ضمن سلسلة النشاطات السياسية والإعلامية التي قامت بها الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا بمناسبة حلول الذكرى الثامنة لتأسيسها، أقامت الجبهة ندوة علمية شارك فيها عدد من قيادات وأعضاء الجبهة.

وقد قدم الأستاذ بشير العامري المعروف بـ الحاج صابرورقة لمعالجة موضوع مستقبل الجبهة السياسي منذ اللحظة التي يتحقق فيها الهدف الأول من أهداف الجبهة وهو إسقاط نظام القذافي (والذي تحقق بثورة 17 فبراير 2011).

***

ملخص الورقة

قبل الحديث عن الهدف الثاني وهو إقامة البديل الديمقراطي الراشد، كما جاء في أوراق المجلس الوطني الأول، وفي أطروحات الجبهة السياسية وفي أدبياتها التي تلت المؤتمر، وقد ارتكزت ورقة البحث على ثلاثة عناصر أساسية هي:

أولا ـ تاريخ نضال الأمة خلال هذا القرن وما واكب ذلك النضال من عثرات ونجاحات.

ثانيا ـ الواقع السياسي في ليبيا بعد سقوط القذافي وتنظيم اللجان الثورية.

ثالثا ـ التحدي الحضاري ومشروع بناء الإنسان الذي سيواجه الجبهة وهي تخوض مرحلة البناء.

لقد كان الهدف من استعراض الأحداث التاريخية استقراءها في محاولة لربط النتائج بالمسببات ولمعرفة التعارض بين برامج الدولة في السيادة والتقدم وبين طموح الشباب من أبناء هذا الجيل والأجيال التي عاشت عصر النهضة بعد الحرب العالمية الأولى.

لقد برزت عدة تناقضات في عدة أقطار أدت إلى التعسف وإلى كتم كثير من الأصوات الوطنية الصادقة بل إلى إرهاب الشعوب في أحيان أخرى.

ولكي تعيد الجبهة بناء نفسها لبدء النضال من أجل البناء، تؤكد الورقة أن عليها استقراء التاريخ المعاصر في المنطقة العربية، ففيه من التجارب السياسية والديمقراطية ما لا يستطيع أي مصلح أو صاحب مشروع حضاري، مثل هذا الذي بين أيدينا، أن يتجاهله أو يغض الطرف عنه.

أما الواقع السياسي المنتظر بعد سقوط القذافي فإن هذا البحث يفترض أن جميع التنظيمات العقائدية والفكرية السياسية الليبية سوف تبرز إلى ساحة العمل والتنظيم لتؤدي دورها في المسيرة الجديدة التي تبدأ بسقوط نظام القهر والتعسف القائم.

ويضيف البحث الإفتراض بأن تنظيم اللجان الثورية سوف يستمر لزمن يصعب تحديده، وأساس هذا الإفتراض هو أن الأموال التي هربتها وستهربها عناصر النظام إلى خارج البلاد لابد أن يستمر بعضها في تمويل كيان سياسي بهدف تبرير الحقبة التي حكمها القذافي ولمحاولة العودة إلى السلطة إن أمكن، خصوصا إذا لم تتمكن التجربة الديمقراطية المنتظرة من توفير الأمن والغذاء والحرية للمواطن الليبي بالسرعة التي يحلم بها الشارع السياسي.

أما عن مشروع بناء الإنسان والمشروع الحضاري فقد ركز البحث على ضرورة إعادة الثقة إلى الإنسان الليبي ليشعر بدوره التاريخي وبقدرته على أن يتحول من إنسان بدائي يبيع المادة الخام ويستهلك إنتاج الرجل الأوروبي والياباني إلى إنسان يشعر بدوره الحضاري ومسؤوليته أمام الله والتاريخ في عمارة الأرض ونشر العدل والرخاء.

والبحث يفترض أن هذا الهدف (بناء الإنسان) لن تستطيع القيادة السياسية تحقيقه إلا إذا استمدت قوتها من الجماهير فعلا وليس من دورها في اللعبة السياسية الدولية، أو من قدرتها على خلق حزام أمني تحيط بها نفسها.

إنتهى الملخص

نشرت بمجلة الإنقاذ ـ ملحق العدد 30 ـ فبراير 1990م

***

المحرر:

لا شكل أن الحاج صابر أصاب فيما توقعه عن بعض ملامح مرحلة ما بعد سقوط النظام ولجانه الثورية، وكأني به يخاطب القيادة السياسية للجبهة في هذه المرحلة، مذكرا بالتالي:

ـ ضرورة الاستفادة من التجارب العربية في التغيير والتحول الديمقراطية

ـ ضرورة بروز الجبهة إلى ساحة العمل لتؤدي دورها في إقامة البديل الديمقراطي الراشد

ـ ضرورة مواجهة اللجان الثورية لكونها ستستمر بعد سقوط النظام وستحاول العودة إلى السلطة بتوظيف الأموال التي ستهرب إلى الخارج

ـ ضرورة التركيز على إعادة الثقة إلى الأنسان الليبي ودفعه للتحول من الإنسان البدائي إلى الإنسان الحضاري.

ـ وأخيرا، توقع بأن التجربة الديمقراطية قد لا تتمكن من توفير الأمن والغذاء والحرية للمواطن الليبي بالسرعة المطلوبة

رحم الله الأخ بشير العامري وأسكنه فسيح جناته على كل ما قدم من أجل ليبيا وبالأخص في توعية الإنسان الليبي، عبر شخصية الحاج صابر.

___________

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *