إعداد فريق المركز

من المسائل الغائبة تماما في حياتنا السياسية اعتماد البحث العلمي وتوظيفه في فهم قضايا المجتمع عبر تقديم الرؤى وطرح البدائل والخيارات بناء على المعلومات والمعرفة والاستنتاجات العلمية الموضوعية.

لا مبالغة في القول بأن مراكز الأبحاث والدراسات لها أدوار أساسية في نهوض الأمم وتقدم شعوبها، وليس سرا أن أحد أسباب فساد أنظمتنا السياسية وتأخر دولنا وتخلف شعوبنا هو عدم توظيف ما تقدمه بعض المراكز البحثية على قلتها وضعف انتاجها العلمي.

في العالم المتحظر نجد أن المراكز البحثية وصلت إلى أعلى المراتب بالنظر إلى ما تحصل عليه من دعم معنوي وما يلقاه علماؤها وبحاثها من تقدير، ناهيك عن ضمان ميزانياتها المعتبرة من خلال الدعم المجتمعي في شكل وقفيات علمية تفوق ما تقدمه الحكومات والمؤسسات السياسية الحزبية.

مراكز الدراسات والأبحاث أصبحت فاعلا رئيسيا في رسم توجهات الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية، بل هي من أكبر المؤثرين في صنع القرارات التشريعية والتنفيذية، والتنموية والأمنية أيضا

ولعل من أهم الأدوار التي يمكن أن تلعبها مراكز الدراسات في ليبيا هي دراسة القضايا والمشكلات الشائكة التي تواجه المجتمع والدولة وتحليلها، وبالتالي معرفة الأسباب التي تكمن وراءها، ومن ثم بلورة الرؤى والمقترحات العلمية المتعلّقة بها، وإصدار توصيات محددة للحلول المناسبة لها.

تشابك الأحداث السياسية والاقتصادية وانعكاساتها على الأمن القومي في ليبيا وبقية الدول العربية تبرز أهمية مراكز الدراسات والبحوث كوسيلة يمكن لصانع القرار السياسي سواء في مؤسسات الدولة أو في الأحزاب السياسية أن يستفيد من جهودها، فهي قادرة على التفكير خارج إطار الإنشغال اليومي بالصراع السياسي والمشاكل الإدارية والتنظيمية ويمكنها بالتالي وضع الإستراتيجيات واقتراح السياسات المستقبلية في شؤون الأمن والأقتصاد والإدارة والسياسة الخارجية والحكم المحلي التي تمكّن المؤسسة من الاقتراب من الحل الصائب للمشكلات والقضايا المطروحة.

وبما أن الدراسات والبحوث يمكنها الغوص في سيناريوهات الدراسات المستقبلية، ويمكنها تحقيق التوازن في دراسات الاستراتيجيات العسكرية، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المرتقبة، والعلاقات الإقليمية والدولية المتغيرة دوما، وبالتالي يمكنها ترشيد التفكير لدى صاحب القرار عبر بوصلة المصلحة الوطنية، وتمكّنه من تحقيق المصلحة العليا للبلاد سواء على مستوى الاستراتيجية أو التكتيك وحسب المناخ السياسي في الإقليم والعالم.

ولعل من أهم عوامل نجاح مراكز الدراسات والأبحاث في مهامها، هو توفير المناخ الفكري والمعرفي الحر المفتوح للنقاش وتبادل الأراء وتلاقح الأفكار بدون أية محددات وحجر على التعامل مع ما تفرزه الدراسات العلمية من مؤشرات ونتائج حاكمة، والإبتعاد على خدمة أهداف السلطة الحاكمة المبنية على حب السلطة وإعطاء أولوية للمصالح الخاصة فوق المصلحة الوطنية.

_____________

مقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *