المناضل علي بشير يتذكر: رفقة الشهيد في رحلة عودته إلى الوطن وملابسات استشهاده، وأحداث أخرى
هذه سردية أحد رفاق الشهيد الذين عبروا الحدود معه نحو الوطن، يحكي فيها تجربته مع مجموعة بدر وعن دخولهم إلى أرض الوطن وعن ملابسات استشهاد الحاج أحمد، وعن اعتقاله ورفيقه الآخر في تلك الرحلة، وعن تجربته في سجن بوسليم وغيرها من الذكريات.
بقلم علي بشير حمودة
الجزء التاسع
من أشدّ الأشياء على النفس أن ترى داخل السجن إنساناً فقد عقله ودخل في عالم آخر وهي حالات لا نقول إنها كثيرة بل هي قليلة ولكنها تبعث في النفس الأسى والحزن العميقين، ولا يتصور هذه المعاناة إلا من عاشها وعاينها ووقف على يومياتها وتفاصيلها وإذا كان التعامل مع هذه الحالات خارج السجن وفي الحالات العابرة صعباً فكيف يكون الأمر داخل نطاق محدود ومقفل، ولقد كان السجانون يعاملون هذه الحالات بأقسى وأقصى درجات العنف، ويعتقدون أنّ الأمر تمثيل وخداع، ومن صور المأساة في هذا بقاء أحد هؤلاء على حالته وهيئته سنين لا يعرف حماماً و لا غسيلاً يخرج ليأخذ طعامه ويعود لمكانه أو تراه في الساحة كئيباً منطوياً وكان أحدهم يدخل تحت الماء بملابسه في البرد القارس ثم يجلس بها في فراشه أو ينام، ولقد حاولت أنا وبعض الإخوة مخالطة هؤلاء وتقديم شيء لهم عندما فتحت لنا الأبواب خلال فترة التسعينيات، وهي محاولة وتجربة قاسية، خصوصاً في بداياتها، لكنها ولله الحمد أحدثت شيئاً في نفوس هؤلاء، وتعاونا على نظافتهم وغسيل ثيابهم وحلاقتهم وتقليم أظافرهم وتقديم الطعام والدواء لهم، وقد كان الأخ ونيس العيساوي في مقدمة المساعدين لهؤلاء جزاه الله خير الجزاء.
ومما أذكره للتعريف ببعض هذه الحالات : عبدالسلام الشلتات وهو عسكري في الجيش أصوله من مصراتة سكان مدينة المرج انضم لمجموعة فتحي الشاعري التي عرفت بجماعة السوق، أي التي خططت لاغتيال الطاغية في سوق الرويسات ببنغازي في أول ثمانينيات القرن الماضي، وكان رجلا حرّاً لا يحتمل أدنى إهانة وأثناء ردّه على بعض حرّاس السجن قاموا بضربه على قافية رأسه بمغرفة الطعام (الساقم) فانقلب إلى حال آخر ، كان متزوجاً وله ابن وبنت، وقد حكم بالإعدام وبقي على حالته تلك إلى أن خرج سنة 2002م كانت له حالات يكاد يعود فيها إلى حالته الطبيعية ، وله دعابة غريبة وتعليقات لاذعة أحياناً أذكر أنه ذات مرّة كان يردد آخر بيت من الشعر : “…………. وما الحب إلا للحبيب الأول” ثم سألني: تعرف من هو الحبيب الأول ؟ فقلتُ له: من؟ فقال لي: محمّد صلى الله عليه وسلم، وكان يداعب من يتحدث إليه – حين يكون شبه عادي – : “آه يا قريناتجو” كان يكررها كثيراً كأنها مما اعتاده في سابق حياته وشبابه، توفي بعد الإفراج عنه بقليل رحمه الله.
أما الشخص الثالث فهو : محمّد هويدي العقوري، كان عسكرياً في سلاح البحرية وقد أصيب بحريق لا تزال آثاره على جسمه أثناء وجود في روسيا بميناء أوديسا، حين اقتحم زورقا محترقا لإنقاذ من فيه، اعتقل أوائل الثمانينيات ربما لحديثه وكلامه هو لا يخلو من روحانية غريبة وتجري على لسانه كلمات ذات سر ودلالة لكنك لا تستطيع إعادته إليها، يقولها وتمضي، ولعلي أتوقف عند هذا الرجل بعض الشيء، كان لا يهتم بهيئته ويقيم في ركن الحجرة حوله أمتعته عند سريره وكان لا يسمح لأحد أن يقتل شيئا مما هو في نطاقه من صراصير أو فئران أو غيرها لأنها في جواره، وكان يتلو القرآن كثيراً لكنه لا يتقن تلاوته، كما أنه ألف كتاباً أسماه “الكتاب الأبيض” فماذا كان “الكتاب الأبيض“؟!! كان يعكس مقولات القذافي في كتابه الأخضر، فيقول مثلاً “الأرض ملك لأحد” وهكذا ومما عرف به هذا الرجل أنه كان يكتب أوراقاً ويطلب من الحرس أن يبعثوا بها لمعمر!! إلى درجة أنه هُدد وعُوقب لكنه لم يكف، ومما كتبه ورقة بعنوان : الأمر ليس هزلا أيها الملازم، يقصد القذافي، وذات مرّة طلب من القذافي المجيء والمبارزة، وأذكر المرّة الأخيرة أنه كتب ورقة وسلمها للحرس، كتب فيها رسالة للقذافي يطلب منه يد ابنته عائشة، فقلتُ له : معقولة يا محمّد تطلب هذا الطلب! فقال لي على الفور: أنا أعلم أنه لن يزوجني بها وأنا لا أريدها أصلا حتى لو أعطاها لي، ولكن افهم المعنى والمغزى!! وسبحان الله عندما يتحدث وينطلق في حديثه تلمح كثيراً من معالم ثقافته وشخصيته وشهامته قبل أن يصيبه ما أصابه بسبب السجن والعذاب، وتراه أحياناً سابحاً في ملكوت الله مستغرقاً في تفكير عميق ولمدّة طويلة، كان هو وعبد السلام الشلتات ممن يدخنون بشراهة، وكانا في فترة ما أيام سجن الحصان مع السيد أحمد الزبير (حجرة المحكومين بالإعدام) وعندما يأتيهما الدخان أثناء الزيارة يجلسان ويضعان السجائر بينهما – مهما كانت الكمية – ويدخنان ليلة كاملة أحياناً إلى الفجر حتى يستهلكا ما بحوزتهما من السجائر في تلك الحجرة المقفلة، كنت ذات يوم لوحدي في الحجرة وقد خرج الجميع إلى الساحة وكنت مهموماً بعض الشيء فدخل عليّ محمد هويدي فجأة وقال لي ما معناه : “ما تخممش كيف تو تطلع وتتزوج وتكون لك ذرية” فوقعت تلك الكلمة الطيبة موقعها في نفسي.
أما الزائر الأعوج الككلي فقصته أنه كان طالبا يدرس (الهندسة تقريبا) في سوريا وبعد أحداث مايو 1984م وما جرى خلالها من مواجهات وإعدامات كان الزائر يتحدث إلى من يظنّ أنه صديق له واصفاً شباب جبهة الإنقاذ الذين دخلوا البلاد وواجهوا القذافي لأول مرة بالحديد والنار “بأنهم رجال” وولت تلك الكلمة إلى مسامع من يرصدون كلام الناس، وفي المطار حين كان الزائر متجها لسوريا القي القبض عليه وسيق للتعذيب والتحقيق وتعرض لأبشع صور العذاب حتى أصابه ما ظل يعانيه حتى يومنا هذا، وكان من حين لآخر حين يطرب للحديث يحدثني بهذه القصة ويقول لي: صديقي هو من بلّغ عليّ!! وكان اللوعة والحسرة واضحة في نبرته.
ما زلت أذكر هذه الحجرة (رقم 4) بالقاطع الأول من السجن العسكري ، تلك الحجرة الكئيبة التي تجسد مأساة ماثلة بين العينين، لها طابعها الخاص الذي يعكس مدى وحجم الطغيان وجنايته على الإنسان، إلى درجة لا توصف ولا تطاق، كنت أذهب من حين لآخر أنا وأخي عارف دخيل وننام في حجرة هؤلاء التعساء البؤساء الذين كنت أقول في نفسي: كيف ستكون نهاية هذا الطاغية القاسي ؟ الذي وصل في ظلمه إلى هذا المستوى، وكانت له عيونه داخل السجن وكان يعرف ما يدور داخله ولا يهمه ذلك.
***
أعود إلى قصة وشهادة أخرى، يوم 16/9/1990م توفي السيد محمد المجراب ، كان يعاني مرض السكري، ويستعمل إبر الأنسولين وكان يعاني مضاعفات هذا المرض، يوم 16 نوفمبر اشتدت به الحال حتى دخل حالة الإغماء وكان رحمه الله بالحجرة رقم (11) واشتد الطرق على الأبواب، وكان الحرس يصرخ ويطلب الكف عن طرق الباب، وتوفي الرجل، وبقي مسجى في سريره، إلى أخذ عشية من قبل الحرس، ليسلم لأهله يوم أن جاؤا لزيارته، وكانت فاجعة لهم، وكتب السجناء ورقة لمدير السجن (عامر المسلاتي) يشكون فيها ما حدث من إهمال وتقصير، وإذا بالحرس يخرجوننا للساحة ويأخذون أهبة الاستعداد ودخل (عامر المسلاتي) ودون سلام أو مقدمات تكلم في قضية لا يفقه فيها شيئاً لا من قريب ولا من بعيد ولكنه العسكري الذي يعتقد أنه يستطيع الخوض في أي شيء قال: “أنتم تعترضون على قضاء الله ! الله يقول : محمد المجراب سيموت يوم كذا وأنتم تقولون : لا ” ودخل – كعادته – في مهاترة تنم عن جهل واستعلاء وموت قلب، فبادره جمعة قنص العجيلي : “ما تقولش معترضين على قضاء الله” لكن (عامر) مضى في كلامه حتى انصرف وكانت بيده ورقة الشكوى التي كتبها السجناء يحاول قراءتها بتهكم واستهزاء وقد جاء أهل محمد المجراب لزيارته يوم 18 نوفمبر وإذا بهم يفاجئون بنبأ وفاته ولكم أن تتخيلوا بقية المشهد .
من الأحداث التي عشناها وانعكست علينا آثارها :
• الحدث الأول : كان في نهاية سنة 1989م وتمثل في سقوط الرئيس التشادي حسين حبري الذي كان معاديا للقذافي ولم يخضع لكل محاولاته – ترغيبا وترهيبا – عقب انشقاق القائد العسكري إدريس دبي ولجوئه للمنطقة الحدودية بين السودان وتشاد وهنا لقي الدعم والمساندة من القذافي والسودان وتمكن من اجتياز الحدود ودخول أنجامينا خلال مدة وجيزة وهذا كان على حساب المشروع العسكري للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المتمثل قوة الفدائيين (الكتيبة 106) بقيادة المناضل سالم الحاسي ، وجيش التحرير الوطني بقيادة العقيد خليفة حفتر وقد تكون هذا الجيش من الأسرى الليبيين عقب هزيمة القذافي في تشاد، وهنا كانت شماتة القذافي كعادته وهبت آلته الإعلامية لتجعل منه نصراً وفتحاً مبيناً كعادته في جميع المواقف وعند كل النتائج، وقد حاول القذافي جهده أن يطال عناصر الجبهة هناك إلا أنه لم يتمكن من ذلك ، وكان انعكاس ذلك علينا ألما وحزنا لأننا افتقدنا ساحة مناوئة للطاغية كانت تشكل – إلى حد ما تهديداً له ، وأملا نترقبه نتائجه ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
• الحدث الثاني : ذات ليلة في مارس 1990م حيث علمنا عقب أخذ أحد الزملاء من القاطع وهو (سالم هارون) وتم نقله لمكان آخر إلا أنه تمكن من إقناع الحرس بالعودة لأخذ بعض أغراضه الخاصة وحينها ذكر لزملائه في الغرفة (9) أنه شاهد عزات المقريف (أخ الدكتور محمد المقريف) داخل غرف التحقيق، وأخذوا كذلك نوري الفلاح وعماد الحصايري إلى الانفرادي، وحين سمعنا ما قاله سالم لم نستوعب الخبر وظنناه مجرد اشتباه ولكن مع الأيام ثبت الخبر حيث قام حسني مبارك بتسليم كل من : جاب الله مطر وعبدالعزيز (عزات) المقريف يوم 13 مارس 1990م وعقب ذلك حدثت عدة اعتقالات تركزت في اجدابيا والمنطقة الشرقية لتشمل حوالي أربعين معتقلا وكان على رأس المعتقلين : محمود مطر (شقيق جاب الله) وعلي وصالح شنيقط الزوي (ابني أخت جاب الله) وأحمد خنفور ومحمد فنوش وفرج عرّيش وعلي دليفة وصالح حسن وعبدالله سعيد… وعرفت القضية بمجموعة اجدابيا وهؤلاء الذين ذكرتهم التقيناهم فيما بعد وبقوا في السجن بعدنا إلى سنة 2011م قبل الثورة بأيام قليلة.
• في الثاني من أغسطس 1990 دخلت قوات الجيش العراقي إلى الكويت وأعلن صدام حسين ضمّ الكويت وإعلانها محافظة عراقية وكان هذا حدثاً كبيرا وخطيرا ألقى بظلاله وتداعياته على المنطقة وبعث جدلاّ وسجالا حادًّا امتزجت فيه المواقف بالعواطف وتوترت الأعصاب واختلت منظومة العلاقات بين الدول وحتى الأفراد، وقد عشنا شيئا من هذا داخل أقبية السجن، البعض كان يرى دخول صدام للكويت – مع الإقرار بأن صدام طاغية ومجرم – عملا وإنجازا حضاريا على صعيد توحيد الأمة، ويوجد له المبررات وحتى التأصيل الشرعي، والبعض – القليل– كان يراه عدوانا وامتداداً لسلطان الطاغية صدام على شعب يعيش أجواء تنعم بهامش من الحرية والكرامة قياسا على حال المنطقة.
وبين هذين الموقفين كان موقف ثالث رأى أنها الكارثة والفخ الذي انجر إليه العراق لتدميره وتقسيمه والقضاء على جيشه وإمكاناته ، وكان هذا الفريق يعتصر ألما وهو يرى النتيجة الحتمية، بينما كان الفريق الأول يرى بعاطفته انتصار صدام ويردد شعاراته وبطريقة تثير العجب والاستغراب والذي أثبته هنا أننا نعاني وإلى اليوم – فيما يبدو لي – مدّاً عاطفيا يصل إلى أقصى وأقسى درجات السيطرة والاستبداد تسكت أثناءه الأصوات الحكيمة العاقلة ولا تملك أن تنطق ببنت شفة وإن حاولت فهنا تكون التهم جاهزة وما أقساها من تهم لا تمت لمن ألصقت به بأدنى صلة ، لكنها حدّة المواقف وغياب الموضوعية أحيانا وعدم وجود حقيقي لثقافة الإنصاف عند الاختلاف، ثم كانت الحرب وجاء الغرب بقضه وقضيضه واصطفت الجيوش العربية في غياب الإرادة والسياسة ووحدة الأمة لتخدم هدفا ليس هو على قائمة أهدافها.
وكانت النتيجة التي نعاني آثارها وتبعاتها إلى اليوم، وكانت الصدمة والأجواء التي أشبهت أجواء هزيمة يونيو 1967م وكانت ردود الأفعال المختلفة كلٌّ بحسب تكوينه وقواعد تفكيره وقدرته على استيعاب الأحداث والمواقف الصعبة. أواخر سنة 1990م انتقلت للحجرة رقم (9) والتي كان يقيم فيها : أحمد الزبير السنوسي وعقيل رشيد المجبري وجمعة الجازوي – رحمه الله – وصالح الدلال وفي صيف 1991م وفي أحد أيام شهر يونيو دخل الحرس ليعلم الجميع في القاطعين ( الخامس الذي نحن فيه والسادس المقابل له) أن استعدوا للنقل، ونقلنا إلى القاطع الأول بجوار الباب الرئيسي للسجن العسكري وتم دمج القاطعين ليزداد العدد داخل الحجرات، ولتبدأ رحلة جديدة فك وتركيب وما إلى ذلك مما يعرفه السجناء.
وفي هذه الأثناء تم الإفراج عن عمر الحريري ونقل أيضا أسامة شلوف ليبقى مدة قبل الإفراج عنه عقب ذلك ، وبدأنا من جديد داخل القاطع الجديد تهيئة مكان الإقامة وإعداد السرير على نحو يتيح للفرد أن يحقق شيئا من خصوصياته بالقدر المتاح داخل المكان فكانت البطاطين وبقايا الشراشف وما يجلبه من يخرجون للخدمات من خشب وحديد مادّة لإعداد السرير وتغليفه حتى يشكل حماية من البرد ومعاناة الشتاء في ذلك المكان كذلك تكون للسرير ستارة متحركة بوسائل بدائية فيجد الإنسان خلوته حين يريد القراءة أو الانفراد أو النوم .
انتظمت كذلك عملية الخروج للساحة (الآريا) وبها استؤنفت حركة نشاط معروف لدى غالب السجناء : الرياضة والدراسة والنقاش وغير ذلك مما يتيحه الموقف، وخلال هذه الفترة جيء بـ جاب الله مطر وعبدالعزيز المقريف ووضعا في القاطع المقابل لنا وهنا حدث الاتصال وتبادل المعلومات عبر الرسائل ومن الأشياء المهمّة التي أذكرها هنا أن بعض الحرس كانوا متعاطفين ومتعاونين مع السجناء فيسمحون بالتواصل والاتصال حين يكون العنبر خاليا من بقية الحرس وغير ذلك من الأمور التي لو اكتشفت لكانت نتيجتها الإعدام والتنكيل.
ومما أذكره هنا أن أحد الحرس اسمه : فتحي المعرفي (ترهوني) – رحمه الله – توفي فجأة سنة 99 أو 2000م عرفته سنة 1985م حيث كان مرافقا لي حين نقلت إلى المستشفى لإتمام عمليتي الجراحية وعندما ذهب من كان معه وبقي وحده أبدى لي تعاطفه ونصحني بأن لا أشكره أمام أحد من الحرس وقال لي: إن سألوك عني فقل هو أسوأ الحرس وكان لا يخفي تخوفه وقال لي أيضا : “إن لي صغار تكفي عليهم القصعة” يشير إلى صغر سن أبنائه لدرجة أنهم يمكن أن يكونوا تحت قصعة مكفية وأنهم لا يجدون من يعولهم.
هذا الرجل قال لي ذات مرة : “كان تقولوا إن شاء الله غدوة احنى انقولوا إن شاء الله اليوم” يعني : إن كنتم تدعون الله أن يميت القذافي يوم غد فنحن ندعو أن يأخذه اليوم، لهذا الرجل أذكر موقفين : الموقف الأول : سمح لأحمد الثلثي – رحمه الله – بدخول العنبر المقابل ومقابلة جاب الله مطر وهذا عمل خطير يكلف الرجل حياته بلا شك، وقد رأيت رسالة بخط عبدالعزيز المقريف يذكر فيها عملية القبض عليه في مصر وكيفية تسليمه للقذافي خطوة خطوة وأسماء الضباط المصريين الذين تولوا هذه العملية، رأيت هذه الورقة عند المناضل عبدالله امنينة (توفي عقب الثورة بسنة) والذي تمكن من إخراج هذه الورقة أثناء الزيارات وأرسلها للدكتور المقريف في الولايات المتحدة، وكان عملا خطيراً . الموقف الثاني: سمح فتحي للدكتور ونيس الشاعري بالصعود إلى الميكروفون المحاذي لسقف القاطع ويقطع صوته وقد كان هذا الميكرفون سبب عذاب وأذى لقوة صوته ولما نسمعه من خلاله من أذى وهراء (صوت الطاغية وأغاني تعظيمه وتأليهه) .
__________________
المصدر: مذكرات الكاتب على الفيسبوك