أن أعرب لكم عن شعور الاغتباط المقرون بالفخر بهذه الثقة التي أوليتمونيها باختياري عضواً في الجمعية وأنا إذ أشكركم جميعاً من أعماق قلبي أرى نفسي سعيداً بل أرى أن لي كل الشرف بأن أتحتم لي الفرصة بأن أساهم في دستور ليبيا الفتية. وأرى لزاماً علي وأنا أبدأ مساهمتي في بناء هذا الصرح العظيم أن أرفع إخلاصي وكامل ولائي إلى سدة صاحب الجلالة الملك المعظم أبقاه الله ذخراً وملاذاً لشعبه. عاش جلالة الملك.
وتلاه العضو المحترم مفتاح عريقيب فألقى هو الآخر كلمة شكر وجيزة قال فيها: إني أضم صوتي لصوت زميلي الشيخ محمود المسلاتي فأنتهز هذه الفرصة لأقدم شكري لأعضاء الجمعية على اختياري كعضو وإني أفتخر بأن أكون كذلك وإني أدعوا الله أن يوفقنا جميعاً إلى خير ليبيا تحت ظل جلالة الملك مولانا ملك ليبيا المعظم.
وقد رد سماحة الرئيس باسم الجمعية على كلمتي العضوين المحترمين فقال: يسرني أن أظهر ما يخالج ضميري وضمير زملائي من سرور بوجود عضوين فاضلين بيننا في هذه الجمعيةز ثم قال سماحته وما كان العضوان المحترمان غائبين عن الأذهان عندما تأسست الجمعية ولا نقول إن الجمعية ضمت جميع أخيار البلاد بل إن أخيار أهل البلاد كثيرون والذين تفانوا في خدمة الوطن عديدون ولكن الحظ هو الذي يساعدني في القيام بالأعمال وأرى نفسي إنني لست أفضل إخواني الذين لم يساعدهم الحظ. وإن اشتراك العضوين الفاضلين في الجمعية لمنحة من الله الذي شرفهما كما شرفنا بخدمة مليكنا وإنا نرجو الله أن يوفقنا في الخطوات المقبلة حتى نرى ليبيا سعيدة مستقلة في ظل عاهل البلاد أبقاه الله.
ثم تلا السكرتير خطاب المستر بيلت مندوب الأمم المتحدة في ليبيا المذكور في المادة الثانية من جدول الأعمال. فأعرب سماحة الرئيس عن رأيه قائلاً إنه من المناسب إحالة هذا الخطاب إلى لجنة الدستور ومن المناسب أيضاً إرسال رد إلى المستر بيلت يقال فيه أن رسالتكم موضع درس وعناية كما عبر سماحته عن رأيه بأن تسرع لجنة الدستور في أعمالها. ورأى العضو المحترم محمد الهنقاري أن تتصل لجنة الدستور بالمستر بيلت حول الموضوع. وأيد العضو المحترم مختار المنتصر سماحة الرئيس في رأيه. ثم استطلع سماحة الرئيس رأي الأعضاء المحترمين فوافقوا بالإجماع على ما أبداه سماحته من آراء.
وعند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الخامسة من اليوم نفسه رفعت الجلسة على أن تعود الجمعية إلى الاجتماع في الساعة العاشرة من صباح يوم الاثنين 9 أبريل 1951.
محاضر الجلسات 21 إلى 26 ليست متوفرة حاليا وسنُحملها ريثما نحصل على نسخ منها
***
الجلسة السابعة والعشرون يوم الأربعاء 5 سبتمبر 1951
عقدت الجمعية الوطنية التأسيسية الليبية جلستها السابعة والعشرين الساعة العاشرة والربع من صباح يوم الأربع 5 سبتمبر 1951 بمقر الجمعية في مدرسة الفنون والصنائع وقد ترأس الجلسة العضو المحترم السيد عمر فائق شنيب لتغيب الرئيس سماحة المفتي الشيخ محمد أبو الإسعاد العالم معتذراً بوعكة صحية كما تخلف كل من السادة الأعضاء: إبراهيم بن شعبان. النفاتي بن عثمان. سالم المريض. علي تامر. وعلي المقطوف.
افتتح الرئيس الجلسة باسم الله واسم جلالة الملك وطلب إلى السكرتير أن يسرد جدول الأعمال الذي كان يحتوي على البنود الآتية:
(1) الموافقة على جدول الأعمال.
(2) تخويل الحكومة الاتحادية حق ممارسة السلطات.
(3) عطلة العيد.
وبعد سرده والموافقة عليه نظرت الجمعية في البند الثاني وهو تخويل الحكومة الاتحادية حق ممارسة السلطات فطلب العضو المحترم السيد خليل القلال تلاوة القرار الذي أحضرته الجمعية في هذا الخصوص.
فتلا السكرتير سليمان الجربي مشروع القرار فأخذ العضو المحترم خليل القلال يشرح القرارات الأولى التي سبق للجمعية أن اتخذتها تمهيداً لذلك وأهاب بالجمعية أن تقرر تخويل حق الممارسة حيث ليس هناك ما يدعو إلى البحث والنظر.
فقال العضو المحترم السيد منير برشان أظن أن قرارنا الأول يتضمن التخويل أيضاً.
وبعد مداولة ومشاورة وتبادل الآراء اتفق الأعضاء على اتخاذ قرار يصرح بالتخويل ويكون بمثابة تأكيد للقرار الأول الذي نوه بذكره العضو المحترم منير برشان.
فأعاد السكرتير قراءة مشروع القرار المزمع اتخاذه وأثناء تلاوته جرى نقاش حول بعض الصيغ كعبارة ولايات أو أقاليم فرأى بعض الأعضاء استحسان عبارة حكومات الولايات بدل العبارتين السابقتين.
كما رأى العضو المحترم محمود المسلاتي وضع عبارة (حق ممارسة السلطات) بدل سلطة ممارسة السلطات.
كما اعترض العضو المحترم السيد منير برشان على عبارة إلى صدور الدستور ورأى أن يحترس مما يتبادر إلى الفهم من أن هناك فترة تتعطل فيها الممارسة.
فاقترح العضو المحترم السيد محمود المسلاتي أن ينص للاحتراس من ذلك بكلمة من الآن.
فاعترضه العضو المحترم السيد محمد الهنقاري قائلاً لا وجه لهذا الاحتراس ودار نقاش بسيط أسفر عن تعادل الرأيين واستمرت تلاوة القرار.
طلب العضو المحترم السيد منير برشان أن ينص على أن تتسلم الحكومة السلطة من الإدارات والولايات فعارضه بقية الأعضاء واستحسنوا بدل اقتراحه أن يذكر القرار جميع المسائل الخ.
فأجابهم أن لجنة التنسيق لما كانت ببنغازي رجت الحكومة ببرقة أن تسلم جميع السلطات إلى الحكومات الاتحادية فأجيب بأن هذا قد كفله فصل الاختصاصات.
وهنا لاحظ العضو المحترم السيد محمود المسلاتي بأنه يفهم من عبارة جميع السلطات التي تتسلمها أن هناك سلطات لا تتسلمها، ورد عليه بأن هذا موجود فعلاً وبعد جدال ونقاش اختيرت هذه العبارة: حق ممارسة السلطات في جميع المسائل التي تتسلمها، وبعد الانتهاء من تلاوة القرار أعيدت تلاوته فاقترح العضو المحترم السيد منير برشان أن تضم إلى السلطات المذكورة سلطة الانتخابات.
فأجابه العضو المحترم السيد خليل القلال بأن قانون الانتخابات مبني على الدستور ولذا لا لزوم لتخويل الحكومة هذه السلطة بقرار.
وهنا طلب الرئيس موافقة الأعضاء على القرار فوافقوا عليه بالإجماع كما يلي: قرار تخويل الحكومة الليبية المؤقتة حق ممارسة السلطات التي تتسلمها بناء على فصل الاختصاصات.
بناء على المادة الأولى من قرار الجمعية الوطنية الصادر في 29 مارس الخاصة بإقامة الحكومة الليبية المؤقتة ووجوب تسلمها للسلطات من دولتي الإدارة وفقاً لقرار الأمم المتحدة الصادر في 17 نوفمبر 1951 وممارستها لها وفقاً لنصوص الدستور وبصورة خاصة فيما يتعلق بتوزيع السلطات بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية عند تقرير ذلك من قبل الجمعية الوطنية.
وبناء على قرار الجمعية الوطنية الصادر في 18 أغسطس 1951 الخاص بالموافقة على اختصاصات كل من الحكومة الليبية الاتحادية والولايات.
وحيث إن لجنة التنسيق استجابة لطلب الجمعية قد أوصت بتاريخ 24 أغسطس 1951 باتخاذ فصل اختصاصات كل من الحكومة الليبية الاتحادية والولايات أساساً لتسليم السلطات من قبل دولتي الإدارة وبالشروع في التسليم في ميعاد لا يتجاوز 15 سبتمبر 1951.
وبما أن الدستور لم يصدر بعد. وحيث إنه من الضروري أن تمارس الحكومة الليبية المؤقتة فوراً ما تتسلمه من سلطات.
تقرر الجمعية الوطنية التأسيسية ما هو آت:
أولاً: تخويل الحكومة الليبية المؤقتة حق ممارسة السلطات في جميع المسائل التي تتسلمها وفقاً لما تقرر في فصل الاختصاصات الذي وافقت عليه الجمعية يوم 18 أغسطس 1951.
ثانياً: على رئيس الجمعية الوطنية أن يبلغ هذا القرار إلى جهات الاختصاص للعمل بموجبه.
ثم انتقلت الجمعية إلى البند الثالث وهو عطلة العيد.
فقال الرئيس: تقرير العطلة لا يكون إلا على أساس ما تفيدنا به لجنة العمل عن مدى سيرها في الدستور.
فأفاد العضو المحترم السيد خليل القلال قائلاً: إن اللجنة أتمت تقريباً تنسيق الدستور وفي النية أن يطبع قبل العيد وتوزع نسخ منه على الزملاء لدراسته حيث يبحث وينظر في الاجتماع الذي يسبق العيد.
فاقترح العضو المحترم السيد عبدالمجيد كعبار قائلاً: إذن لا لزوم لتقرير عطلة العيد.
فقال السيد خليل القلال أرجو من الإخوان أن يتحملوا شيئاً من التضحية ويكرسوا جهودهم حتى نتم الدستور في أقرب وقت ممكن حيث هناك توجيه سام في سرعة الإنجاز، وبعد مداولة بين الأعضاء وأخذ رأي أعضاء الوفد الفزاني الذين كانوا يتمنون أن لو أتيحت لهم فرصة قضاء العيد بين أسرهم وأهليهم طلب الرئيس الرأي الإجماعي في تقرير عطلة العيد وطرح ذلك للتصويت.
فقام العضو المحترم السيد خليل القلال وقال إني أعارض التصويت لأن المصلحة العامة تدعونا جميعاً إلى أن نجد ونعمل دائمين دون انقطاع وقد أخذنا مسئولية وضع الدستور على عاتقنا فيجب علينا الاضطلاع بها وعدم الالتفات إلى الاعتبارات الأخرى وأن عيدنا هو يوم أن نتم مهمتنا ونخرج دستورنا إلى الوجود وليفرض من يحن إلى أهله منا الآن أنه في رحلة تجارية فإن أعياداً تمر عليه بعيداً عن عشيرته وليس ذلك بعائقة عن تتمة مهتمه التجارية فما بالكم بدستور أمة بأسرها تبنى عليه حياتها وحياة أجيالها المقبلة. وقد أثرت كلماته في نفوس الحاضرين فانبرى الأعضاء الفزانيون مدفوعين بحماس متدفق وأيدوا الاستمرار في العمل حتى تنجز الجمعية مهمتها الكبرى ألا وهي وضع الدستور. وهنا غمرت الجمعية موجة من الأريحية وعبر الرئيس في نشوة من التأثر عن شكره الخاص وشكر الأعضاء للوفد الفزاني الذي أبدى من حسن التعاون وروح النشاط ما يستحق عليه الثناء وختمت الجلسة بالموافقة على الاستمرار في العمل وبأن تجتمع يوم 10 سبتمبر 1951 صباحاً.
السكرتير سليمان الجربي
***
الجلسة الثامنة والعشرون يوم الاثنين 10 سبتمبر 1951
عقدت الجمعية الوطنية اجتماعها الثامن والعشرن الساعة العاشرة من صباح يوم الاثنين 10 سبتمبر 1951 بمقر الجمعية الحالي بمدرسة الفنون والصنائع وبرئاسة رئيس الجمعية سماحة المفتي وقد تخلف كل من السادة: إبراهيم بن شعبان. النفاتي بن عثمان. العكرمي هبى. محمد الهنقاري. محمود المنتصر.
افتتح الرئيس الجلسة باسم الله واسم جلالة الملك ثم طلب إلى سكرتير الجمعية سليمان الجربي أن يتلو جدول الأعمال وكان يتضمن:
(1) الموافقة على جدول الأعمال.
(2) مناقشة الفصول الآتية:
( أ ) شكل الدولة ونظام الحكم فيها.
(ب) حقـوق الشعـب.
(جـ) الاختصاصات.
( د ) السلطات العامة.
وبعد الانتهاء من تلاوة جدول الأعمال طلب الرئيس الموافقة عليه فاقترح العضو المحترم السيد سالم الأطرش أن يزاد في البند الثاني من الجدول تفسير لمناقشة الفصول بمعنى قراءتها لتمهيد المناقشة.
فقال العضو المحترم السيد خليل القلال أن الهيئة هي التي لها الحق في أن تقرر إما القراءة أو المناقشة أو الاقتصار على تلاوة الفصل فقط. على أنه إذا وافقت الهيئة مبدئياً على جدول الأعمال تتطرق بعد ذلك إلى مسألة الاقتصار في الجلسة هذه على التلاوة فقط والشروع في المناقشة وقتاً آخر.
فلاحظ العضو المحترم السيد سالم الأطرش قائلاً: إن وجود (كلمة مناقشة) في جدول الأعمال يبيح لكل عضو الدخول فيها في حين أننا لو وضعنا عبارة (قراءة الفصول تمهيداً لمناقشتها) نكون قد حددنا مهمة جلستها هذه.
فقام سكرتير الجمعية سليمان الجربي وقال: إن المسألة شكلية وعلى كل حال فإن القراءة تكون أولاً ثم تعقبها المناقشة ووافقه الأعضاء وأقر جدول الأعمال.
تلا السكرتير سليمان الجربي الرسالة التي بعث بها رئيس لجنة الدستور إلى رئيس الجمعية الوطنية وهي تخص تقديم الفصول المبينة في جدول الأعمال بعد أن نسقتها لجنة العمل وأقرتها لجنة الدستور.
فعقب عليها العضو المحترم خليل القلال شارحاً فقال إن لجنة العمل هي التي وضعت مسودة الدستور ودرست الفصول وأعادت ترتيبها ثم أحالتها إلى لجنة العمل وقد قدمت الفصول الأربعة الأولى ونظرتها لجنة الدستور وأقرتها وها هي تحيلها للجمعية للقراءة ثم المناقشة.
كما قام العضو المحترم السيد عبدالجواد الفريطيس وقال: الملاحظ من رسالة رئيس لجنة الدستور أن أعضاء لجنة الدستور وافقوا بالإجماع على مواد الفصول الأربعة بينما أؤكد بأني قد احتفظت لنفسي بطلب تسجيل اقتراحي حول الفقرتين 9 ـ 10 من المادة 36.
فعلق الرئيس على ذلك قائلاً: إن الجمعية الوطنية الملقى على عاتقها وضع الدستور قد اختارت من بين أعضائها ثمانية عشر عضواً رأت فيهم الكفاءة والهمة والاستعداد وشكلت منهم لجنة سمتها لجنة الدستور، وهذه اللجنة بدورها اختارت من بينها ستة أعضاء ودعتهم بلجنة العمل، وقد قامت لجنة العمل بجهود جبارة وتضلعت بالمسئولية الكبرى وهيأت دستوراً مثالياً وعرضته على لجنة الدستور التي قامت بتنقيحات وتعديلات بعد الدرس والمناقشة وأعادته إلى لجنة العمل ليهذب وينسق، وها هو قد أبرز الآن بعد إعادة النظر فيه من طرف لجنة العمل على ضوء توضيحات لجنة الدستور والخبراء، وقد محصته ثانية لجنة الدستور وأقرته وأحالته إلى الجمعية الوطنية، وطرحت هذه الفصول المقدمة على أساس دستوري وبصيغة قانونية ومن احتفظ برأي فيها فإن رأيه مسجل بالمحاضر وهي على كل حال ليست قطعية بل عرضة للمناقشة.
فأكد كلام الرئيس العضو المحترم السيد خليل القلال وقال: إن عمل لجنة الدستور عمل تحضيري والكلمة الفاصلة للجمعية وهي التي لها الحق في الإقرار النهائي أو التعديل.
شكر الرئيس لجنتي العمل والدستور على ما قامتا به من تحضير الدستور وتقديم الفصول جاهزة بتمام موادها.
ثم اقترح العضو المحترم السيد عمر فائق شنيب بأن يبدأ في تلاوة الفصول على أن يحتفظ كل عضو بما يراه ليطرحه في الجلسة التي تعقد للمناقشة. الأعضاء يوافقون.
سأل العضو المحترم السيد خليل القلال الأعضاء هل يفضلون التلاوة بصوت عال حتى يتمكن الجالس منهم بعيداً من الاستماع فأبدوا رغبتهم في ذلك.
شرع السكرتير سليمان الجربي في تلاوة الفصول الأربعة المقدمة مبتدئاً بالمقدمة. ثم الفصول على الترتيب الآتي:
شكل الدولة ـ حقوق الشعب ـ اختصاصات الاتحاد والولايات ـ السلطة الاتحادية العامة.
وبعد الانتهاء من تلاوة الفصول تقدم العضو المحترم السيد خليل القلال باقتراح يرمي إلى تأجيل الجلسة إلى موعد آخر كي يتسنى للأعضاء الاطلاع على الفصول ودراستها.
فقال الرئيس بما أن الأيام المقبلة هي أيام عيد إسلامي أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بالسعادة وبما أن الأعضاء يحتاجون إلى بضعة أيام لدراسة الموضوع فإني أتمنى أن تقرر الجمعية اليوم الذي ستجتمع فيه بعد العيد مباشرة.
فقام العضو المحترم السيد سالم الأطرش وقال لا مانع من أن نجتمع بعد العيد مباشرة لإنجاز المهمة المسندة إلينا ولذا يجب أن نسرع في الاجتماع إلا أنني أرى أن بعض المواد لها علاقة بالمواد الأخرى ولذا أرجو أن نتم جميع الفصول ونطلع عليها جملة، وأوجه ندائي إلى اللجنة المختصة كي تتمها وتقدمها إلينا في أقرب فرصة ممكنة.
فقال الرئيس لا مانع من أن ندرس هذه الفصول حتى تتم بقية الفصول وندرسها عند ذاك مجتمعة ونكون قد قمنا بما قامت به لجنة الدستور التي لم تترك الوقت يذهب سدى.
فقال العضو المحترم السيد منير برشان إن الفصول الأخرى تكون جاهزة قبل عطلة العيد.
فصرح العضو المحترم السيد خليل القلال قائلاً إنها تحت الطبع ونؤمل أن نوزعها على الأعضاء في الجلسة المقبلة. فاقترح العضو المحترم السيد برشان أن تكون الجلسة المقبلة يوم السبت 15 سبتمبر 1951 وأيده العضو المحترم السيد عبدالمجيد كعبار.
غير أن العضو المحترم السيد عمر فائق شنيب يرى أن تكون الجلسة المقبلة يوم الاثنين 17 سبتمبر 1951.
فأبدى الأعضاء موافقتهم وأعلن السكرتير سليمان الجربي موعد الجلسة المقبلة على أساس اقتراح السيد عمر شنيب.
وعاد السيد برشان وأصر على أن تكون الجلسة يوم السبت بدل الاثنين.
وهنا قام العضو المحترم السيد المبروك الجيباني وقال لقد اقترح العضو المحترم السيد عمر شنيب أن تكون الجلسة يوم الاثنين 17 الجاري ووافق الأعضاء على ذلك فما معنى هذا الرجوع إلى موضوع بعد أن حصلت عليه الموافقة؟
فأجابه العضو المحترم السيد سالم الأطرش وقال المهم هو أن ننجز أعمالنا بسرعة ونحن نريد أن نكسب الأيام ونغتم الوقت.
فقال الرئيس إن يوم السبت هو رابع أيام العيد والعادة هو أنه يوم عطلة عامة فلا ضرر من تأخير الاجتماع يومين مراعاة للتقاليد المعمول بها واستجماماً للنشاط.
فاقترح العضو المحترم السيد مفتاح عريقيب حلاً وسطاً وهو أن تكون الجلسة يوم الأحد.
فقام العضو المحترم السيد سليمان الجربي وقال لا داعي لهذا الجدال والمناقشة مع عدم وجود بون شاسع الرأيين على أني أتقدم إلى الزميل المتحرم السيد منير برشان وأرجوه أن يسحب اقتراحه ويوافق بقية أعضاء الجمعية على أن تكون الجلسة المقبلة يوم الاثنين.
فأجاب العضو المحترم السيد برشان قائلاً: لا مانع عندي من ذلك غير أني أرجو السرعة في الإنجاز. فتقرر أن تكون الجلسة المقبلة يوم الاثنين 17 الجاري بإجماع الآراء.
وفي النهاية تقدم الرئيس وقال مخاطباً جميع الأعضاء: يسرني أن أقدم لحضراتكم تهاني القلبية متمنياً لحضراكم جميعاً عيداً سعيداً وعمراً مديداً وأستأذنكم في أن أبرق باسمي واسم الجمعية إلى جلالة مولانا الملك المعظم تبريكاتنا لجلالته بعيد الأضحى المبارك وكل عام وأنتم بخير.
ثم رفعت الجلسة حوالي الساعة 11:30.
السكرتير سليمان الجربي
________________

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *